الأحد 11/مايو/2025

مواقف أوروبا من جهود السلام

مواقف أوروبا من جهود السلام

صحيفة الوطن العمانية

لا جدال في أن بريطانيا خاصة، والدول الأوروبية عامة، هي صانعة “إسرائيل”، وحاضنتها الدائمة، منذ قيامها كياناً سرطانياً في قلب الوطن العربي، باغتصاب فلسطين عام 1948. وقد وفرت لها أوروبا من الدعم والتأييد والمؤازرة والحماية الشيء الكثير، في الأربعينيات والخمسينيات بشكل خاص، وعلى مدى العقود المنصرمة حتى الآن.

غير أن هذا الدور الأوروبي الذي لم يتراجع عنه أي من الحكومات الأوروبية المتعاقبة، لا يروق للحكومة الإسرائيلية الحالية لمجرد أن بعض المنظمات الشعبية الأوروبية (وليس الحكومات) وجهت انتقادات حادة إلى الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وجرائم الحرب خلال العدوان الأخير على غزة مؤكدة رفض الحصار والقتل والتدمير.

وفي الوقت الذي تتطلع فيه حكومة نتنياهو اليمينية الأكثر تطرفاً، والتي ترفض عملية السلام الجارية في المنطقة (جملة وتفصيلاً) إلى دور أميركي أكثر دعماً لها، قبل أن يتوجه رئيسها نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأميركية للقاء الرئيس أوباما، بدعوة منه، في الشهر القادم، فإن الدور الأوروبي في عملية السلام الذي تراجع كثيراً خلال السنوات الثلاث الماضية ـ على الأقل ـ لا يحظى بقبول إسرائيلي بدعوى أن أوروبا باتت منحازة إلى العرب والفلسطينيين. وهو زعم مبالغ فيه، من الجانب الإسرائيلي لغايات (فرملة) الموقف الأوروبي المتأثر ـ ولو قليلاً ـ بآثار العدوان على غزة، وبمشاعر الشعوب الأوروبية التي أبدت شيئاً من التعاطف مع ضحايا العدوان من الفلسطينيين على الصعيد الإنساني.

وقد جاء التحذير الأوروبي (اللطيف) لحكومة نتنياهو من أنها ستعلق (أي أوروبا) تطوير علاقاتها مع “إسرائيل” إذا رفضت الالتزام بمبدأ (حل الدولتين) في إطار مساع أوروبية جديرة بالنهوض بدور أكثر فعالية على المستويين الدولي والإقليمي (الشرق أوسطي).

وهو (تحذير) واجه رفضاً إسرائيلياً شديد اللهجة، على الرغم من أن نتنياهو لم يتحدث حتى الآن عن (حل الدولتين) واكتفى بشروط حكومته للتفاوض مع الفلسطينيين التي كان أبرزها الاعتراف ب”إسرائيل” دولة يهودية، والتخلي عن المطالبة بعودة اللاجئين الفلسطينيين، وهي شروط لم يعد يكررها نظراً لاصطدامها بالرغبة الأميركية التي تؤكد على الالتزام بحل الدولتين، ويبدو أنه توقف عن تكرارها إلى أن يلتقي الرئيس أوباما لشرح وجهة نظره.

وعل الرغم من ذلك كله، فقد كان الموقف الأوروبي الداعم والمؤيد ل”إسرائيل” والحركة الصهيونية أوضح ما يكون في مؤتمر مكافحة العنصرية في جنيف (دوربان ـ 2) حيث قاطعته بعض الدول الأوروبية وانسحبت منه دول أخرى احتجاجاً على كلمة الرئيس الإيراني التي انتقد فيها عنصرية الصهيونية بشدة.

ومع أن هناك تبايناً في شدة التزام الدول الأوروبية بأمن “إسرائيل” ودعمها لسياساتها، فإنها تتبارى وتتنافس في التقرب من الدولة العبرية وتتفق تماماً على دعم أهدافها، والدفاع عنها بدون تحفظات.

غير أن هذا الالتزام بأمن “إسرائيل” ووجودها وحمايتها، لا يعني أن الدول الأوروبية أغفلت حقوق الفلسطينيين خاصة وأن أول اتفاقية رسمية مباشرة بين “إسرائيل” والقيادة الفلسطينية عقدت في أوسلو عام 1993. كما أن معظم المؤتمرات التي تناولت الصراع في الشرق الأوسط (الصراع العربي ـ الإسرائيلي) كانت تعقد في عواصم أوروبية مثل مؤتمر مدريد 1991 و1992، وقبله مؤتمر جنيف في أواخر 1973، وفي هذه المؤتمرات كان يجري التأكيد على حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، والدعوة لإقامة دولة فلسطينية إلى جانب “إسرائيل”. غير أن الدول الأوروبية ظلت متراخية في إدانة الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية والعربية وخصوصاً توسيع الاستيطان في القدس والضفة الغربية والجولان.

ولا شك في أن دول الاتحاد الأوروبي تسعى إلى موقف أكثر توازناً من الموقف الأميركي الأكثر انحيازاً إزاء العرب والفلسطينيين غير أن مثل هذه المساعي لم تتعزز على أرض الواقع وظلت (حبراً على الورق). فهل سنشهد في المستقبل القريب تغيراً ملحوظاً في هذا الموقف الأوروبي؟! أم سيكتفون بدورهم المحدود من خلال اللجنة الرباعية الدولية؟!.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات