السبت 10/مايو/2025

حكومة الردع والحرب المفروضة

حكومة الردع والحرب المفروضة

صحيفة الخليج الإماراتية

رغم نجاح نتنياهو في إخراج حكومته ونيلها الأغلبية في تصويت الكنيست، واحتوائها على عناصر فاشية يمينية متطرفة، وما تشير إليه من ولادة لنازية جديدة، لم نسمع استنكاراً أو حتى تصريحاً خجولاً رافضاً لمنطق نتنياهو وحكومته، لا من الدوائر الأمريكية ولا من الأوساط الغربية، الأمر الذي يشي، وبلا أدنى شك عن فرض “إسرائيل” لحكومتها وفرض نتنياهو لوزرائه وأعضاء حكومته على المنطقة وعلى المجتمع الدولي، الأمر الذي يعني أن العالم سيتعامل مع هذه الحكومة بكل وزرائها كأمر واقع، وبالتالي سيخيب ظن الكثيرين من المراقبين الذين راهنوا على حتمية اصطدام حكومة نتنياهو مع الإدارة الأمريكية أو مع الدول الغربية، فمسموح ل”إسرائيل” ما لا يسمح لغيرها، ولا مانع لدى العالم أن تكسر “إسرائيل” كل القواعد والأعراف الدولية، فلن نسمع صوتاً في المجتمع الدولي الرسمي يحتج على هذا الوزر أو ذاك من أعضاء حكومة نتنياهو، ولن نسمع عن امتناع هذه العاصمة الغربية أو تلك عن استقبال الوزراء الفاشيين في حكومة نتنياهو.

لقد كان نتنياهو واضحاً في خطاب حكومته لنيل الثقة بالكنيست وفي تصريحاته قبيل تشكيل حكومته، فهو سيتحرك مع الفلسطينيين والعرب والمسلمين لصنع (السلام)، ولكن أي سلام؟ إنه السلام وفقاً لوجهة النظر “الإسرائيلية”. لقد كان زعيم الليكود واضحاً أيضاً في تركيزه على محاربة (الإرهاب) ومساعدة أجهزة السلطة الفلسطينية التي تكافح (الإرهاب) والعمل مع السلطة الفلسطينية لتنمية الاقتصاد الفلسطيني، وهو ما كان قد سماه في حملته الانتخابية ب (السلام الاقتصادي).

وهذه جوانب ينسجم فيها رئيس الحكومة “الإسرائيلية” مع معتقداته التوراتية، وهي أيضاً جوانب كان قد تناولها تفصيلياً في كتابه: مكان تحت الشمس.

من جانب آخر، فإن نتنياهو يعتبر إيران، أكبر خطر على البشرية، وبالتالي، تتزايد الإمكانيات والاحتمالات والحالة هذه بقيام “إسرائيل” في ظل هذه الحكومة بتوجيه ضربة عسكرية للمواقع النووية الإيرانية، ولافتعال معركة في الجنوب اللبناني وعموم لبنان تحت دعوى تصفية سلاح حزب الله باعتباره أيضاً حزباً (إرهابياً)، كما تتزايد احتمالات توجيه ضربة عسكرية لمواقع سورية، باعتبار امتلاك سوريا لأسلحة دمار شامل يشكل تهديداً للأمن “الإسرائيلي”، بالتالي، فإننا في مجال احتمالات عديدة، قاسمها المشترك هو ارتفاع دقات طبول الحرب على صعيد المنطقة في ظل مثل هذه الحكومة.

المشكلة لا تكمن في نتنياهو وحزبه وائتلافه الحكومي، فهؤلاء هم نتاج المجتمع “الإسرائيلي”، وهم واضحون وضوح الشمس، وهذا ما يميزهم عن الأحزاب الصهيونية الأخرى (مثل حكومة أولمرت، ليفني، باراك السابقة)، التي تدّعي الإيمان بحل الدولتين، لكنها تعرقل يومياً الوصول إليه، وتفرض كل الوقائع على الأرض التي تدمّر مثل هذا الحل، القضية المشكلة تتمثل في الأوساط الفلسطينية والعربية التي ستدير مفاوضات مع هكذا حكومة بدعوى أنها خيار الشعب “الإسرائيلي” وليس من حقنا التدخل فيما اختاره “الإسرائيليون”! ولا تشترط ثمناً للمفاوضات حداً أدنى للقاء، على الجانب “الإسرائيلي” أن يعبر عنه وعلى سبيل المثال لا الحصر حل الدولتين.

قديماً قيل: “يكرر التاريخ نفسه مرتين، في الأولى على شكل مأساة، وفي الثانية على شكل مهزلة”، ونحن نشهد في هذه المرحلة، وللأسف، المأساة والمهزلة معاً، فقد آن الأوان للاستفادة من تجارب المفاوضات مع العدو الصهيوني، والاستفادة من دروس تسلم نتنياهو لرئاسة الحكومة في “إسرائيل” للفترة من 1996 إلى 1999، فهل نستفيد؟

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات