الأربعاء 07/مايو/2025

ميتشيل يحرث في ماء اليمين الإسرائيلي

ميتشيل يحرث في ماء اليمين الإسرائيلي

صحيفة الوطن العمانية

وصل المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط جورج ميتشل ل”إسرائيل” قبل يومين وذلك في إطار جولته الثالثة في المنطقة منذ توليه منصبه قبل ثلاثة شهور. وهو قد جاء للتأكيد على فكرة “حل الدولتين” باعتبارها حجر الزاوية في سياسة بلاده إزاء الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. ولكنه فوجئ برد فعل عنيف من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير خارجيته المتطرف أفيغدور ليبرمان. فقد اشترط نتنياهو على ميتشيل ضرورة أن يعترف الفلسطينيون في البداية بيهودية دولة “إسرائيل”، وذلك قبل مناقشة مسألة حل الدولتين. وهو ما يعني علمياً إسقاط حق العودة عن فلسطينيّ الخارج. في حين طالب ليبرمان ميتشيل بالبحث عن أفكار جديدة للسلام بدلاً من فكرة الدولتين، ومؤكداً على فكرة “الحل الاقتصادي” بدلاً من السياسي مع الفلسطينيين.

إذا ثمة اتفاق لا تخطئة عين على نية اليمين الإسرائيلي إفشال كافة المساعي الأميركية لإعادة إحياء عملية السلام، وهم بذلك يهيلون التراب على كافة المبادرات التي طرحت في هذا الصدد بدءاً من عملية أوسلو وانتهاء بتفاهمات أنابوليس التي دفنت تماماً بقدوم المتطرفين إلى السلطة في “إسرائيل”.

واقع الأمر أن ما يقوم به اليمين الإسرائيلي الآن هو نوع من الهجوم الاستباقي على الموقف الأميركي، وذلك ليس فقط بهدف إفشاله وإنما أيضا رغبة في تغيير منطلقاته من جذورها، وإعادة تعريف مسارات الصراع وفقاً لرؤية قادته.

وهنا يمكن الإشارة إلى ثلاثة مسارات رئيسية يحاول قادة اليمين الإسرائيلي ترسيخها في العقل الأميركي تمهيداً لتغيير شكل الصراع وطبيعته. أولها محاولة إقناع الأميركيين بعدم جدوى خيار السلام، على الأقل في المرحلة الحالية. وسوف يسعى كلاً من نتنياهو وليبرمان ومن خلفهم إيلي شاي وزير الداخلية والمنتمي لحزب “شاس” المتطرف، لإقناع الأميركيين بضرورة تجميد هذا الخيار عملياً، وذلك من خلال سياسة “سد المنافذ” أمام أية حلول أو مبادرات أميركية.

ثانيها سيحاول قادة اليمين الإسرائيلي إيهام الأمريكيين بإمكانية تحريك الملف السوري، (مجرد تحريك وليس حل نهائي) وذلك في إطار تفكيك جبهة “الممانعة” مع إيران وحزب الله وحماس، وذلك كبديل عن الملف الفلسطيني.

وثالثها، سيسعى اليمين الإسرائيلي لإقناع الأميركيين بأن الملف الإيراني هو أهم بكثير من نظيره الفلسطيني، وأنه يجب التركيز على كيفية التعاطي معه باعتباره قضية مشتركة بدلاً من تشتيت الجهود فى علاج القضية الفلسطينية بتعقيداتها والتي قد تأخذ وقتاً طويلاً.

الأكثر من ذلك أن اليمين الإسرائيلي سوف يسعى لمقايضة القضية الفلسطينية مع الأميركيين بكيفية تعاطي إدارة أوباما مع إيران وحزب الله وحماس. أي محاولة ابتزاز أوباما من أجل الانصياع للرغبة الإسرائيلية في اتخاذ موقف حاد من إيران مقابل المضي قدماً مع الفلسطينيين في عملية السلام. وهي مقايضة قد يضطر إليها أوباما إذا ما تعثرت مساعيه لتصحيح العلاقة مع طهران وفتح حوار حقيقي قد ينهي القطيعة التاريخية بين البلدين. وسوف يزداد الأمر تعقيداً إذا ما طلبت إيران من أوباما الضغط على اليمين الإسرائيلي لتقديم تنازلات للفلسطينيين، حينئذ سيقع أوباما في دائرة الحيرة وقد يكون ذلك دافعاً لسحب يده من القضية برمتها وتأجيلها لفترته الرئاسية الثانية.

وستكون مهمة ميتشل ومن خلفه باراك أوباما ليس في العودة للأطروحات القديمة، وإنما البحث عن أخرى تسير وفقاً للمسارات الثلاثة التي سبقت الإشارة إليها، خاصة في ظل عدم وجود ضغط عربي حقيقي على الطرف الأميركي للتأكيد على ثوابت القضية. وبإمكان اليمين الإسرائيلي التذرع، كما هي العادة، بعدم وجود شريك فلسطيني وعدم اعترافه بأي حكومة قد تكون حماس ممثلَة بها. الأكثر من ذلك أن هذا اليمين العنصري قد يتخذ إجراءات سياسية وإدارية من شأنها تغيير شكل وطبيعة قضايا الحل النهائي، وذلك على غرار ما يحدث حالياً فيما يخص تهويد مدينة القدس وتغيير هويتها وطابعها الفلسطيني، وكذلك ما يتعلق بتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية.

اليمين الإسرائيلي يبدو جاداً في أطروحاته المناهضة السلام، وهو لن يتنازل شبراً واحداً عما يسعى إليه، وسيسعى بكل جهد لإقناع الأميركيين والأوروبيين بذلك، وسيستفيد من الأخطاء الفلسطينية والعربية في هذا الصدد. وسيكون من المستحيل على أوباما حينئذ اتخاذ أية خطوات أو مبادرات قد تكون من شأنها إغضاب الإسرائيليين، ومن يدعمهم أميركياً ما قد يكلفه حلم الرئاسة الثانية.

كاتب مصري

[email protected]

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيد بقصف الاحتلال مركبة بصيدا جنوب لبنان

شهيد بقصف الاحتلال مركبة بصيدا جنوب لبنان

المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مواطن لبناني، صباح اليوم الأربعاء، في قصف طائرات الاحتلال الحربية، مركبة في مدنية صيدا جنوب لبنان. وأفادت الوكالة...