الخميس 08/مايو/2025

من الصهيونية إلى اليهودية

من الصهيونية إلى اليهودية

صحيفة الوطن العمانية

في الوقت الذي تحاول فيه دول أو كادت التخلص من العنصرية، يصر الكيان الإسرائيلي على تكريسها كمبدأ لا محيص عنه، ما جعلها وصمة عار على جبينه ترمز على أنها (العنصرية) أساس انبنت عليه كل أشكال الجور والظلم وكل ألوان الأخلاقيات الشاذة، بل هي الأكل والشرب والهواء لكل من يحمل هوية الكيان المحتل.

ولم يكن خافياً أنه طوال العقود الماضية منذ النكبة وحتى يومنا هذا كان قادة الاحتلال الإسرائيلي يزيحون رويداً رويداً الستار عن شكل كيانهم وحقيقته، وكما يبدو أن هذه الفترة هي الفترة الحاسمة ليعلنوا فيها عنصريته البغيضة بالمطالبة بالاعتراف به ككيان يهودي أو ما يسمونه دولة يهودية للشعب اليهودي.

ولا ريب أن ما يحسب لقادة هذا الكيان العنصري أنهم نجحوا في مخادعة العرب بمن فيهم الفلسطينيون من خلال سياسة الزحزحة والدحرجة من مؤتمر إلى مؤتمر، ومن معاهدة إلى معاهدة، ومن شعار إلى شعار؛ فالذاكرة الجمعية العربية لم تنسَ شعار السلام مقابل السلام ثم الأرض مقابل السلام ثم السلام مقابل الأمن، فهذه الشعارات، التي تناوبت على دحرجة العرب في إطارها معاهدات ومؤتمرات عدة، ما هي إلا بضاعة مزجاة ولا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به، بل إن كل ثانية أو دقيقة نقاش حولها هي من الفراغ القاتل الذي يسأل عنه المرء.. ولم تنقطع إرهاصات الحقيقة الصادمة عبر الدحرجة الخبيثة؛ فاليوم أخذوا يدحرجون شعار حل الدولتين والذي يحمل علامة (صنع في الولايات المتحدة الأميركية) إلى دولة إسرائيلية مقابل رخاء اقتصادي فلسطيني في الضفة الغربية لتتوقف الدحرجة مؤقتاً أو دائماً إلى المطالبة بالاعتراف ب”إسرائيل” دولة يهودية، ما يعني:

أولاً: إلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين القابعين في الشتات من ناحية، وتهديد مصير أولئك الذين يطلق عليهم عرب 48 من ناحية أخرى.

وثانياً: عدم إمكان قيام دولة فلسطينية نابضة بالحياة، فالمطروح إسرائيليّاً أن يتم إلحاق فتات الضفة الغربية بالأردن وقطاع غزة بمصر.. لأن الهدف من إقامة هذا الكيان الغاصب هو هدف شمولي لا يعترف بمسميات الدول، فكيف بدول على حدوده أو داخله، وفي هذا تعطيل للهدف وهو السيطرة على المنطقة وتفتيتها.

من المقرر أن تنطلق اليوم في جنيف أعمال مؤتمر (دوربان 2) حول العنصرية، ورغم عنوانه الأبرز الذي يمثل روحه، إلا أن الإصرار الأميركي ـ الأوروبي ـ الإسرائيلي أدى إلى خنقه وسلب قواه حتى لا يزأر في وجه أهل العنصرية، وحتى لا يتمكن من أن يعطي دبره للإرادة الإسرائيلية تحديداً ويُقْبِلَ طائعاً منقاداً للحضن العربي والإسلامي، حيث تم حذف ما أطلق عليه نقاط الخلاف خوفاً من أن يتحول المؤتمر ـ حسب زعمهم ـ إلى منبر لانتقاد الكيان الإٍسرائيلي ككيان محتل عنصري أبرز وأوحد في العالم، بل مطلوباً من المؤتمر أن ينزل رحماته ويترحم ويدعو لضحايا ما يسمى المحرقة..

ولهذا فإن قلبَيْ الولايات المتحدة وأوروبا يخفقان قلقاً واضطراباً من أن تكون مشاركة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد القشة التي ستقصم ظهر البعير، وبالتالي يعكر صفو المياه الغربية الآسنة بحجارة كتب عليها (إسرائيل رافعة راية العنصرية وعدو للإنسانية) و(لا حقيقة لشيء اسمه المحرقة)، وتُحوِّل كلماته العرس الغربي إلى ترح، ولذلك آثر قادة الولايات المتحدة وبعض قادة أوروبا عدم المشاركة في المؤتمر ولاءً للكيان الإسرائيلي وانحناءً له ولرغباته.

أعتقد أن مجريات الأحداث ليست بحاجة إلى شواهد لتؤكد حقيقتها، طالما أنها تشرح نفسها بنفسها وتتجه نحو حركة هادفة ونهاية مرسومة بدقة وفق ما يريد لها واضعوها، وإزاء كل ذلك فإن ما ينقص هو حركة التأثير العربي لتغيير المسار الغربي الممالئ وحرفه عن الهدف، لكن للأسف لا تزال صحة الجسد العربي معتلة، فكما يبدو أنه ليس مؤهلاً بعد للقيام بالحركة المطلوبة، وبالتالي فإن الدحرجة لن تتوقف عجلتها حتى يشفى تماماً.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين

جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 4 مستوطنين عصر اليوم الأربعاء، في عملية إطلاق نار استهدفت سيارة قرب مدينة جنين، قبل أن ينسحب منفذ العملية من...