مغالطات الإعلام الصهيوني

صحيفة البيان الإماراتية

منذ اللحظة الأولى لتولي حكومة «نتانياهو ـ ليبرمان» اليمينية المتطرفة بتصريحاتها المعادية للسلام الفلسطيني الإسرائيلي، والرافضة لاستحقاقاته سواء لقرارات الشرعية الدولية والعربية أو لمقررات مدريد ومبدأ الأرض مقابل السلام، أو لما يجمع عليه العالم من ضرورة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على أساس ما يعرف بـ «حل الدولتين»، يتضح بجلاء أن “إسرائيل” لا تريد مبادلة الأرض بالسلام ولا حتى مبادلة السلام بالسلام!

بل تحاول قلب المعادلات وتزييف حقائق الصراع العربي الإسرائيلي بتغيير الاصطفافات الوطنية والعربية والإقليمية لتحويله إلى صراع عربي عربي وعربي إسلامي، ومحاولة ترويج الأوهام لدى العرب بصنع «العدو البديل» والتهويل من خطره لصرف الأنظار العربية عن خطر التهديد العدواني الصهيوني على الأمن القومي العربي.

ومن يرى الألاعيب السياسية الإسرائيلية للتهرب من ضرورة الانسحاب وإنهاء الاحتلال للأراضي العربية المحتلة، ووقف عمليات التهويد في القدس وزرع المستوطنات غير الشرعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.. يرى عجباً، ومن يسمع تصريحات أركان حكومة نتانياهو الصهيونية ذات النزعة العدوانية، والتسريبات والمغالطات التي يروجها الإعلام العبري داخل “إسرائيل” وخارجها، يسمع عجباً!

إنهم يروجون مثلاً أن “إسرائيل” دولة «معتدلة»!!.. وأن الصراع في المنطقة لم يعد بين العرب والإسرائيليين بل بين «المعتدلين» و«المتطرفين»!!.. وأن الدول العربية المعتدلة و”إسرائيل” تقفان في خندق واحد ضد ما تسميه “إسرائيل” ب«الإرهاب» المتمثل في حركة المقاومة الوطنية الفلسطينية اللبنانية ضد الاحتلال، وأن للحكومات الإسرائيلية والعربية المعتدلة هدفاً مشتركاً هو محاصرة «الإرهاب»، أي المقاومة العربية والإسلامية ضد الاحتلال!!

فإذا كانت “إسرائيل بالعدوان وبالإرهاب وبالاحتلال تمثل الاعتدال فكيف يكون الاحتلال إذا؟!!!.. وإذا كان الاحتلال غير المشروع المجرم دولياً هو أعلى درجات الإرهاب، فكيف يزعم الإرهابيون أن المقاومة المشروعة ضد الاحتلال وضد إرهاب جيش الاحتلال «إرهاباً»؟.

ثم كيف يمكن لعربي شريف أو لمسلم أو لمسيحي أو حتى ليهودي شريف أن يقف في خندق واحد مع الاحتلال غير المشروع دولياً، أو مع العدوان على المقدسات الإسلامية والمسيحية غير المشروع دينياً، أو مع إرهاب الدولة الصهيونية غير المشروع إنسانياً؟، إلا أن يكون شاهد زور على كل ما هو قانوني وديني وإنساني!!

والأخطر من هذا الترويج الصهيوني لتلك البضاعة الفاسدة، هو ما يبدو في جو المعارك الصغيرة وفي ظل بعض التناقضات الفرعية في السياسات العربية والإسلامية تماهياً بالوعي أو باللا وعي، مع بعض وسائل الإعلام العبرية، ولو صح ثبوت مثل هذا الكلام الفارغ في الذكري الحادية والستين لنكبة العرب والمسلمين في فلسطين لكان ذلك الانقلاب والالتباس في المفاهيم حول حقيقة الصراع لدى هؤلاء المروجين لنكبة أخرى في ذكرى «النكبة»!.

يكفينا الآن ما أكده الأمين العام لجامعة الدول العربية من أن الخطر الحقيقي على العرب هو الخطر النووي الإسرائيلي، وما صدر من بيانات ومواقف في مجلس الشعب المصري في القاهرة على لسان نواب الشعب وممثلي الحكومة معاً من أن الخطر الأول والتهديد الأكبر للأمن الوطني المصري والأمن القومي العربي هو التهديد الإسرائيلي أولاً، وأن الخلافات الأخرى هي خلافات عارضة ومؤقتة، على عكس الأمر بالنسبة ل”إسرائيل”، وما أعلنته الحكومة المصرية لنواب الشعب المصري بأنه ليس صحيحاً أن هناك تنسيقاً بين القاهرة وتل أبيب ضد أي طرف عربي أو إسلامي.

كاتب مصري

[email protected]