الإثنين 12/مايو/2025

أمع هؤلاء يمكن صنع السلام؟

أمع هؤلاء يمكن صنع السلام؟

صحيفة الدستور الأردنية

بعيداً عن أقوال ومواقف نتنياهو وليبرمان وفتاوى الحاخامات الإسرائيليين عن العرب والنظرة إليهم، وصنع السلام معهم، فقد فرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الإقامة الجبرية على طفل رضيع في الجولان السوري المحتل لمدة عامين بسبب ولادته في دمشق.

وفي التفاصيل، وكما جاء في صحيفة تشرين السورية، ونقلت الخبر عنها وكالات الأنباء: فإن الطفل فهد شقير ولد لأبوين من أهالي قرية مجدل شمس المحتلة، وكانا يدرسان في جامعة دمشق، وبعد انتهاء دراستهما، قررا العودة إلى قريتهما المحتلة، واصطحبا معهما طفلهما الأول فهد ليفاجآ بعد دخولهما مجدل شمس مباشرةً، بإبلاغهما من قوات الاحتلال الإسرائيلي فرض الإقامة الجبرية على الطفل الرضيع فهد لأنه من مواليد دمشق.

ونقلت الصحيفة عن عم الطفل الدكتور إحسان شقير قوله: إن قرار فرض الإقامة الجبرية على الطفل لا يمكنه من مغادرة منزل ذويه حتى من أجل مراجعة الطبيب، أو مرافقة والدته في الزيارات، مشيراً إلى أن سلطات الاحتلال تذرعت بأن هذا الطفل (إرهابي) لأنه ولد في دمشق.

الخبر بحد ذاته يجمع ما بين الغرائبية والحيرة، فلأول مرّة في التاريخ يوصف طفل رضيع بأنه (إرهابي)، لكن الغرائبية والحيرة تختفيان إذا ما تعلق الأمر ب”إسرائيل” وبنظرتها للعرب، فكل شيء ممكن والحالة هذه.

الخبر يُذكّر بالأطفال الفلسطينيين الرضع، والذين ولدوا في السجون وبقوا مع أمهاتهم في السجن، واللواتي ترفض سلطات الاحتلال الصهيوني إطلاق سراحهن وسراحهم، والخبر يُذّكر أيضاً بمئات الأطفال الذين استشهدوا، والمئات الذين أصيبوا بإعاقات دائمة (إصابة العينين، بتر الأطراف، الأمراض النفسية وغيرها) من جرّاء العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة، والذي اقترفت فيه “إسرائيل” المحارق والمجازر ضد الأطفال باعتبارهم (إرهابيين) فلسطينيين، يتوجب التخلص منهم.

وكدليل على أن اقتراف المجازر ضد الفلسطينيين هو الفكرة التي تسكن عقول معظم الإسرائيليين، الذين أنتجوا قادة فاشيين، دعونا نستعرض ما صرّح به الوزير في حكومة نتنياهو: يسرائيل كاتس، فقد دعا حكومة الاحتلال إلى تجويع الفلسطينيين في غزة أكثر مما هم عليه، فمن وجهة نظره (يجب وقف نقل المواد الغذائية والمواد الخام إلى قطاع غزة)، كما طالب أيضاً في تصريح له للإذاعة العبرية حكومة نتنياهو بشن عمليات اغتيال تطال قادة الفصائل الفلسطينية من خلال القول (يتوجب العمل بقوة ضد رؤساء الإرهاب الفلسطيني واستهدافهم). تصريح الوزير الإسرائيلي وبكل ما فيه من حقد يقطر من حروف كلماته على الفلسطينيين والعرب، يدعو إلى السخرية.. وكأن القطاع يعيش حالة تفيض فيها المواد الغذائية عن حاجته، وكأن “إسرائيل” لا تمارس حصاراً تجويعياً ضد قطاع غزة، وكأن “إسرائيل” لم تغتلْ حتى اللحظة أي قائد فلسطيني، وكأنها لم تستهدف النشطاء الفلسطينيين، وكأنها لم تغتلْ زعماء فلسطينيين.

وفي الأخبار أيضاً: أن نتنياهو طمأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عندما اتصل به الأخير مهنئاً بعيد الفصح اليهودي، وقال له بأنه (نتنياهو) سيحرص على إجراء مفاوضات مع الفلسطينيين.

صحيح أن رئيس الحكومة الإسرائيلية وزعيم الليكود سيحرص على إجراء مفاوضات شكلية مع الفلسطينيين، من أجل ذر الرماد في العيون، وإعطاء الانطباع دولياً بأن حركة ما سياسية تجري بين الجانبين، لكنه وفي الحملة الانتخابية رفض فكرة حل الدولتين ووعد ناخبيه الإسرائيليين بعدم تطبيق هذا المبدأ مطلقاً، وهو لم يتطرق إلى هذا الأمر مطلقاً لا في خطابه في الكنيست من أجل نيل الثقة، ولا في أي تصريحْ له منذ تسلمه لمنصبه، وبذلك يقطع الطريق على اشتراط الرئيس الفلسطيني للقاء مع نتنياهو بعد اعتراف الأخير بحل الدولتين، ويقطع الطريق على ما يسمى بمبادرة السلام العربية وعلى مقررات اجتماع وزراء الخارجية العرب في العاصمة الأردنية، ويقطع الطريق على مطالبة أوباما (في خطابه في البرلمان التركي) بحل الدولتين، ومطالبة المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشيل، بهذا الحل (في تصريح له في المغرب)، الذي ابتدأ جولة جديدة إلى دول المنطقة.

أما للذين يراهنون على إمكانية بروز خلافات بين نتنياهو وحكومته من جهة، وبين أوباما وإدارته الجديدة من جهة أخرى، فقد صرّح الوزير الإسرائيلي كاتز قائلاً (بأن الخلافات بين حكومتنا وإدارة أوباما حول مقاربة المشاكل في الشرق الأوسط لا تعدو كونها متعلقة بالصياغة والدلالات اللغوية، لا أكثر، وفي غضون بضعة أسابيع ستتناغم سياساتنا).

وفي الأخبار أيضاً: أن الرئيس حسني مبارك وفي اتصال هاتفي مع نتنياهو لتهنئته بتسلم منصبه، ووفق ما صرّح الناطق باسم ديوان الأخير دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى شرم الشيخ من أجل إجراء مباحثات معه، ووافق الأخير على الزيارة والقيام بها في وقت قريب.

لعل الرئيس المصري تغاضى في هذه الدعوة الموجهة لنتنياهو، عن الإهانات التي كان وزير الخارجية الإسرائيلي قد أطلقها في وقت سابق على تعيينه وزيراً في الحكومة، ضد مصر وضد شخص الرئيس المصري من خلال الدعوة (ومن على منبر الكنيست) إلى قصف السد العالي، ومخاطبته لمبارك (بأن يذهب إلى الجحيم طالما ظل رافضاً زيارة إسرائيل). ولكن بالرغم من هذا التغاضي استمر ليبرمان في تصريحاته العنجهية وفي غروره الفوقي، من خلال رفض مقررات أنابوليس، ورفض الانسحاب من الجولان، وإعادة النظر باتفاقيات أوسلو (رغم ما أوقعته من كارثة بالفلسطينيين والعرب).. إلى آخره، مع أن أدنى حدود الدبلوماسية لوزير خارجية تقتضي الامتناع عن التصريحات المثيرة والتي تسبب خلافات مع العرب، وبخاصة قبيل زيارة رئيس حكومته (وربما أيضاً سيشارك هو شخصياً في الزيارة) إلى أكبر بلد عربي، ولكن لا يمكن استبعاد شيء عن “إسرائيل”.

غني عن القول إن الحاخامات يفتون (لا تجوز الثقة بعربي) و(العربي الجيد هو العربي الميت) والقادة الإسرائيليون يؤمنون (بأن العرب ليسوا أكثر من صراصير) فهل يمكن إقامة سلام مع مثل هؤلاء؟.

سؤال نوجهه إلى كثيرين برسم الإجابة عنه.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات