غزة لمصر ـ حلم إسرائيلي مفتوح

صحيفة البيان الإماراتية
حينما يوصي وزير الشؤون الاستراتيجية رئيس الأركان السابق للجيش الإسرائيلي «موشيه يعلون» والذي يرأس «لجنة تنسيق شؤون غزة في حكومة نتانياهو» الحالية بالانفصال الكامل عن قطاع غزة، وبقطع الكهرباء والماء وإغلاق الحدود بصورة كاملة في وجه سكان قطاع غزة.
موضحاً أن على مصر أن تدرك أنها ملزمة بتزويد سكان القطاع بكافة مستلزمات حياتهم بما فيها الكهرباء والمياه والخروج والدخول عبرها وما يترتب عليه من مسؤوليات، إنما يكشف بذلك ليس فقط عن الحلم الإسرائيلي المفتوح، وإنما أيضاً عن النوايا الحقيقية التي وقفت ولا تزال وراء حروب وحصارات “إسرائيل” المفتوحة ضد غزة.
ف”إسرائيل” تريد أن تحمل مصر ملف غزة بكافة أعبائه وتداعياته بعد أن فشل مشروعها الاستيطاني هناك، وفشلت آلتها الحربية الإبادية في إخضاع أهل غزة رغم المحارق والجرائم. ولهذه النوايا الإسرائيلية علاقة مباشرة بحالة الانقسام الجيوديموغرافي ما بين الضفة وغزة.
المحلل السياسي الإسرائيلي ناحوم برنيع كتب في هذا المعنى قائلاً: «إن الخلافات الفلسطينية الداخلية التي تمنت “إسرائيل” حدوثها طوال سنوات تحدث أخيراً»، ويعرب البروفيسور درور زئيفي عن الفرحة العارمة أيضاً قائلاً: «أصبح واضحاً تماماً اليوم أنه يوجد كيانان فلسطينيان، أحدهما في غزة، والثاني في الضفة، وهذه فرصة نادرة لإسرائيل».
مضيفاً: «لو كنا علماء نخطط لتجربة في المختبر، لما استطعنا أن نخطط لتجربة أكثر نجاحاً: فلدينا جماعتان متمايزتان بوضوح، ومنفصلتان جغرافياً بلا اتصال بينهما تقريباً، تسيطر على كل واحدة منهما جماعة متجانسة نسبياً، وترفض الجماعتان محادثة بعضهما بعضاً».
أما رافي ايتام الوزير الإسرائيلي عن حزب المتقاعدين فأعلن «من الآن فصاعداً أصبح هناك كيانان فلسطينيان واحد يقع في الضفة الغربية وآخر يقع في قطاع غزة وهذا أمر جيد لنا»، مستخلصاً: «فلنترك الفلسطينيين يذوبون في عصيرهم لمدة جيل أو جيلين من عمرهم وبعد أن يعقلوا يمكن لإسرائيل حينها توقيع اتفاقية سلام معهم».
أما في التداعيات العملية على الوحدة الجيوديموغرافية الفلسطينية فكشفت يديعوت أحرونوت النقاب عن أن أولمرت ـ في عهده ـ قرر التعامل مع الضفة وغزة ككيانين منفصلين ومنع أي اتصال بينهما وهذه أصبحت حاجة ملحة، وعلى نحو مكمل أفادت «القناة الثانية» في التلفزيون الإسرائيلي «أن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز قال: «إن إسرائيل ترى في التطورات الفلسطينية» فرصة للفصل بين قطاع غزة والضفة».
وقد ذهبت الفرحة الإسرائيلية أبعد من كل ذلك بوضع علامات استفهام حتى على وجود الشعب الفلسطيني، إذ كتب د. أوفير هعبري يقول: «الشِقاق السياسي والثقافي الذي أخذ يزداد بين عرب غزة وأولئك الذين في يهودا والسامرة يثير للبحث إمكانية إقامة وحدتين سياسيتين مستقلتين ومستقبل القومية الفلسطينية عامة، لكن ـ يضيف ـ قد يكون علينا أن نسأل هل كان يوجد في مرة ما حقاً شعب فلسطيني؟.
وفي معضلة الحدود والمعابر والحصار الإسرائيلي التجويعي الشامل، وإفشاله فلسطينياً ـ في حينه ـ عبر تهديم الجدار العازل بين الرفحين الفلسطينية والمصرية، وجدت المؤسسة الإسرائيلية برمتها السياسية والعسكرية /الأمنية والإعلامية نفسها في مأزق متفاقم يوماً عن يوم، وضع القيادة الإسرائيلية تحت وطأة السؤال الاستراتيجي: مع العمل مع غزة…؟!.
في البعد الإلحاقي لملف غزة بكل أعبائه بمصر كانت الغارديان البريطانية على سبيل المثال نقلت بعض ما عبر عنه المسؤولون الإسرائيليون من «أن فتح الحدود مجدداً بين غزة ومصر أعطى الفرصة لقطع العلاقات نهائياً بهذا القطاع الصغير من الأرض الفلسطينية المكتظة»، أما الاندبندنت فأشارت إلى ما قاله مسؤول إسرائيلي بـ «أنه إذا تخلت إسرائيل عن مسؤولياتها في غزة. فإن هذا سيخفف الضغط عن الرأي العام وهيئات المعونة الدولية ويمنح إسرائيل «فرصة ذهبية» لتفعل ما أراده رئيس الوزراء السابق أرييل شارون عندما أمر قواته والمستوطنين بالانسحاب من القطاع عام 2005 وقال قولته «دعكم من غزة».
وقال الباحث المصري في الشؤون الإسرائيلية عماد جاد بأن ما حدث ينطوي أيضاً على بعد آخر وهو أن هناك مخططاً إسرائيلياً ينبغي التصدي له، ويتمثل في كون “إسرائيل” تريد ترحيل قضية غزة إلى مصر وتحويلها إلى مشكلة مصرية.
لكن السفير المصري السابق في “إسرائيل” حسن عيسى يعتقد من جهته «أن سعي إسرائيل إلى رمي جمرة قطاع غزة في أيدي مصر لن ينجح»، ووفق تراكمات المعطيات الإسرائيلية أيضاً فإن هذا التوجه الإسرائيلي يهدف إلى: «أن تتحمل مصر عبء ملف غزة امنياً واقتصادياً ومعنوياً وأخلاقياً» ما يعفي «إسرائيل» من كل هذه الأعباء، و«أما أن تقوم مصر بدورها الأمني في إغلاق الحدود والأنفاق وإحكام الحصار على غزة»، وفي الحالتين فإن «إسرائيل» تهدف إلى توريط مصر في ملف غزة»…!
لا شك أن سيناريو تحميل مصر ملف غزة يعد الأخطر وفقاً حتى لتحليلات عدد من الخبراء، إذ اعتبروا «أن التلويح الإسرائيلي بإسناد مهمة إمداد قطاع غزة بالكهرباء والماء والدواء لمصر، هو بداية لسيناريو إسرائيلي يقضي بإلحاق تبعية غزة الأمنية والاقتصادية إلى مصر، وهو ما من شأنه «توريط مصر في تحمل تبعات القطاع المنوطة بإسرائيل باعتبارها دولة احتلال، ومقدمة لإنشاء الحلم الإسرائيلي بإقامة دويلة فلسطينية في غزة وجزء من سيناء».
وشددوا على أن هذا السيناريو الإسرائيلي سيعمق «تفتيت الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويكرس الانفصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن ثم تذويب القضية الفلسطينية». ووفق السيناريو الإسرائيلي أعلاه وهو بمنتهى الخطورة فقد أصبحت مصر إذن تحت الاختبار الخطير، ومطلوب منها أن ترد على الأجندة الإسرائيلية الخبيثة: هل تريد فعلاً أن تتحمل مسؤولية ملف غزة بكافة عناوينه…؟!
الواضح من التعاطي المصري مع أحداث غزة، أنه لا يعكس استعداداً مصرياً لتحمل مسؤولية عودة غزة إلى الحضن المصري كما كان عليه الوضع قبيل احتلال القطاع عام 1967…!.
إذن ـ هناك في «إسرائيل» لديهم حسابات الحروب والاجتياحات الشاملة ضد غزة، ولديهم أيضاً حسابات إلحاق غزة بمصر والتخلص منها ـ كما أمل رابين قبل اغتياله ـ إلى الأبد…!.
كاتب فلسطيني
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...

مستشفى الكويت الميداني بمواصي خانيونس يقلص خدماته بسبب الحصار
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن مستشفى الكويت التخصصي الميداني في مواصي خانيونس عن اضطراره لتقليص عدد من خدماته الطبية، وسط الأوضاع الصحية...

جيش الاحتلال يفرض إغلاقًا على قرية المغير في رام الله
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام فرضت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، إغلاقًا على قرية المُغَيِّر شمال شرق مدينة رام الله وسط الضفة...

بوريل: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بغزة بقنابل من أوروبا
المركز الفلسطيني للإعلام أكد المسؤول السابق للسياسة الخارجية والأمن للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة، وأن نصف...