الثلاثاء 06/مايو/2025

جذور وآفاق الدولة اليهودية

جذور وآفاق الدولة اليهودية

صحيفة الدستور الأردنية

موضوع الدولة اليهودية قديم، أما الجديد فهو شعور قادة “إسرائيل” اليوم بأن الأوان قد آن للبدء بتطبيقها، وبما يعني تطهير عرقي بغطاء دولي وموافقة إقليمية لتحقيق صفاء الدولة اليهودية.

قبل أيام نشرت وثيقة تقول إن ثرومان رفض الاعتراف بالدولة اليهودية، وقبل الاعتراف بدولة إسرائيلية أو عبرية عام 1948 وقبل خمس سنوات عندما زار بوش المنطقة تحدث هو وشارون عن الاعتراف بدولة يهودية وقد جوبه ذلك يومها برفض فلسطيني.

في الزيارة الثالثة للمبعوث الأمريكي جورج ميتشل، تمسك نتنياهو بشرط اعتراف السلطة الوطنية الفلسطينية بدولة يهودية قبل العودة إلى طاولة المفاوضات، ولا يخفى أن التمسك بالدولة اليهودية يعني مسح الوجود الفلسطيني وتصفية القضية في لحظة تاريخية ترى الصهيونية أنها مناسبة لتنفيذ ذلك الهدف الذي كان تاريخياً أساس المشروع الصهيوني.

في الصراع العربي الإسرائيلي تاريخياً، من الصعب تصديق السياسيين، وخصوصاً الإسرائيليين، من كان منهم على رأس عمله الرسمي أو خارجه، وبالتحديد حين يكون ما يجري تداوله يتصل بقضية استراتيجية وذات طابع فكري وتاريخي. فكلما يتصل استراتيجياً بالمشروع الصهيوني، والدولة الإسرائيلية كمرحلة منه. تم تأسيسه وبلورته في مؤسسات مادية وسياسية وعسكرية في بناء الدولة. وهي مؤسسات راكمت من الخبرة المعرفية ما يقارب الستين عاماً، في حركة دائبة ومستمرة نحو بلوغ أهدافها المرحلية أو القصوى، بما في ذلك مراحل الانعطاف والانحراف والمتغيرات.

ولكن، يبقى السؤال مطروحاً: ما مغزى إعادة طرح سؤال يهودية الدولة الإسرائيلية الآن؟ وهل هو شرك حقاً؟ بل ما هو أصلاً مفهوم يهودية الدولة عند الساسة الإسرائيليين؟

يصعب البحث عن إجابات من هذا النوع، إلا بالذهاب إلى «عقليات» الآباء المؤسسين لدولة “إسرائيل” وأقرب هؤلاء وأبرزهم هو «ديفيد بن غوريون» معلن الدولة، وأول رئيس لحكومتها. فماذا يقول «بن غوريون» عن الدولة وأهدافها ويهوديتها ومستقبلها؟ وهو من حاول العيش كـ «نبي» من أنبياء إسرائيل، أواخر عمره في مستعمرة «سدي بوكر» في بئر السبع.

قبل نحو ثلاثة عقود، نشرت «وثيقة سرية» أعدها «بن غوريون» سنة 1941 بعنوان «خطوط هيلكية للسياسة الصهيونية». وهي وثيقة سرقتها المخابرات البريطانية من داخل حقيبة «بن غوريون» عندما كان موجوداً في لندن. وبعد ثلاثين عاماً من سرقتها سلمتها السفارة البريطانية في تل أبيب إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية في القدس. وقد جاء في رسالة السفارة البريطانية المرفقة بالوثيقة ما يلي: «وفقاً لقوانين الوثائق العامة منذ 1963 حتى 1967، أن الحكومة البريطانية ملزمة، بعد ثلاثين سنة بنقل جميع الوثائق الرسمية إلى خزنة عامة، حيث ينبغي الاحتفاظ بها إلى الأبد(،)».

الوثيقة السرية مكتوبة باللغة الانجليزية، وتتألف من ستة فصول وملحق. ولأهميتها نورد عناوين الفصول وهي:

أ – (الجيش اليهودي فشله، مبرراته، أخطاؤه، الفشل ليس نهائيا، الطريق إلى جيش يهودي بواسطة أرض إسرائيل).

ب – الدولة اليهودية.

جـ – (القضية العربية أربعة مبادئ مسألة نقل السكان، هل موافقة العرب شرط مسبق لإقامة دولة يهودية؟ معاملة العرب في دولة يهودية).

د – الطريق إلى دولة يهودية (لا استقلال لليهود في أرض إسرائيل، بل حق الشعب اليهودي في إعادة بناء وطنه، الوسيلة الأولى: دعم مكانة ارض إسرائيل، مراحل تأسيس الدولة اليهودية).

هـ – العمل السياسي: أين وكيف؟ (روسيا، انجلترا، أميركا، حكومات في المنفى).

و – الحركة الصهيونية. أما الملحق فيعرض إلى المراحل الثلاث لتأسيس الجيش اليهودي.

ما يعنينا هنا، هو فهم بن غوريون وتلامذته الحاليين لمفهوم «الدولة اليهودية». ففي الوثيقة يؤكد حرفياً «أن الاستنتاج الأول الذي علينا استخلاصه، هو أن إقامة دولة يهودية كانت وسيلة ضرورية لانجاز الصهيونية في الظروف الجديدة التي ستعقب الحرب». والمقصود هنا هو الحرب العالمية الثانية التي كانت مستعرة، ويكمل مبرراً كلامه «لأن الهدف الذي يجب أن نضعه أمامنا ليس إحراز (الهدف النهائي) بحسب القاموس الصهيوني. ولم يتوقف الأمر عند الشك في أنه إذا كان هناك هدف نهائي في التاريخ، فإنني لا أؤمن بأنه حان الوقت لإحرازه، مهما كان هذا الهدف». ويحدد قيمة إقامة الدولة كهدف قائلاً: «لذا، أصبحت إقامة دولة يهودية الآن، الوسيلة الوحيدة لحل مشكلة توطين ملايين اليهود، الذين اقتلعوا من أوروبا قبل الحرب وخلالها، بأرض خاصة بهم، ومن أجل هدف الصهيونية المباشر».

وحول الأكثرية والأقلية، لسكان الدولة يحدد بشكل واضح رؤيته بأن الصهيونية لم تعد «تشكل مركزاً روحياً في أرض إسرائيل بفعل هجرة محدودة» وأنه «لم يعد معنى الصهيونية اليوم أيضاً أكثرية يهودية في أرض إسرائيل.. إذ ينبغي ألا نقيس حاجة اليهود الفورية إلى بلد خاص بهم، بعدد العرب الموجودين بالمصادفة في أرض إسرائيل، بل بعدد اليهود الكبير أضعافاً الذين اقتلعوا اقتلاعا تماماً من بلاد كثيرة في المنفى».

في سياق تحديد طبيعة الدولة يقول «من المهم التمييز بين دولة يهودية كوسيلة وبين دولة يهودية كهدف نهائي، خصوصاً بالنسبة لقضية الحدود». وهي حدود تشرح الوثيقة أهميتها ومساراتها قائلة «من أجل قدرة الدولة اليهودية على البقاء لا بد من أن نكون من جهة جيراناً للبنان المسيحي، ومن جهة أخرى يجب أن تكون أراضي النقب القاحلة، وكذلك مياه نهر الأردن والليطاني مشمولة داخل حدودنا».

وعن جوهر هذه الدولة يقول «إن الدولة اللازمة لنا والضرورية في رأينا لتحقيق الصهيونية، ليست إلا الطاقة الجماعية المنظمة والمعترف بها للشعب من أجل تنظيم حياته في أرض إسرائيل» وهو هدف يرى فيه بن غوريون قابلاً للتحقيق إذا أصبحت أرض إسرائيل دولة مستقلة ذات سيادة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

غارات إسرائيلية تستهدف اليمن

غارات إسرائيلية تستهدف اليمن

صنعاء- المركز الفلسطيني  للإعلام شنت طائرات حربية إسرائيلية، مساء الإثنين، غارات عنيفة استهدفت مناطق واسعة في اليمن. وذكرت القناة 12...