الخميس 08/مايو/2025

الرنتيسي.. سجل حافل بالتضحيات ومسيرة مجاهد فـذ

سمية الزنبرة

تعود هذه الأيام ذكرى استشهاد رجل من رجال هذا الزمان الذين سطروا بمداد من فخر سجل الأمة الإسلامية في عصرها الحديث، إنها ذكرى حزينة فعلا، لأن فقد رجل كهذا في هذا الزمان خسارة كبيرة للأمة الإسلامية جمعاء، ولفلسطين بشكل خاص، فقد اعتبر الرجل الثاني في حركة المقاومة الإسلامية حماس، فلقب بصقر حماس.

إنه الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، أو أسد فلسطين كما يلقب عند الشعب الفلسطيني، هذا الرجل الذي ترك بصمته على الشعب وعلى المجاهدين في الحركة وحتى على القيادات. ونحن إذ نستذكر هذه المناسبة الجليلة لا بد أن نستحضر السجل الطويل من الانجازات والمساهمات والتضحيات التي قدمها هذا المجاهد الفذ، بصحبة رفيق دربه الشيخ أحمد ياسين.

مما لا شك فيه أن الشيخ أحمد ياسين صنع جيلا من الرجال والنساء والشباب، بفضل مثابرته وجهده المتواصل وعمله داخل المجتمع الفلسطيني، وبفضل إيمانه القوي قام بتربية الأطفال والشباب على حب الله وحب العمل في سبيل الله، وأرسى ركائز للمجتمع المسلم السليم الذي أنيطت به مهمة حمل راية الجهاد ضد العدو الصهيوني.

هذا الشيخ المقعد لم يمنعه عجزه الجسدي من السير في مسيرة العمل والبناء والجهاد، بناء المجتمع، وبناء الإنسان، وبناء الشخصية الإسلامية المؤمنة التي ستحمل فيما بعد راية الذود عن أرض الرباط، وتحرير المسجد الأقصى المبارك.

لقد كان التحدي كبيرا، خاصة بعد اتفاقية أوسلو المشؤومة التي رفضتها الحركة في حينها، وكان لها الحق في ذلك، فالاتفاقية تدعو لنبذ العنف، وهو ما معناه القضاء على المقاومة، فكيف يمكن لمن عاش حياته مهجرا من أرضه تحت نير الاحتلال الغاشم لعقود طويلة أن يفكر ولو للحظة واحدة في أن يضع السلاح ويستسلم؟؟

كان الشهيد عبد العزيز الرنتيسي من مؤسسي حركة المقاومة الإسلامية حماس، مع الشيخ الشهيد أحمد ياسين وآخرين، ولقد عانى ما عانى في حياته من اعتقالات وإبعاد وتضييق من قبل العدو الصهيوني، وفي وقت لوحق من قبل السلطة الفلسطينية نفسها أثناء تطبيقها لبنود اتفاقية أوسلو، كل هذا بسبب حرصه على ثوابت الشعب ورفضه التفريط في أي واحدة منها، ولم يفت ذلك من عضد الرجل، بل زادته تلك المضايقات إصرارا على المضي في الطريق الذي سطرته الحركة أول يوم، وهو طريق التضحية والعطاء حتى تحرير الأرض.

إنه الطبيب المجاهد، فقد كان طبيبا للأطفال حيث عمل في مستشفى بخان يونس، كما عمل محاضرا في الجامعة الإسلامية بغزة، وكان أيضا رجل علم ودين، وفكر ثاقب، ورجل تخطيط وتربية، عرفناه في مرج الزهور ناطقا باسم المجموعة، وخطيبا مفوها في مساجد غزة وعلى منصات ساحاتها.

الرنتيسي، الرجل القوي الشكيمة، صاحب المواقف الصلبة، لا يلين ولا يستكين، وقد استشهد كما تمنى بقصف صهيوني على سيارته، وهو الذي قبل أن يخرج من بيته وهو يدندن بأنشودته المفضلة :”أن تدخلني ربي الجنة هذا أقصى ما أتمنى”، هذا ما أخبرنا به ابنه أحمد.

وهو الذي قال في رد على سؤال لأحد الصحفيين الأجانب هل تفضل أن تموت على فراش المرض أو تموت بقصف من طائرة الأباتشي فقال: “الموت واحد؛ سواء أكان بالسكتة القلبية أو بالأباتشي، وأنا أفضل الأباتشي”.

كان حافظا للقرآن، وناظما للشعر أيضا، وله مقالات مميزة في الدين والحياة، نشرت على موقعه الإلكتروني، ومقالات سياسية تحليلية وافية عن الشأن الفلسطيني والتحديات التي تواجه الأمة.

ومن مقالاته المميزة “الشعب الفلسطيني يستحق قيادة إنقاذ”، حيث أكد فيها على أن الشعب الفلسطيني الصابر الصامد المجاهد المعطاء يستحق أن يعيش حياة كريمة تحت قيادة مؤهلة تحفظ له حقوقه اليومية والمعيشية، وتساعده على الاستمرار في نضاله حتى يبلغ آماله.

كلمات من ذهب لازالت سطورها إلى اليوم تشهد أن الدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي لم يكن إنسانا عاديا، بل كان رجل المهمات الصعبة، وصاحب الشخصية القوية المؤثرة، فما زالت كلماته القوية ترن في آذاننا إلى اليوم: “سننتصر يا بوش، سننتصر يا شارون”، وقد كان.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يفرج عن 11 أسيراً من غزة

الاحتلال يفرج عن 11 أسيراً من غزة

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، عن 11 أسيرا فلسطينيا من غزة، حيث تم نقلهم إلى مستشفى شهداء الأقصى في...