الأحد 11/مايو/2025

نتنياهو… والانحناء للعاصفة!

نتنياهو… والانحناء للعاصفة!

صحيفة الشرق القطرية

أعلنت رئاسة الوزراء الإسرائيلية في بيان لها، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مستعد لاستئناف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين دون شروط.

من ناحية ثانية، أعلن ناطق إسرائيلي أن الحكومة الإسرائيلية بصدد تبني، مبادرة سلمية استجابة لوجهة نظر وزير الدفاع إيهود باراك.

الخبر الأول حول نتنياهو فيه إيحاء بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي تخلى عن شرطه بضرورة اعتراف الفلسطينيين بيهودية دولة “إسرائيل” قبل الحديث عن مفاوضات للتسوية معهم.

يتذاكى رئيس الحكومة الإسرائيلية في تصريحاته الجديدة عن السلام، الأمر الذي يتقاطع مع الخبر الثاني عن مبادرة سلمية للحكومة قد تعلنها قريباً.

الأمران فيهما من التكتيك السياسي الشيء الكثير، فأمام إصرار المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل على حل الدولتين، وأمام تأكيد الرئيس أوباما على هذا الحل في لقائه مع العاهل الأردني، إضافة إلى ما أعلنه الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض: بأن الرئيس الأمريكي سيوجه الدعوة إلى كلٍّ من الرئيسين حسني مبارك ومحمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي، لزيارة البيت الأبيض في يونيو القادم، وأمام التصريحات الأوروبية المطالبة بحل الدولتين، جاءت المسرحية الهزلية الإسرائيلية في مراوغة حقيقية بتصريحات سياسية هدفها الانحناء للعاصفة فليس على الكلام والتصريحات من ضريبة يدفعها صاحبها، الأمر الذي يبقيها في باب الاستهلاك السياسي والإعلامي، وفي نفس الوقت وضع العصي في دواليب التسوية العادلة، وبذلك يكسب نتنياهو وتحالفه الفاشي و”إسرائيل” الزمن، وهو العامل الذي يلعب به الإسرائيليون منذ مؤتمر مدريد أبان رئاسة إسحاق شامير للحكومة وحتى هذه اللحظة.

أقوال رئيس الحكومة الإسرائيلية تخالفها أفعال “إسرائيل” على أرض الواقع وكذلك بعض التصريحات لمسؤولين إسرائيليين، فمن جهة أقرت الحكومة الإسرائيلية مشروعاً استيطانياً جديداً يكلف الخزينة ملياراً ونصف المليار دولار، يجري تنفيذه في القدس والضفة الغربية على مدى خمسة أعوام، وهو مشروع الاستيطان الأكبر الذي ستبنيه “إسرائيل” منذ عام 1948، وذلك وفقاً لما وصفه مدير دائرة الخرائط والمساحة في بيت الشرق في القدس خليل التوفكجي، هذا بالإضافة إلى نوايا “إسرائيل” هدم 1700 بيت في القدس الشرقية وسحب مواطنة 20 ألفاً من فلسطينيي بيت المقدس للعام 2009، فقد تم تسليم إشعارات موقعة من بلدية القدس لأصحاب تلك البيوت من أجل إخلائها، وقد اتهمت الناشطة الإيرلندية الشمالية ميريد ماغير، الحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 1976 “إسرائيل” بممارسة التطهير العرقي في القدس.

ومن جانب آخر، صرح أفيغدور ليبرمان في حشدٍ من موظفي وزارة الخارجية التي يرأسها بأن المبادرة العربية للسلام هي وصفة من أجل تدمير “إسرائيل”.

على صعيد آخر، فإن كافة الصحف الإسرائيلية تحدثت في يومي 22،21 من أبريل الحالي، عن ربط الحكومة الإسرائيلية بين الملفين الإيراني والفلسطيني العربي، قبل الدخول في تسوية مع الفلسطينيين أو العرب. هذا فيض من فيض مما تنفذه الحكومة الإسرائيلية الحالية على أرض الواقع، بالتالي فأين تصب التصريحات الجديدة لنتنياهو أو المبادرة السلمية التي ستتبناها حكومته؟ إنه كلام، مجرد كلام لذر الرمال في العيون، ليس إلاّ.

من زاوية ثانية، فحتى لو تبنى نتنياهو حل الدولتين، فتصوره بالنسبة للدولة الفلسطينية يتمثل في دولة كانتونات معزولة أجزاؤها بعضها عن بعض بفعل الجدار العازل، دولة بدون القدس الشرقية، باعتبار القدس (العاصمة الأبدية الموحدة لإسرائيل)، دولة بدون حق العودة للاجئين الفلسطينيين، دولة ليست على حدود عام 1967، دولة تقام على ما تبقى من الضفة الغربية بعد الاستيطان والمشاريع الاستيطانية الجديدة الأخرى، دولة تتحكم إسرائيل في معابرها وفي سمائها وفي مياهها وما تحت أرضها، ومثلما سبق وأن قال رابين عنها: حتى لو جرت تسميتها بـ إمبراطورية فلسطين فما ضير “إسرائيل” في ذلك؟ دولة حكم ذاتي باختصار شديد، سلطتها تشرف على القضايا الحياتية للسكان في ظل مشروع تنموي لها يطرحه نتنياهو فيما يسمى بسلامة الاقتصاد، دولة تعمل على حماية الحدود الإسرائيلية وذلك وفقاً لمفهوم الأمن الإسرائيلي وعقيدة الأمن الإسرائيلية.

الذي يتوجب التحذير منه مسألتين: أن يتوهم البعض بإمكانية قيام خلاف جذري بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية في موضوع التسوية، فبالرغم من قناعة الإدارة الأمريكية بحل الدولتين، غير أنها لن تمارس ضغوطاً من أي نوع على “إسرائيل” لقبول هذا الحل، فرأي الرئيس أوباما بالنسبة للمبادرة العربية وكما عبّر عنه: أنها تحتوي بعض العناصر الإيجابية لكن بعض بنودها الأخرى بحاجة إلى تمحيص وتغيير، وهذا الموقف يشابه تماماً موقف الحكومة الإسرائيلية السابقة.

المسألة الثانية، أن ينخدع بعض الفلسطينيين والعرب بالتصريحات الجديدة لنتنياهو وبالمبادرة السلمية الإسرائيلية في ظل هذه الحكومة الإسرائيلية اليمينية الفاشية، ويقوموا باستئناف مفاوضات التسوية واللقاءات معها، والتي لن تكون سوى مفاوضات عبثية وبلا جدوى، ويكون والحالة هذه، أن هذا البعض قد ساهم في تمرير فاشية أعضاء هذه الحكومة ورئيسها (الأكثر يمينية من ليبرمان) إلى الشارع الفلسطيني والعربي.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات