الإثنين 05/مايو/2025

ما قبل القدس.. وما بعدها

ما قبل القدس.. وما بعدها

صحيفة الدستور الأردنية

منذ سعت الصهيونية إلى تهويد القدس حشدت كل ما استطاعت من الأساليب والأدوات لتحقيق هذا الهدف ولم يكن نقل السفارات إلى القدس إلا واحدة من الخطوات اللوجستية التي مهد لها وأعقبها بقدر ما تزامن معها الأخطبوط الاستيطاني الذي حول القدس وسائر المدن والقرى الفلسطينية إلى ثآليل حسب وصف مفكر عربي زار الأراضي المحتلة قبل بضعة أعوام، والعزل بهذه الطريقة يقصد به إماتة المدن والقرى لأنها لا تعود جزءاً من الدورة الدموية وبالتالي الوطنية التي تسري في تضاريس البلاد.

ما الذي فعله العرب مقابل هذا المشروع المنهجي وما الذي أعدوه غير المزيد من الخيام؟ الآن، يصل مشروع التهويد والأسرلة إلى أقصاه، ويطرد أهل القدس بعد خلعهم من الجذور وتنسف بيوتهم وتصادر، ويفاجأ أحد المقادسة بأن مستوطناً يطرق باب بيته بكعب البندقية ليطالبه بتسديد أجرة المنزل، فالاحتلال لم يحول المالك إلى مستأجر فقط، بل حاول حذفه من الوجود، ولم يحدث ذلك كله في الخفاء، إنه معلن على الشاشات وعلى مدار الساعة، مما يحرمنا جميعاً من التذرع بأي شيء يعفينا من عبء الموقف وبالتالي من مسؤولية الدفاع عن القدس بكل ما ترمز إليه وطنياً ودينياً وإنسانياً وقومياً.

لقد احتشد الفلسطينيون من أجل عاصمة الأرض في يوم القدس، رغم أن التقاويم كلها مقدسية بمقياس آخر غير هذا الذي تفرضه علينا النشرات الجوية، وثقافة الخصخصة الوطنية.

إن الأمر لم يعد يقبل التأجيل، فالقدس في خطر، والأقصى يجري اغتياله بدءاً من الأسس، ويقول أهل القدس إنهم يسمعون طوال الوقت الآلات وهي تئز تحت رؤوسهم وتخلخل سور المدينة وجدرانها.

لم يجد الشجب النظري المتواصل من يصرفه في القدس وما حولها، لأنه بقي مجرد ضجيج منزوع الفاعلية، ولو أن “إسرائيل” عملت واحداً بالمليون من الحساب لردود أفعال عربية وإسلامية على ما تقترف لتغير الحال لكنها كما يقول المثل الشعبي وضعت في بطنها بطيخة صيفية، وإن كانت حمرتها من دم الشعب الذي تحتله وتنتهك مصيره بلا أية روادع ذاتية أو دولية.

لقد أصبح الجنرالات والحاخامات معاً يشعرون بأن السكين الذي يغرزونه في لحم القدس وأخواتها يتوغل في الزبدة، ولا يعوقه شيء، رغم أن الإرادة الفلسطينية لم تهدأ والمقاومة لم تدخل في عطلة ولو ليوم واحد لكن الشعب الأعزل إلاّ من عواطفه وذاكرته وإرادته الباسلة قد لا يقوى على صد الدبابة وتوأمها الجرافة، والخلل في ميزان القوة لا يحتاج إلى تعليق.

وإذا مضت “إسرائيل” إلى آخر الشوط وأفلحت في تهويد القدس وتأبيدها عاصمة لها ولو إلى حين، فإن العالمين العربي والإسلامي يصبحان في مهب عواصفها السياسية وأعاصيرها الأيديولوجية، والتحرك المطلوب إسلامياً وعربياً ودولياً لا نرى منه إلا ما يشبه الذبذبات الموضعية.

إن القدس الآن تختبر كل الخطابات والأطروحات التي طالما أطلقت موسمياً حولها فهي عرضة لترجمة شاملة، تحول كل ما فيها إلى أطلال، كي يتسنى للقرصان الطارئ أن يبتكر شجرة عائلة جديدة، ويزور شهادات ميلاد ومواقع ممهورة بتواقيع من دم..

ولكي لا نضطر إلى القول بأن لكل قُدْسَهُ بدءاً من المقاول حتى المخاتل مروراً بكل ما عرفنا من دمامل، فإن على من يهمهم الأمر وهم أكثر من مليار ونصف مليار إنسان أن يفعلوا شيئاً لعاصمة الروح والأرض والإنسان.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يشرع بهدم منازل في مخيم نور شمس

الاحتلال يشرع بهدم منازل في مخيم نور شمس

طولكرم - المركز الفلسطيني للإعلام شرعت جرافات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، بتنفيذ عمليات هدم في حارة المنشية داخل مخيم نور شمس شرقي مدينة...