الثلاثاء 06/مايو/2025

ارتباك إسرائيلي!

ارتباك إسرائيلي!

صحيفة الوطن العمانية

عاد نتنياهو ليصر على شرطه بضرورة اعتراف الفلسطينيين بيهودية دولة “إسرائيل” قبل بدء مفاوضات التسوية معهم وقبل اعتراف “إسرائيل” بحل الدولتين… هذا ما أعلنته الإذاعة الإسرائيلية (الاثنين 27/4)، كما أعلنت: أن هذا الشرط سيكون جوهر الخطة السياسية الجديدة التي يعكف ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلية على إعدادها، والمقرر أن ينتهي منها خلال الأيام المقبلة، وذلك بطلب من باراك وتمهيداً لقيام نتنياهو بعرضها على الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال اجتماعهما المزمع عقده في البيت الأبيض في مايو.

معروف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي قد وضع هذا الشرط في بداية تسلمه لمهام منصبه، ثم عاد وتراجع عنه، وما لبث أن عاد إليه!.

من زاوية ثانية، ذكرت مصادر إسرائيلية عديدة، أن خطة نتنياهو الجديدة تقوم على رفض عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى داخل الأراضي الإسرائيلية، كما ترفض “إسرائيل” -بحسب الخطةـ وجود جيش فلسطيني، وتطالب بحماية مصالحها الاستراتيجية الخاصة بموارد المياه في الأراضي الفلسطينية.

في سياق متصل ، ذكرت صحيفة معاريف(الأثنين 27/4) أن نتنياهو سيقبل ضمن خطته السياسية الجديدة بعد طرحها على مجلس الوزراء صيغة توفيقية تقضي بقبول مبدأ حل الدولتين إلى جانب فرض بعض القيود والشروط الأمنية على الجانب الفلسطيني.

على صعيد آخر، صرّح وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في مقابلة له مع صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية الناطقة بالإنجليزية (الأحد 26/4): أن من المستحيل حل النزاع مع الفلسطينيين أو حل أية مشكلة في المنطقة قبل تسوية المشكلة الإيرانية (وتطويع) طهران.

في غضون ذلك أيضاً، وكما أعلنت الأنباء الإسرائيلية، شهد الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء الإسرائيلي(الأحد 26/4) نقاشاً حاداً واختلافاً بين ليبرمان وباراك، فالأخير يؤيد إجراء مفاوضات مع سوريا، بينما الأول يعلن موقفاً معارضاً منها.

مما سبق، يتبين بما لا يدع مجالاً للشك: أن الوزارة الإسرائيلية الحالية تفتقد إلى التجانس السياسي، فإذا كان أعضاؤها ينسجمون بالمعنى الاستراتيجي سوى من بعض التفاصيل الصغيرة، فإنهم مختلفون فيما يتعلق بممارسة التكتيك السياسي، كما أن من الواضح بالنسبة لنتنياهو ومواقفه إبّان الحملة الانتخابية وهي أيضاً كانت في منتهى التشدد واليمينية، لكن واقعه كرئيس لوزراء “إسرائيل” يحتم عليه امتلاك برنامج سياسي للحل مع الفلسطينيين والعرب مع اقتراب زيارته للولايات المتحدة، وكذلك إصرار دول الاتحاد الأوروبي على موقف عدم تطوير العلاقات مع “إسرائيل” إلاّ من خلال اعترافها بمبدأ حل الدولتين، وهو القاسم المشترك بين مختلف الاتجاهات السياسية الدولية فيما يتعلق بحل الصراع العربي – الصهيوني، الأمر الذي جعل نتنياهو مضطراً لامتلاك مبادرة سياسية إسرائيلية يخاطب بها المجتمع الدولي، وهو ما أدّى إلى ارتباك سياسي إسرائيلي واضح بين وضع الاشتراطات والعودة عنها ثم الرجوع إليها وكذلك هذا التضارب في مواقف وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين، الأمر الذي حدا بمراقبين سياسيين كثيرين: إسرائيليين وغيرهم إلى توقع تفكيك الائتلاف السياسي الإسرائيلي الحالي، ومنهم المعلق البارز إيتان هابر الذي توقع ذلك في مقالة له في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية (الجمعة 24/4).

من ناحية أخرى، وكدليل على أن مبادرة نتنياهو التي يعكف على أعدادها وصياغتها كل من رئيس مجلس الأمن القومي عوزي أراد ورئيس دائرة الإعلام في ديوان رئاسة الحكومة وممثلين اثنيْن سمّاهما وزير الخارجية ليبرمان، ليست أكثر من مناورة سياسية يخاطب فيها المجتمع الدولي، كتب المعلق السياسي الإسرائيلي البارز جدعون ليفي في مقالة له في صحيفة هآرتس (الأربعاء 22/4) ما يلي (بعد اعتراف الفلسطينيين ب”إسرائيل” كدولة يهودية سيأتي بالتأكيد مطلب الاعتراف بيوم السبت كيوم إجازة، ومن بعده مطلب آخر باعتراف الفلسطينيين بقوانين يهودية أخرى…. ويستطرد… نتنياهو يحاول ابتزاز اعتراف جديد من الفلسطينيين بلا داع. الاعتراف الوحيد المطلوب الآن هو اعتراف “إسرائيل” بالفلسطينيين كبني بشر، وإن تحقق ذلك فسيصبح كل ما تبقى سهلاً على الحل).

كافة الدلائل تشير، إلى أن الارتباك السياسي الإسرائيلي الحالي هو ليس حالة مؤقتة، وإنما هو حالة دائمة طالما بقي الائتلاف الحكومي كما هو، فإذا امتلك نتنياهو أساليب المناورة السياسية على صعيد التسوية مع الفلسطينيين والعرب، فإن ليبرمان وأطراف الائتلاف اليميني الفاشي الآخرين لا يمتلكون (أو على الأصح هم لا يريدون امتلاك) المناورات السياسية، فكل شيءٍ بالنسبة إليهم في منتهى الوضوح، وهم قبل أن يدخلوا ويشاركوا في هذا الائتلاف وقعوا على اتفاقيات مع نتنياهو إن بالنسبة لاستمرارية الاستيطان أو القدس أو حل الدولتين أو بالنسبة أيضاً إلى الانسحاب من الجولان أو الربط بين حل المسألتين الفلسطينية والإيرانية، الأمر الذي يفتح الأبواب على مصاريعها أمام ارتباكات سياسية إسرائيلية جديدة!.

كاتب فلسطيني

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات