ماذا يقول أوباما لنتنياهو؟

صحيفة الوطن العمانية

قبل أيام من اجتماعه في البيت الأبيض مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بيبي نتنياهو يتلقى الرئيس أوباما قدراً كبيراً من النصائح بشأن ما ينبغي عليه أن يقول ويفعل في أول اجتماع له مع الزعيم الإسرائيلي.

في مؤتمر عقد في واشنطن هذا الأسبوع تحدث كل من زبيجنيو بيرجنسكي مستشار الأمن الأميركي السابق والأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودية السابق، وريتا هاوزر رئيسة المعهد الأميركي للسلام وغيرهم. بيرجنسكي كان أحد مستشاري أوباما أثناء حملته الانتخابية قبل فوزه بالرئاسة ولكنه أخذ دوراً ثانوياً منذ فترة بسبب غضب اللوبي الإسرائيلي عليه. وسبب الغضب هو أن بيرجنيسكي الذي عمل مستشاراً للرئيس جيمي كارتر لا يؤيد “إسرائيل” بالحماس الكافي من وجهة نظر أنصار “إسرائيل”. لكن الدكتور بيرجنسكي طالب في كلمته التي ألقاها في مؤتمر هذا الأسبوع في واشنطن بأن يحدد الرئيس أوباما رؤيته للدولة الفلسطينية بوضوح وقال إن الرؤساء الأميركيين الذين أيدوا حل الدولتين لم يحدد واحد منهم بوضوح كاف رؤيته لهذه الدولة. وقال بيرجنسكي إنه طوال تاريخ عملية السلام في الشرق الوسط لم تطرح الولايات المتحدة أبداً رؤيتها الخاصة، وإنه حان الأوان أن يفعل الرئيس أوباما ذلك وبسرعة.

أما الأمير تركي الفيصل الذي كان أيضاً سفيراً سعودياً لدى واشنطن فقد دعا الرئيس أوباما إلى إجهاض محاولات نتنياهو فرض أجندته الخاصة على الحوار. ونصح الفيصل أوباما أن يطلب من نتنياهو أن يستمع إليه وليس العكس. من المعروف أن نتنياهو يعتزم أن يغير الموضوع. ففي اجتماعه مع أوباما في البيت الأبيض سوف يربط نتنياهو التقدم في عملية السلام في الشرق الأوسط بالتقدم في التعامل الأميركي مع البرنامج النووي الإيراني.

ريتا هاوزر تتفق مع هذا الرأي وتقول على نتنياهو أن يتعلم بسرعة أن الرئيس أوباما يعني ما يقول وهو يتحدث عن حل الدولتين. هاوزر نصحت أوباما أيضاً بمخاطبة حماس في قطاع غزة، ووصفت حماس بكونها “عنصراً هاماً” على المسرح السياسي الفلسطيني وقالت إن حماس سوف تستمر في السيطرة على غزة ولذا فمن المحبذ أن تشجع حكومة أوباما على تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية بين حماس والسلطة الوطنية الفلسطينية.

وتدرك هاوزر أن أوباما سيجد من الصعب مخاطبة حماس بسبب المعارضة التي سوف يلقاها من أنصار “إسرائيل” في الكونجرس ومن اللوبي الإسرائيلي في واشنطن. لهذا تقترح هاوزر أن يلجأ أوباما إلى أوروبا في التعامل المباشر مع حماس. وتقترح هاوزر أيضاً أن تقوم المملكة العربية السعودية مع مصر بالتوسط في مفاوضات مع حماس. ولكن تركي الفيصل يشير إلى أن شعبية حماس تزايدت في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على غزة في يناير الماضي وبسبب هذه الشعبية سوف يكون من الصعب على حماس تقديم تنازلات. غير أن الحقيقة الأخرى هي أن مصر والسعودية وغيرهما من الدول العربية ترتاب في حماس لسبب آخر هو قربها من إيران واعتمادها على طهران. مصر تقول إنها حاولت بعد انتهاء حرب غزة استئناف جهودها لإرساء وقف طويل الأمد لإطلاق النار ولكن جهودها واجهت مصاعب بسبب الضغوط الإيرانية على حماس. ويقول عبد المنعم سعيد مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في القاهرة، في مقال نشرته صحيفة وول ستريت جورنال هذا الأسبوع إن وساطة مصر بين حماس وفتح لتشكيل حكومة فلسطينية واحدة تتعثر أيضاً بسبب ضغوط طهران على حماس.

إن على الرئيس أوباما أن يخبر نتنياهو بوضوح بأنه يؤيد وفاقاً بين حماس وفتح وبأنه سوف يتعامل مع حكومة وحدة وطنية تشارك فيها حماس. وعلى الرئيس أوباما أن يخبر رئيس الحكومة الإسرائيلية أنه لن ينصاع إلى تغيير الموضوع من دولة فلسطينية إلى البرنامج النووي الإيراني. بل يجب أن يقول أوباما بوضوح إن اهتماهه سوف يستمر مركزاً على حل الدولتين. وكما اقترح بيرجنسكي يجب أن يطرح أوباما رؤيته للدولة الفلسطينية بتفصيل ووضوح.

العالم يفهم ما تعنيه هذه الرؤية: إزالة المستوطنات غير المشروعة، وانسحاب “إسرائيل” إلى حدود عام 1967 مع تعديلات طفيفة متبادلة بين الفلسطينيين و”إسرائيل”، وتصميم الحدود في القدس بصورة أو أخرى بحيث تكون عاصمة فلسطين في القدس الشرقية. ثم حل عادل للاجئين يشمل تعويضات مالية كبيرة لمن أزيحوا من بلاهم وبيوتهم.

العالم يفهم هذه الرؤية بوضوح.

أوباما الآن في حاجة إلى الحديث عنها بوضوح.