هل بدأت المواجهة الأميركية الإسرائيلية؟

صحيفة البيان الإماراتية
جاء الإعلان عن احتمال تورط عضو مجلس النواب الأميركي جين هارمان في مساعدة رجلي إيباك المتهمين بتسريب معلومات سرية ل”إسرائيل” في توقيت مناسب للجو العام الذي يحتاجه أوباما في واشنطن.
فهو توقيت يسمح لهذه القضية أن تصبح غطاء سياسياً معقولاً في أية مواجهة محتملة بين إدارة أوباما وحكومة نتانياهو. فالتوتر المكتوم في العلاقة بين الطرفين راح يخرج للعلن في أشكال مختلفة خلال الأسابيع القليلة الماضية الأمر الذي يحتاج معه الرئيس الأميركي؟ أي رئيس ـ لغطاء سياسي في مواجهة دولة يدعمها واحد من أعتى جماعات المصالح الأميركية وأكثرها نفوذاً.
أما قصة النائبة الديمقراطية هارمان فقد نشرت الصحف مؤخراً أن الاستخبارات الأميركية كانت قد سجلت في 2005 حديثاً هاتفياً دار بينها وبين عميل للمخابرات الإسرائيلية كان تحت المراقبة وقتها، أبدت فيه هارمان استعدادها للتدخل لدى إدارة بوش لتخفيف الملاحقة القضائية لاثنين من رجال إيباك ـ لوبى “إسرائيل” في واشنطن ـ صدر في حقهما قرار إدانة اتهمها بالسعي للحصول على معلومات أميركية سرية وتسريبها لدولة أخرى هي “إسرائيل”.
وجين هارمان واحدة من أهم أنصار “إسرائيل” في مجلس النواب وأحد أعضاء لجنة الاستخبارات بالمجلس. وكان القاصي والداني يعلم في ذلك الوقت أن هارمان كانت ترغب في تولي رئاسة اللجنة إذا ما فاز الديمقراطيون بالأغلبية في انتخابات 2006 وأنها كانت تدير حملة محمومة بين زملائها لحشد التأييد للحصول عليه.
وتقول تقارير الصحف إن عميل المخابرات الإسرائيلية وعد هارمان في تلك المحادثة الهاتفية بأنها إذا ما ساعدت رجلي إيباك فإن المنظمة سوف تقدم المزيد من التمويل لحملات الديمقراطيين الانتخابية وتضغط مقابل ذلك من أجل حصول هارمان على المنصب المذكور.
الجدير بالذكر أن تسجيل تلك المحادثة الهاتفية كان معناه فتح تحقيق ضد هارمان والذي يتم معه عادة إخطار قيادات الكونغرس بما يجري حتى يتم حجب المعلومات الحساسة عن العضو الخاضع للتحقيق طوال فترة التحقيق معه، خصوصاً وأن هارمان كانت عضواً في لجنة الاستخبارات التي تعرض عليها في الأصل المعلومات الأكثر حساسية على الإطلاق.
لكن أيا من ذلك لم يحدث. فقد تدخل وزير العدل وقتها شخصياً للحيلولة دون حدوث أي من ذلك، لأنه كان في حاجة لمساعدة هارمان لإقناع النيويورك تايمز بالعدول عن نشر المعلومات التي كانت وصلتها بشأن برنامج بوش للتنصت على الأميركيين دون إذن قضائي. وبالفعل تدخلت هارمان في ذلك الصدد ونجحت جهود وزير العدل في تأجيل نشر الموضوع عدة أشهر تحت ذريعة الأمن القومي وإن كانت النيويورك تايمز قد نشرته لاحقاً في أواخر 2005.
أما قضية التجسس التي تورط فيها مسؤولو إيباك، والتي ظل قرار إحالتها إلى المحاكمة يتأجل لسنوات، فمن الواضح أنها لن تحال إلى المحاكم من أساسه. فرغم أن إيباك كانت قد فصلت الرجلين بمجرد صدور قرار الاتهام ضدهما ونأت بنفسها تماماً عنهما إلا أنه لم يكن من مصلحتها على الإطلاق أن تتم محاكمتهما لأن تلك المحاكمة من شأنها أن تفتح ملف إيباك وتجعله عرضة طوال فترة المحاكمة ـ التي قد تستمر سنوات ـ لتمحيص الإعلام والحقوقيين.
فدفاع المتهمين كان ينوي منذ البداية أن يبني دفاعه على ركيزة أساسية مؤداها أن ما فعله الرجلان من نقل معلومات إلى الحكومة الإسرائيلية كان أمراً روتينياً طالما اعتادت إيباك أن تفعله. وبدأ الدفاع فعلاً في تنفيذ تلك الخطة فانتزع من المحكمة أكثر من قرار كان آخرها السماح للدفاع باستخدام معلومات سرية في المحاكمة من الواضح أنها كانت ستستخدم كدليل على ما يتم تسريبه عادة للحكومة الإسرائيلية عبر إيباك. ويبدو أن الادعاء الذي كان يناهض بشدة استخدام تلك المعلومات السرية في المحاكمة قد آثر السلامة وصار الآن في طريقه إلى حفظ القضية!
ومن هنا تأتي أهمية توقيت الإعلان عن دور جين هارمان بغض النظر عما إذا كانت متورطة فعلاً في مساعدة الرجلين أم لا بل وبغض النظر عن حفظ القضية. فالإعلان عن الموضوع من شأنه أن يضع إيباك في دائرة الضوء هذه الأيام بشكل سلبي وهو ما يخدم أهداف مناهضي إيباك من اليهود التقدميين الذين طالما سعوا لفضح الدور الذي تلعبه إيباك منذ عقود كبوق لليمين الإسرائيلي وكحجر عثرة أمام أية تسوية للصراع العربي الإسرائيلي.
فهؤلاء اليهود التقدميون يسعون إلى تقديم الغطاء السياسي لأوباما في أية مواجهة محتملة مع حكومة نتانياهو بعد أن بدأ التوتر المكتوم في العلاقة يظهر للعلن في صور مختلفة كان آخر تجلياتها دعوة أوباما لنتانياهو للقائه «خلال أسابيع» بعد أن كان البيت الأبيض قد اعتذر عن تحديد موعد لرئيس الوزراء الإسرائيلي في أول مايو حيث كان المنتظر أن يكون الأخير في واشنطن لحضور المؤتمر السنوي لإيباك.
وأوباما في أية مواجهة مع حكومة نتانياهو يحتاج لغطاء سياسي، وقد بدأت إدارته فعلاً حركة واسعة النطاق في أروقة الكونغرس، معقل دعم “إسرائيل”، لإطلاع الأعضاء على ما يجري أولاً بأول تحسباً لمواجهة محتملة.
وهي تحشد أيضاً اليهود المناهضين لمنظمة إيباك. لكن هؤلاء اليهود التقدميين يسعون لحشد الإعلام، والأرجح أنهم هم الذين سربوا خبر هارمان للصحافة. فأسوأ ما يمكن أن يحدث لإيباك هو أن تظل في دائرة الضوء وذلك هو بالضبط ما يحققه موضوع هارمان سواء كانت النائبة نفسها مدانة أو بريئة.
كاتبة مصرية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأونروا: الاحتلال يحرم 550 طالباً في القدس من الوصول إلى مدارسهم
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أن سلطات الاحتلال تحرم 550 طالبا من...

قوات الاحتلال تواصل تصعيدها الميداني في مخيمي طولكرم ونور شمس
طولكرم - المركز الفلسطيني للإعلام تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على مدينة طولكرم ومخيمها لليوم الـ 104 على التوالي، ولليوم الـ 91 على مخيم...

إصابة جنود إسرائيليين بصاروخ مضاد للدروع في حي الشجاعية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم السبت، بإصابة عدد من جنود جيش الاحتلال في قطاع غزة نيران المقاومة الفلسطينية. وقال...

جامعة كولومبيا تعلّق دراسة 65 طالبا احجوا ضد الإبادة في غزة
واشنطن - المركز الفسطيني للإعلام علقت جامعة كولومبيا دراسة 65 طالبا من "مؤيدي فلسطين" لمشاركتهم في احتجاج داخل المكتبة الرئيسية للجامعة يوم الأربعاء...

باكستان تطلق عملية “البنيان المرصوص” ضد الهند
إسلام أباد - المركز الفلسطيني للإعلام أطلقت باكستان فجر اليوم السبت، عملية عسكرية مضادة للهجمات العدوانية الهندية على أراضيها ومنشآتها العسكرية تحت...

لجنة أممية تحذر من خطر المجاعة والمرض على الفئات الهشة بغزة
جنيف - المركز الفلسطيني للإعلام قالت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري إن نفاد الغذاء في قطاع غزة، إلى جانب الدمار الواسع...

إصابتان برصاص الاحتلال وهجمات للمستوطنين في الضفة
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب شاب فلسطيني برصاص الاحتلال في بلدة تقوع جنوب شرق بيت لحم، فجر السبت، في الضفة الغربية المحتلة، إثر اقتحام...