الثلاثاء 06/مايو/2025

التهم الجنائية.. أسلوبٌ عباسيٌّ جديدٌ للتغطية على الاعتقالات السياسية

التهم الجنائية.. أسلوبٌ عباسيٌّ جديدٌ للتغطية على الاعتقالات السياسية

لم تنفك الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية تلفِّق التهم السياسية للمعتقلين السياسيين في سجونها، وتتهمهم بحيازة أسلحة “غير شرعية” على حد تعبيرها، إلى أن تكدست سجون الضفة بالمعتقلين من حركة “حماس”؛ حيث لم تنجح محاولات الوساطة العربية ولا جلسات الحوار في إطلاق سراحهم إلى الآن.

ومع مرور الأيام ووضوح الحقيقة أمام العالم وأمام الوساطات العربية وغيرها التي تعمل على إتمام المصالحة الفلسطينية وإنهاء ملف الاعتقال السياسي، لجأت الأجهزة الأمنية في الضفة إلى استخدام نمطٍ جديدٍ من التعامل مع من لا يروقون لها على الساحة، والذين يجهرون بالحق دون خشيةٍ من أحد.

واعتقال البروفيسور عبد الستار قاسم المفكر العربي والمحلل السياسي الذي عُرف بجرأته في نقد الأجهزة الأمنية، على خلفيةٍ جنائيةٍ، لَدليلٌ واضحٌ وفاضحٌ على هذا الأسلوب الجديد لدى الأجهزة الأمنية.

ويُعتبر د. عبد الستار من أكثر الشخصيات الفلسطينية جرأةً في قول الحقيقة؛ حيث دفع الكثير مقابل هذا، وكان آخره اعتقاله من قِبل جهاز الشرطة.

وكان البروفيسور قد تعرَّض للاعتقال منذ أشهر على أيدي الأجهزة الأمنية بعد مقابلةٍ معه بثتها فضائية “القدس”؛ انتقد فيها دور الأجهزة الأمنية في الضفة والتنسيق الأمني مع الاحتلال، كما تعرَّضت سيارته للتفجير بعد أن “ركنها” أمام منزله في المدينة.

ومنذ أشهر قامت الأجهزة الأمنية في نابلس بالتحقيق مع أحد المعتقلين السياسيين المحسوب على حركة “حماس” حول قضايا جنائيةٍ، كما أصدرت بيانًا تصرِّح فيه بأن اعتقال هذا الشخص جاء على خلفيةٍ جنائيةٍ لا سياسيةٍ.

وحسب عائلة د. قاسم، فقد جاء اعتقاله بعد مشاركته في مقابلةٍ على فضائية “الأقصى”؛ عقَّب خلالها على حادثة إطلاق النار على النائب عن “كتلة التغيير والإصلاح” الشيخ حامد البيتاوي؛ حيث أشار البروفيسور إلى أن هذا العمل يخدم مصلحة الصهاينة والأمريكان.

وفور إغلاقه الهاتف تلقَّى عدة اتصالات تهديد من أشخاصٍ في المدينة، وفي المساء حضرت سيارةٌ تابعةٌ لجهاز الأمن الوقائي إلى منزل العائلة، وسلَّمت الدكتور طلبًا بمراجعة الجهاز صباح اليوم التالي الثلاثاء الموافق 21-4-2009م.

وقالت عائلة د. قاسم إنه توجَّه إلى مركز شرطة نابلس وسط المدينة لتقديم شكوى بأنه يتلقَّى تهديدات من أشخاصٍ، إلا أنها فوجئت لاحقًا بأن الشرطة احتجزت زوجها بعد اتهام أشخاصٍ من المدينة إياه بالذم والقدح والتشهير والعمالة عبر وسائل الإعلام.

في مهب الريح

على الصعيد ذاته، رأى مراقبون أن ما بدأت تؤول إليه الأمور في تعامل الأجهزة الأمنية بالضفة مع الشخصيات الفلسطينية والأكاديمية ينذر بمستقبلٍ مخيفٍ، ويجعل حق الرأي والتعبير في مهب الريح؛ حيث أكدوا أن حادثة اعتقال د. عبد الستار قاسم تأتي ضمن هذه الدائرة، وأن ما تم الحديث عنه من أن قاسم اعتُقل على خلفية قضايا تشهيرٍ رفعتها بعض الشخصيات ضده هو فقط محاولةٌ للالتفاف على الواقع الفلسطيني وتشويه صورة هذا الشخص الذي عُرف بمستواه النقدي لما تقوم به السلطة من فسادٍ وإفسادٍ للمجتمع الفلسطيني.

ادعاءات

وشكَّك المراقبون فيما تدَّعيه الشرطة الفلسطينية بالضفة حول رفع بعض الشخصيات دعاوى ضد قاسم على اعتبار أنه قام بتشويه صورتها، وهو ما يمثل تشهيرًا لهذه الشخصيات، مشيرين إلى عدم صحة هذه الأقوال؛ حيث إن القانون لا يمسح باعتقال المدَّعى عليه منذ اللحظة الأولى لرفع دعاوى ضده.

ومعلومٌ قانونًا أنه في حال رفع دعاوى من هذا القبيل يكلَّف محاميا الطرفين (المدِّعي والمدَّعى عليه) بمتابعة القضية في القضاء إلى أن يتم إصدار قرارٍ قضائيٍّ واضحٍ، وبناءً عليه يتم تنفيذ القرار، وليس الاعتقال أولاً ثم البت في القضية.

ورأى المراقبون أن هذا المسلك تحاول الأجهزة الأمنية من خلاله إرسال رسالةٍ واضحةٍ إلى كل الشخصيات الأكاديمية والثقافية بأن الحديث عما يجري من واقعٍ سيئٍ في الضفة الغربية يهددها بتلفيق تهمةٍ جنائيةٍ حتى يتم تشويه صورتها إلى جانب إبعادها عن الملف السياسي الذي يمكن أن يأخذ منحى آخر في الحديث عنه.

وأكد المراقبون أن من واجب مؤسسات المجتمع المدني أولاً، والشخصيات الأكاديمية والعلمية ثانيًا، أن تقف وقفةً مسئولةً في هذه اللحظة، وعدم السماح باستغلالها في سبيل تحقيق الأهداف التي تسعى إليها السلطة في الضفة، “ونصبح كباقي الأنظمة العربية التي تحوِّل المثقفين إلى بوقٍ يتم من خلاله مخاطبة الشعوب”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الثلاثاء، مجزرة مروعة بحق النازحين، عقب قصف الطيران الحربي لمدرسة تُؤوي...