العرب والفخ الإسرائيلي

صحيفة الحياة اللندنية
أجمعت البلدان العربية، منفردة أو عبر القمم، على أن السلام مع “إسرائيل” خيار استراتيجي. أي أنها مستعدة لإقامة علاقات طبيعية مع الدولة العبرية، على أساس استعادة الحقوق العربية التي انتزعت بالقوة وعبر الحرب. وأطلقت الدول العربية مجتمعة أكثر من مبادرة لتحقيق هذا السلام، آخرها مبادرة السلام التي طرحتها السعودية في قمة بيروت العام 2002. وهي تنص على أن التطبيع مرتبط بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة (حل الدولتين) والانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، الفلسطينية والسورية واللبنانية (الأرض في مقابل السلام).
ولم تكن هذه المبادرات العربية تشكل في السابق أكثر من مجرد مواقف، يقابلها استمرار “إسرائيل” في سياسة فرض الأمر الواقع بالقوة المسلحة. وذلك بسبب الفهم الإسرائيلي للسلام بما هو رضوخ عربي للشروط الإسرائيلية، وأيضاً بسبب الدعم الدولي الكبير ل”إسرائيل” على حساب الحقوق العربية.
أما اليوم فقد اختلفت المعادلة. إذ أن السلام لم يعد خياراً استراتيجياً عربياً فحسب، وإنما أصبح حاجة وضرورة لاستقرار المنطقة وضمان مصالح القوى الدولية فيها. وباتت هناك قناعة كاملة في البلدان الداعمة ل”إسرائيل” تقليدياً في مواجهة العرب إن هذا الاستقرار لن يتحقق من دون السلام المبني على حصول الفلسطينيين على دولتهم المستقلة والانسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة. وهذا ما يجري التعبير عنه في الدول الغربية المعنية، خصوصاً أميركا وأوروبا، وفي كل المحافل الدولية خصوصاً في مجلس الأمن. وما جرت ترجمته بالبيان الرئاسي الأخير الصادر عن جلسة المجلس على مستوى وزاري، ما يعطيه قوة معنوية وسياسية تتجاوز كونه مجرد بيان.
في مواجهة هذا المناخ الدولي الجديد الذي يقترب كثيراً من مبادرة السلام العربية، تقف الحكومة الإسرائيلية اليمينية الجديدة التي لا تزال تتشبث بالمواقف التي حالت في السابق دون تحقيق السلام العادل والدائم والشامل. ويسعى رئيسها بنيامين نتانياهو إلى قلب المعادلة الدولية، سواء عبر أفكار لا تتوافق مع الحد الأدنى المطلوب أو عبر تنقلاته. فهو يتحدث تارة عن تحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين قبل الدخول في مرحلة المحادثات السياسية، وطوراً عن مكافحة ما يسميه الإرهاب الفلسطيني. وذلك في الوقت الذي يستمر على الأرض بخلق وقائع جديدة وخطيرة تطيح مسبقاً بالمحادثات السياسية.
هذا من جهة. ومن جهة أخرى، يقدم نتانياهو الملف النووي الإيراني على أنه الخطر الداهم الوحيد على المنطقة، وأن الأولوية ينبغي أن تولى لمنع إيران من التزود بالسلاح النووي. وهنا يستند نتانياهو إلى المواقف العربية المناهضة لانتشار السلاح النووي في المنطقة، ليروج للتوافق العربي – الإسرائيلي على أولوية الخطر الإيراني. وليقول أيضاً للعالم المهتم بالسلام الحقيقي إن ثمة توافقاً بينه وبين البلدان العربية على طبيعة هذه المرحلة.
ولعل في هذا المسعى الإسرائيلي يكمن أخطر ما في سياسة نتانياهو الحالية. إذ في سعيه إلى أن يكون «شريكاً» مع العرب، والعالم الغربي، في مواجهة إيران يضمر نسف التوافق الدولي على أولوية حل النزاع في الشرق الأوسط واستحقاقاته الإسرائيلية. وإذا كانت الإدارة الأميركية الجديدة، ومعها الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن، بعثوا برسائل واضحة إلى “إسرائيل” مفادها أن السلام يمر عبر حل الدولتين والانسحاب من الأراضي العربية، فإن نتانياهو يحاول أن يأخذ صدقية ما في اتصالاته العربية، خصوصاً مع القاهرة وعمّان.
وعلى العرب ألا يقعوا في هذا الفخ الإسرائيلي، عشية الزيارة الحاسمة التي يقوم بها نتانياهو لواشنطن. وبدا أن الرئيس حسني مبارك تقصّد الحديث عن الدولتين، وهو ما سيسمعه نتانياهو في عمّان أيضاً، لكن المخاوف من تدهور مفاجئ، تتحمل “إسرائيل” مسؤوليته في كل حال، ينبغي أن تصلّب الموقف العربي وتقوي التمسك بشروط المبادرة العربية كسلة واحدة للتطبيع. وفي الوقت نفسه تعرية الموقف الإسرائيلي المناهض للسلام، وعدم الانجرار إلى قلب الأولويات مهما اتسم بعض المواقف العربية بحدة إزاء الطموحات الإيرانية في المنطقة. إذ أن فرصة وجود اجماع دولي إلى جانب الحقوق العربية قد لا تتكرر في حال التهاون مع سياسة نتانياهو أو في حال مواجهة مسلحة مع إيران.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

لازاريني: استخدام إسرائيل سلاح التجويع جريمة حرب موصوفة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، إن استخدام "إسرائيل"...

24 شهيدًا وعشرات الجرحى والمفقودين بقصف محيط المستشفى الأوروبي بخانيونس
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام اسشتهد 24 فلسطينياً وأصيب عدد كبير بجراح مختلفة فيما فُقد عدد من المواطنين تحت الركام، إثر استهداف إسرائيلي بأحزمة...

المبادر المتخابر في قبضة أمن المقاومة والحارس تكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر أمنية اعترافات عميل تخابر مع الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء "مبادر مجتمعي"، لجمع معلومات حول المقاومة...

حماس: قرار الاحتلال بشأن أراضي الضفة خطوة خطيرة ضمن مشروع التهجير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي إعادة تفعيل ما يُسمّى “عملية تسجيل ملكية الأراضي...

علماء فلسطين: محاولة ذبح قربان في الأقصى انتهاك خطير لقدسية المسجد
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت "هيئة علماء فلسطين"، محاولة مستوطنين إسرائيليين، أمس الاثنين، "ذبح قربان" في المسجد الأقصى بمدينة القدس...

حماس: إعدام السلطة لمسن فلسطيني انحدار خطير وتماه مع الاحتلال
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أدانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الجريمة التي ارتكبتها أجهزة أمن السلطة في مدينة جنين، والتي أسفرت عن استشهاد...

تعزيزًا للاستيطان.. قانون إسرائيلي يتيح شراء أراضٍ بالضفة
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام تناقش سلطات الاحتلال الإسرائيلي في "الكنيست"، اليوم الثلاثاء، مشروع قانون يهدف إلى السماح للمستوطنين بشراء...