الأحد 11/مايو/2025

خُرافة الشّوائب الديمغرافية

خُرافة الشّوائب الديمغرافية

صحيفة الخليج الإماراتية

“ليحكم الفلسطينيون أنفسهم”، تلك هي الحكمة التي لم تصدر عن مجنون كي نأخذها استجابة للموعظة المعروفة، إنها جملة ممهورة بتوقيع أحمر، ومصدرها هو نتنياهو بعد أن صمت شهراً على الأقل لينطق في واشنطن كفراً، فاليميني المتطرف والراديكالي الذي لم يعترف ذات يوم بالسلام إلا بوصفه حرباً أخرى، يطالب الفلسطينيين وبالتالي العرب كلهم ومن ثم العالم بالاعتراف بالدولة اليهودية، وهذا الاعتراف من شأنه أن يحول أكثر من مليون فلسطيني في المناطق المحتلة عام 1948 إلى شوائب ديمغرافية، لهذا سيكون السكان أحد أضلاع المثلث الذي يتعهد نتنياهو برسمه الآن، أما الضلعان الآخران، فهما حذف حق العودة من قاموس الصراع وابتلاع الأرض رغم كل ما سببته وتسببه من غثيان تختنق به أفعى البوا الصهيونية.

إنها مجرد حروف، لكنها تبحث عن نقاط ضالة ويرى نتنياهو أنه وحده القادر على وضع الحروف على النقاط بالعبرية أولاً، ثم باللغات الأخرى التي تنتهي بالترجمة إلى العربية الفُصحى.

إنها لغة فُصحى في مناخ من السياسة العامية بل الأمية بحيث تنسب الأفعال ومنها الجرائم الإبادية إلى مجهول، ما دام هناك من يحتكر الهولوكوست والدموع والأنين، حتى وهو يمسح السكين المبلل بدم الضحية بكم ردائه.

ما كنا ننتظر من هذه الزيارة إلى واشنطن غير ذلك، لأن نتنياهو إضافة إلى توليه منصب رئيس الوزراء في الدولة العبرية هو الاسم الحركي لكل ما يعنيه العُصاب العرقي والانغلاق الإيديولوجي، وسعار الاستيطان.

لم يكن يفصل بين أوباما ونتنياهو في البيت الأبيض غير ظل المدفأة التي يهجع على سطحها تراث الديمقراطية الأمريكية من جيل الرواد، وقبل أن تتحول أمريكا إلى كولونيالية كونية ترث إمبراطوريات غربت شموسها وأصبحت درداء لا تقوى على قضم تفاحة.

أوباما تشبث بمنطق الدولتين، واحتكم في خطابه إلى خارطة الطريق التي أصبحت بحاجة إلى خرائط طرق جديدة، لكن ضيفه الثقيل أشاح عن هذا الخطاب، وأقصى ما استطاع أن يتنازل عنه للفلسطينيين هو الحكم الذاتي.

لقد حمل نتنياهو إلى واشنطن إضافة إلى حقائبه الشخصية ملفاً مفعمة صفحاته السود بالتحريض فهو لا يتمنى للأزمة النووية الإيرانية أن تنتهي سلمياً ودبلوماسياً مع واشنطن، منذ أدرك أن الأجندة الأمريكية قابلة للتوظيف صهيونياً إلى أقصى الحدود بعد أن تطابقت الأجندتان على الأقل في احتلال العراق.

إننا إزاء ما سمعناه من نتنياهو في واشنطن مضطرون إلى إعادة تعريف السلام، فهو يتحدث عن شيء آخر تماماً لكن تحت قناع أخضر، وكل ما يصدر عن ساسة الدولة العبرية وجنرالاتها وحاخاماتها حول السلام سرعان ما يتضح أنه فعاليات ليلية في حفلة تنكرية، فاللغة مزدوجة وبين السطور ما هو أقوى من السطور ذاتها لأن هناك منطقاً موصداً تماماً على فكرة أسطورية، لا تقبل الجدل أو حتى التعامل التاريخي معها.

هذه الفكرة تعيد الصراع دائماً إلى المربع الأول ما دام كلام الليل يمحوه النهار بمجرد أن تشرق الشمس، والمنطق الذي يريد أن يفرض تعايشاً بين دولة يهودية خالصة وحكم ذاتي فلسطيني هو أقرب إلى السيرك السياسي.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....