السبت 10/مايو/2025

هل يمكن لأميركا معاقبة إسرائيل؟

هل يمكن لأميركا معاقبة إسرائيل؟

صحيفة الوطن العمانية

من أبرز الأصوات الأميركية الداعية إلى سياسة أميركية مختلفة نحو “إسرائيل” صوت البروفسور ستيف والت الأستاذ الجامعي والمؤلف الذي يعتقد أن اللوبي الإسرائيلي يمارس نفوذاً مضراً بالمصالح الأميركية، وأن هناك حاجة إلى انتقاد “إسرائيل” علناً بدون أن يتعرض من ينتقدونها إلى انتقام من هذا اللوبي القوي. في مقال كتبه هذا الأسبوع يتساءل البروفسور والت عما ينبغي أن تفعله حكومة الرئيس أوباما إزاء رفض بنيامين نتنياهو حل الدولتين الذي يعني قيام دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو هدف أعلن الرئيس أوباما أنه ملتزم بتحقيقه لأنه يشكل مصلحة قومية أميركية. الجواب هو أن على الولايات المتحدة أن تخدم مصالحها وأهدافها بانتهاج سياسة متعادلة بين الفلسطينيين و”إسرائيل” وبالضغط على الطرفين معاً من أجل التوصل إلى اتفاق. ويحدد البروفسور والت ماهية الضغوط التي يمكن للولايات المتحدة أن تبذلها على إسرائيل”، ويقول إن الضغوط الأميركية على الفلسطينيين معروفة ومارستها حكومات أميركية متعاقبة. المطلوب الآن هو بحث ماهية الضغوط التي يمكن أن تكون فعالة وتدفع “إسرائيل” نحو حل الدولتين. يقترح الدكتور والت أن تستبدل الولايات المتحدة (العلاقة الخاصة) بينها و”إسرائيل” بعلاقة (عادية) مثل علاقاتها مع بقية دول العالم حيث تنتقد أميركا هذه الدول علناً في بعض الأحيان. ويعتقد أيضاً أن أميركا يجب أن تستمر في التزامها بأمن “إسرائيل” ولكنها يجب في الوقت نفسه أن تستخدم أدوات الضغط المتاحة لها لتحقيق حل الدولتين.

هذه الفكرة التي يدعو إليها البروفسور والت تتمتع بتأييد متزايد تدريجياً. قبل عدة أسابيع أصدرت لجنة متميزة في مجال السياسة الخارجية توصية إلى الرئيس أوباما تدعوه فيها إلى الانخراط الفوري في جهود مستدامة وحثيثة لحل النزاع العربي الإسرائيلي. هذه اللجنة يرأسها مستشار الأمن القومي الأميركي السابق برنت سكروكروفت ، قالت في توصيتها إن النجاح في هذا الصدد يتطلب مزيجاً من الإقناع والحوافز والمكافآت والضغوط. وفي الأسبوع الماضي دعت مجلة إيكونوميست المرموقة الرئيس أوباما إلى تخفيض حجم المساعدات الأميركية ل”إسرائيل” إذا استمرت حكومة نتنياهو في رفض حل الدولتين. وهذا الأسبوع أعربت صحيفة بوسطن جلوب عن وجهة نظر مشابهة وحثت الرئيس أوباما على أن يخبر نتنياهو بأن عليه أن يأخذ كافة الخطوات اللازمة لتحقيق السلام وإلا خاطر بتقويض العلاقة الخاصة مع الولايات المتحدة. وهذا الأسبوع أيضاً نشرت صحيفة هآرتز الإسرائيلية تقريراً يقول إن حكومة أوباما أبلغت زعماء الكونجرس الأميركي بالاستعداد لمواجهة محتملة مع حكومة نتنياهو.

هذه التطورات دفعت البروفسور والت إلى التفكير في الترجمة العملية لسياسة أميركية متعادلة بين “إسرائيل” والفلسطينيين. ما هو شكل هذه السياسة وكيف يمكن أن تأتي بثمار عملية؟ أو بمعنى آخر ما هي الضغوط والعقوبات الأميركية التي يمكن أن تسفر عن نتائج في التعامل مع حكومة نتنياهو؟ لا ينصح البروفسور والت الحكومة الأميركية بما ينبغي أن تكون عليه الضغوط على الفلسطينيين لأن هذه الضغوط قائمة ومستمرة منذ السبعينات. ولكن الجديد هنا هو كيفية الضغط على “إسرائيل”. فالولايات المتحدة نادراً ما بذلت ضغوطاً على الحكومات الإسرائيلية، وحتى في تلك الحالات النادرة كانت هذه الضغوط خفيفة بالرغم من “إسرائيل” في بعض الحالات عارضت الموقف الأميركي المعلن. على سبيل المثال، كانت الضغوط الأميركية خفيفة بشأن بناء المستوطنات اليهودية والتوسع فيها في الضفة الغربية حتى والولايات المتحدة تعلن أنها تعارض سياسة الاستيطان الإسرائيلية.

والسؤال الذي يطرحه البروفسور والت هو: ما الذي يجب أن يفعله الرئيس أوباما لو استمر عناد حكومة نتنياهو؟ وهل هناك وسائل ضغط أميركية يمكن دفع “إسرائيل” بعيداً عن هدفها المتمثل في (إسرائيل الكبرى) ونحو حل الدولتين. الجواب هو نعم. هناك عدة أفكار يقترحها البروفسور والت من بينها الحد من حجم المساعدات، وتغيير نبرة الخطاب، وتأييد قرار لمجلس الأمن الدولي يدين الاحتلال، وتخفيض الترتيبات القائمة اليوم في مجال التعاون الاستراتيجي، والحد من استيراد الولايات المتحدة للمعدات العسكرية الإسرائيلية، والتشدد مع الشركات والمؤسسات الأميركية التي تتعاون مع سياسة الاستيطان الإسرائيلي، ووضع مزيد من القيود على ضمانات القروض، وتشجيع حلفاء أميركا على ممارسة نفوذها لدى “إسرائيل” في الوقت نفسه.

يطرح البروفسور الأميركي ستيف والت مجموعة من أدوات الضغط التي يمكن لحكومة الرئيس أوباما استخدامها لإرغام رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديدة بنيامين نتانياهو على قبول حل الدولتين، أي قيام دولة فلسطينية جنباً إلى جنب مع إسرائيل”.

تخفيض حجم المساعدات: تحصل “إسرائيل” سنوياً على حوالي 3 بلايين دولار من المساعدات الاقتصادية والعسكرية، أي بواقع خمسمائة دولار لكل مواطن إسرائيلي. ولكن البروفسور والت لا يوصي بالبدء باستخدام هذا السلاح في البداية لأن من شأنه إثارة مواجهة قبيحة وعلنية مع الكونجرس الأميركي الذي يتعاطف مع نفوذ اللوبي الإسرائيلي في أميركا.

تغيير نبرة الخطاب: يقترح البروفسور والت أن تبدأ حكومة أوباما في استخدام لغة مختلفة لوصف السياسات الإسرائيلية. على سبيل المثال يمكن لحكومة أوباما أن تصف المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية بأنها غير قانونية أو غير مشروعة، أو بأنها انتهاك للقانون الدولي. كانت حكومات أميركية سابقة قد وصفت المستوطنات بأنها غير قانونية ولكن هذا الوصف سقط من قاموس التعبيرات السياسية الأميركية في السنين الأخيرة. بل ويمكن للدبلوماسيين الأميركيين أن يصفوا الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بأنه يتناقض مع الديموقراطية.

تأييد قرار للأمم المتحدة يدين الاحتلال: منذ عام 1972 استخدمت الولايات المتحدة الفيتو ضد ثلاثة وأربعين قراراً لمجلس الأمن الدولي ينتقد “إسرائيل”. إذا كان الرئيس أوباما يريد إرسال رسالة إلى “إسرائيل” باستيائه من السياسات الإسرائيلية فإن بإمكانه أن يتبنى قراراً في مجلس الأمن يدين الاحتلال ويؤيد حل الدولتين.

تخفيض ترتيبات التعاون الاستراتيجي الراهنة. هناك اليوم عدة ترتيبات مؤسساتية بين وزارتي الدفاع الأميركية والإسرائيلية للتعاون الأمني والاستخباراتي. ويمكن لحكومة أوباما أن تؤجل أو تعلق بعض هذه الاجتماعات أو أن ترسل ممثلين عنها على مستوى منخفض. وهناك سابقة بالفعل في هذا الصدد عندما علق الرئيس ريجان هذه الاجتماعات الاستراتيجية على أثر الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982.

الحد من استيراد المعدات الحربية الإسرائيلية: بالإضافة إلى المساعدات العسكرية الأميركية ل”إسرائيل” تشتري وزارة الدفاع الأميركية معدات حربية إسرائيلية وخدمات أخرى مقدارها ملايين الدولارات. وفي ظل الانكماش الاقتصادي العالمي الذي أثر أيضاً على “إسرائيل” يمكن للرئيس أوباما أن يحد أو يبطئ من هذه المشتريات لإرسال رسالة قوية إلى المؤسسة العسكرية والصناعية في “إسرائيل”.

التشدد مع المنظمات الخاصة التي تؤيد أنشطة الاستيطان. كثير من التبرعات المالية الأميركية للجمعيات الخيرية في “إسرائيل” تتمتع بإعفاءات ضريبية، بما في ذلك المنظمات التي تدعم أنشطة الاستيطان. هذا أمر غير معقول لأن هذا يعني أن دافعي الضرائب الأميركيين يمولون بصورة مباشرة أنشطة الاستيطان. ومثلما قمعت الحكومة الأميركية المنظمات الخيرية التي دعمت أنشطة إرهابية، يمكن لحكومة أوباما قمع المنظمات التي تبعث بتبرعاتها لتمويل المستوطنات ومنها منظمات الجماعات المسيحية الصهيونية.

وضع قيود على ضمانات القروض: الولايات المتحدة قدمت بلايين الدولارات ل”إسرائيل” على شكل ضمانات قروض تساعدها على الحصول على قروض من البنوك التجارية بأسعار فائدة منخفضة. في عام 1992 حجب الرئيس بوش الأب عشرة بلايين دولار من ضمانات القروض عن “إسرائيل” إلى أن توقفت “إسرائيل” عن بناء المستوطنات وشاركت في مؤتمر مدريد للسلام. هذا الصدام بين بوش الأب ورئيس الحكومة الإسرائيلية إسحق شامير أسفر عن سقوط حكومة شامير وبروز إسحق رابين الذي انخرط مع الفلسطينيين في اتفاقات أوسلو. من الممكن لحكومة أوباما أن تفعل الشيء نفسه اليوم.

تشجيع حلفاء أميركا على بذل نفوذها: في الماضي ضغطت الولايات المتحدة على دول عديدة لتطوير علاقاتها مع “إسرائيل”. ولكن حكومة أوباما يمكنها اليوم حث الاتحاد الأوروبي ودول أخرى مثلاً على عدم تطوير علاقاتها مع “إسرائيل” إلى أن تقبل الحكومة الإسرائيلية حل الدولتين.

هذه بعض الأدوات المتاحة للرئيس أوباما للضغط على رئيس الحكومة نتنياهو إذا استمر في رفض قيام دولة فلسطينية.

ولكن قبل اللجوء إلى بعض هذه الأدوات يجب أن ينسق أوباما أولاً مع الكونجرس لتحاشي مواجهات مع أنصار “إسرائيل” فيه، ومع أنصار إسرائيل” خارج الكونجرس. يجب على الرئيس أوباما أن يشرح بصورة موسعة لهؤلاء كيف أن حل الدولتين يخدم المصلحة القومية الأميركية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...