حقوقي فلسطيني: العام 2008 الأكثر دموية على مدار 60 عامًا منذ النكبة

أكد راجي الصوراني مدير “المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان” أن العام 2008 هو العام الأكثر دمويةً وانتهاكًا لحقوق الإنسان الفلسطيني من قِبل الاحتلال الصهيوني منذ النكبة الفلسطينية منذ أكثر من 60 عامًا.
وقال الصوراني خلال مؤتمرٍ صحفيٍّ عقده في مقر المركز في غزة اليوم السبت (25-4)، استعرض خلاله التقرير السنوي للمركز الذي يرصد انتهاكات حقوق الإنسان خلال عام 2008: “إنه ومع نهاية العام 2008 كانت الحرب الشاملة على غزة لا تزال في بداياتها؛ حيث شهدت الثمانية عشر يومًا الأولى من العام الجديد المزيد من التصعيد، من خلال تكثيف الغارات الجوية وأعمال القصف من البر والبحر بالصواريخ والمدفعية”.
وأشار إلى أن الحرب دخلت مرحلةً جديدةً تمثَّلت في عمليات التوغل والاجتياح البرية في عمق التجمعات السكانية في أنحاءٍ مختلفةٍ من قطاع غزة؛ بما في ذلك محافظتا (غزة وشمال غزة) اللتان تم فصلهما بالكامل عن بقية المحافظات، وتزايدت أعمال القتل بالجملة، ولحق دمارٌ واسع النطاق بالمنشآت المدنية بلغ حد شطب معالم مناطق بأكملها بعد تدمير وتجريف منازلها ومزارعها وطرقاتها وبناها التحتية، خاصةً في أحياء: الزيتون، والشجاعية، والتفاح، وتل الإسلام في مدينة غزة، وعزبة عبد ربه في جباليا، والعطاطرة والتوام في بيت لاهيا.
وأضاف: “لقد شهدت الأيام الأخيرة من العام 2008 الحرب على غزة، والتي راح ضحيتها 1417 فلسطينيًّا؛ منهم 1181 غير ضالعين في الأعمال القتالية؛ بينهم 313 طفلاً و116 امرأة، وبلغ عدد الجرحى 4336 جريحًا؛ بينهم 1133 طفلاً و735 امرأة، مع العلم أن الجرحى ليسوا مصابين عاديين، بل منهم حالات بتر للأطراف، ومنهم من سيبقون في العناية المركزة والمشافي، كما بلغ عدد الغارات التي نفَّذتها قوات الاحتلال على القطاع خلال الأيام الخمسة الأخيرة فقط من العام أكثر من 300 غارة جوية”.
انتهاكات متعددة
وأوضح الصوراني أن قوات الاحتلال واصلت جرائم القتل العمد وانتهاكات الحق في الحياة، وتؤكد تحقيقات المركز أن قوات الاحتلال قد وظَّفت القوة المفرطة ضد المدنيين وانتهكت مبدأ التناسب والتمييز خلافًا لمعايير القانون الإنساني الدولي، مشيرًا إلى أن النصف الأول من العام شهد تصاعدًا ملحوظًا في تلك الجرائم، خاصةً في النصف الأول من العام؛ حيث بلغ عدد الشهداء في القطاع خلال تلك الفترة 409 أشخاص؛ بينهم 225 مدنيًّا؛ منهم 58 طفلاً و16 امرأة، فضلاً عن إصابة 741 آخرين بجراح مختلفة.
التهدئة
وأشار إلى أن الأشهر الأربعة التي تلت التوصل إلى اتفاق تهدئة لمدة ستة أشهر برعايةٍ مصريةٍ في 19 تموز (يوليو) شهدت توقف جرائم القتل تقريبًا، ولم يسقط سوى قتيل فلسطيني واحد في القطاع، ولكن سرعان ما بدأ اتفاق التهدئة الهش يترنَّح خلال الشهرين الأخيرين من العام 2008م بفعل عدم وفاء الكيان الصهيوني بما تعهَّد به من فتح معابر قطاع غزة، وبعد أن نفَّذت قوات الاحتلال عملية برية في بلدة القرارة في محافظة خان يونس بتاريخ 12 تشرين الثاني (نوفمبر) وقتلت أربعة فلسطينيين، تبعها تنفيذ المزيد من جرائم الاغتيال بحق ناشطين فلسطينيين.
وأضاف: “في المقابل، ردت المقاومة الفلسطينية بقصف البلدات الصهيونية بعددٍ من الصواريخ محلية الصنع، وفي أعقاب انتهاء اتفاق التهدئة المُعلَنة بين فصائل المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الصهيوني في 19 شباط الأول (ديسمبر)، شنَّت قوات الاحتلال حربًا واسعة على غزة استمرَّت نحو 23 يومًا، وأسفرت عن وقوع آلاف الضحايا بين قتيلٍ وجريحٍ”.
الضفة الغربية
ولفت الصوراني إلى أنه في الضفة الغربية سارت الأوضاع على وتيرةٍ واحدةٍ؛ إذ ركَّزت تلك القوات على استهداف الناشطين الفلسطينيين من كافة التنظيمات الفلسطينية عبر جرائم القتل خارج إطار القانون، مؤكدًا أن الاحتلال اقترف تلك الجرائم على مدار أشهر العام دون توقف حتى مع سريان اتفاق التهدئة المُعلَن؛ حيث نفَّذت تلك الجرائم وحدات المستعربين (القوات الخاصة الصهيونية) داخل الأحياء الفلسطينية، وقد أسفرت تلك الجرائم في مجملها عن مقتل 42 مدنيًّا فلسطينيًّا؛ بينهم 9 أطفال.
أعداد الضحايا
وأظهر ملخصٌ للتقرير السنوي وُزِّع خلال المؤتمر، واستلم مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” نسخة منه، أنه وفقًا لتوثيق المركز الحقوقي فقد بلغ إجمالي عدد الشهداء الفلسطينيين خلال العام 868 فلسطينيًّا على أيدي قوات الاحتلال والمغتصبين الصهاينة؛ سقط غالبيتهم في قطاع غزة بما مجموعه 820 بمعدل (94.5%)، بينما سقط في الضفة الغربية 48 شخصًا بمعدل 5.5%.
وحسب التقرير، فمن بين مجموع الشهداء الذين سقطوا في الأراضي الفلسطينية خلال العام الحالي كان هناك 414 مدنيًّا فلسطينيًّا، أي بمعدل (47.6%) من المجموع الكلي للضحايا؛ سقطوا جميعًا في ظروفٍ لم ينشأ عنها تهديد حقيقي على حياة الصهاينة، يضاف إليهم مقتل 247 عنصرًا من أفراد الشرطة الفلسطينية؛ 240 منهم استشهدوا في اليوم الأول للعدوان أثناء وجودهم في مراكزهم الشرطية أو أثناء تنفيذهم مهامهم.
وبيَّن أنه من بين المدنيين الفلسطينيين الذين استشهدوا على أيدي قوات الاحتلال كان هناك 371 شخصًا- أي ما نسبته 89.7%- سقطوا في قطاع غزة، فيما سقط في الضفة الغربية 43 شخصًا بمعدل 10.3% من المدنيين. ومن بين الشهداء المدنيين في الأراضي المحتلة، سقط 108 أطفال، أي بمعدل 16%، و99 سقطوا في قطاع غزة، فيما سقط 9 أطفال في الضفة الغربية.
ومن بين الشهداء المدنيين أيضًا قُتل خلال العام 29 امرأة؛ جميعهن في قطاع غزة، كما أصيب خلال العام 2008 نحو 2260 شخصًا؛ بينهم حوالي 1736 شخصًا في قطاع غزة، ونحو 524 شخصًا في الضفة الغربية؛ وبذلك يرتفع عدد الفلسطينيين الذين استشهدوا على أيدي قوات الاحتلال والمغتصبين منذ بدء الانتفاضة في سبتمبر 2000م حتى نهاية العام 2008م إلى 5287 شخصًا؛ بينهم 3885 مدنيًّا؛ منهم 919 طفلاً، و174 امرأة، فيما أصيب عشرات الآلاف بجراح مختلفة؛ بينهم أكثر من 12 ألف في قطاع غزة؛ منهم المئات أصيبوا بإعاقاتٍ متنوعةٍ دائمةٍ.
الاعتقالات
وحول المعتقلين قال الصوراني: “خلال العام 2008 واصلت قوات الاحتلال الصهيوني اعتقال المزيد من الفلسطينيين والزج بهم في سجونها المكتظة بآلاف الأسرى في أوضاعٍ مزريةٍ؛ الغالبية العظمى من هؤلاء المعتقلين يجري اعتقالهم أثناء اجتياح المدن والقرى والمخيمات في الضفة الغربية وقطاع غزة، أو من خلال الحواجز العسكرية المنتشرة على امتداد الضفة الغربية، أو من خلال عمليات خاصة تقوم بها قوات الاحتلال، وقد جرى اعتقال ما يزيد عن 2500 فلسطيني خلال العام 2008؛ منهم 2433 معتقلاً من الضفة الغربية، و68 معتقلاً من قطاع غزة، كما لا يزال أكثر من 9 آلاف فلسطيني في سجون الاحتلال ومراكز اعتقالها”.
“الاستيطان”
كما واصلت الحكومة الصهيونية وجنودها والمغتصبون القاطنون في الضفة اقتراف المزيد من جرائم التوسع الاغتصابي ومصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية خلافًا للقانون الدولي، كما واصل المغتصبون المسلحون والمحميُّون من قوات الاحتلال اقتراف المزيد من جرائمهم واعتداءاتهم المنظمة ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم.
فخلال هذا العام أعلنت سلطات الاحتلال وأذرعها المدنية، كبلدية القدس ووزارتَي الإسكان والداخلية ومجلس التنظيم الأعلى، عن طرح عطاءات لبناء 2400 وحدة سكنية اغتصابية في الضفة الغربية؛ منها 100 وحدة في مغتصبتي “الكناة” و”أريئيل” في محافظة سلفيت شمال الضفة الغربية، والوحدات الأخرى في المغتصبات المقامة في مدينة القدس الشرقية وضواحيها، كمغتصبات: “بسجات زئيف”، و”هار حوماه”، و”بيتار عيليت”.
كما وأعلنت تلك السلطات موافقتها على بناء 6570 وحدة اغتصابية في المغتصبات المقامة في مدينة القدس الشرقية وضواحيها، كمغتصبات: “نيفيه يعقوب”، و”رمات شلومو”، و”هار حوماه”، و”غفعات زئيف”، و”غفعات هماتوس”.
التدمير
وبذلك يبلغ عدد الوحدات السكنية التي شرعت السلطات المحتلة في بنائها، أو أعلنت موافقتها أو المصادقة على بنائها خلال هذا العام 8970 وحدة سكنية اغتصابية؛ يتركز معظمها داخل الحدود البلدية الموسعة لمدينة القدس التي رسمتها تلك السلطات من جانب واحد.
وأشارت حصيلة توثيق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن قوات الاحتلال الحربي الصهيوني، ومنذ بداية العام 2008، قد دمَّرت 216 منزلاً بشكلٍ كليٍّ في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ من بينها 107 منازل في الضفة الغربية، و109 منازل في قطاع غزة، كما تعرَّض نحو 680 منزلاً لأضرارٍ جسيمةٍ في قطاع غزة، كذلك جرفت القوات نحو 3434 دونمًا زراعيًّا، فضلاً عن تدمير خدمات البنية الأساسية وعددٍ من المنشآت والمرافق، كالجمعيات الخيرية، والمؤسسات والأندية الرياضية والاجتماعية، ومباني ومنشآت المرافق الحكومية المدنية.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

ألبانيز: الجميع مسؤول أمام القانون الدولي لصمته على المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين
تونس – المركز الفلسطيني للإعلام قالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز، إن...

أبو سلمية: نفاضل بين الجرحى والمرضى والمنظومة الصحية شبه منهارة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام قال مدير مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، محمد أبو سلمية، إن الأطباء في المستشفى يفاضلون بين المرضى والجرحى. وأضاف أبو...

القوات اليمنية: نفذنا عمليتين استهدفتا مطار رامون ردًا على جرائم الاحتلال
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت القوات المسلحة اليمنية، مساء اليوم الأربعاء، تنفيذ سلاح الجو المسير عمليتين عسكريتين استهدفتا مطار رامون في...

حماس: عملية جنين أبلغ رد على محاولات الاحتلال إخماد المقاومة
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مساء اليوم الأربعاء، إن عملية إطلاق النار البطولية التي وقعت عند حاجز الريحان...

إصابة جندي إسرائيلي بعملية دهس في الخليل واستشهاد المنفذ
الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام استشهد، يوم الأربعاء، منفذ عملية الدهس قرب حاجز "سدة الفحص" جنوبي الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، والتي أسفرت...

قرار أمريكي بإغلاق مكتب الشؤون الفلسطينية في القدس
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام قرر السفير الامريكي في الكيان "مايك هاكبي" وفي خطوة غير مسبوقة إغلاق مكتب الشئون الفلسطينية في القدس ودمجه...

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 4 مستوطنين عصر اليوم الأربعاء، في عملية إطلاق نار استهدفت سيارة قرب مدينة جنين، قبل أن ينسحب منفذ العملية من...