أوباما ونتنياهو.. الصدام ليس حتمياً

صحيفة الوطن العمانية
يراهن كثيرون على احتمال حدوث توتر في العلاقات الأميركية ـ الإسرائيلية، وذلك عطفاً على وصول اليمين الإسرائيلي المتطرف للحكم، وعدم تناغمه مع الأطروحات الأميركية الخاصة بالسلام في الشرق الأوسط. ولكن قليلاً من التدقيق تكشف أنه بقدر توافر عوامل للصدام بين الطرفين، بقدر ما يمكنهما تجاوز مسببات الصدام، والانتقال إلى مرحلة التعايش مع الوضع القائم بدلاً من تفجيره.
لذا سيكون من الخطأ أن يبني العرب حساباتهم على احتمالات وقوع الصدام بين باراك أوباما وبنيامين نتنياهو، فمن جهة أولى ليس هناك ما يدفع الرئيس أوباما للضغط على الإسرائيليين لاستئناف محادثات السلام وذلك في ظل حقيقتين أساسيتين أولاهما هي تصدع الجبهة الفلسطينية وتضاؤل فرص الاتفاق حول برنامج مشترك بين فتح وحماس حول مستقبل عملية السلام في ظل تناقض خياراتهما وعدم القدرة على العودة لمرحلة (أحمد ياسين وياسر عرفات). وثانيتهما، عدم قدرة الجانب العربي على اتخاذ موقف قوي من “إسرائيل” من أجل دفعها قدماً في مسيرة السلام، وهو ما يقلل عملياً من جدوى اقتناع الرئيس أوباما بحاجة جميع الأطراف للسلام في المنطقة.
ومن جهة ثانية، مهما حدث من خلاف بين الطرفين الأميركي والإسرائيلي، فإن ثمة قوى رادعة لهما تمنعهما من التمادي في تعميق الخلاف، حيث يدرك أوباما ونتنياهو أنهما بحاجة إلى بعضهما البعض. الأول في حاجة لعدم خسارة “الورقة اليهودية” في تفاعلات النظام السياسي الأميركي خاصة أوقات الانتخابات. والثاني في حاجة لمظلة أميركية تدعمه عسكرياً واقتصادياً ومعنوياً، فضلاً عن الحاجة لدعم داخلي قد لا يتوفر إذا ما أصر على الدخول في خلاف مع واشنطن. وقد تعلم نتنياهو الدرس جيداً من تجربته السابقة كرئيس للحكومة حين أدت علاقته السيئة بالولايات المتحدة إلى إسقاط حكومته وخروجه من دائرة الضوء التي عاد إليها مؤخراً. وبالتالي سيحرص على عدم تكرار أخطاء الماضي ولن يقامر بعلاقته مع واشنطن تحت أي ذريعة. وستكون مهمته فقط هي إقناع أوباما بعدم وجود شريك للسلام، وعدم جدوى استكمال مفاوضات الوضع النهائي مع الفلسطينيين خاصة في ظل الشقاق الفلسطيني الداخلي.
ومن جهة ثالثة، سيظل الملف النووي الإيراني إحدى الأوراق الجامعة للطرفين الأميركي والإسرائيلي، وذلك على الرغم من اختلاف المنهج بين كلاهما. فإذا كان أوباما يرى أن الخيار الأفضل للتعاطي مع المعضلة الإيرانية هو الحوار ومحاولة احتوائها سلمياً، فإنه لا يفعل ذلك انطلاقاً من قناعات راسخة بجدوى الحوار، بقدر ما هو افتقاد لحلول وبدائل أخرى، فضلاً عن وضعه الاقتصادي الذي لا يسمح لبلاده بالدخول في مواجهة عسكرية مع طهران. ما يعني عملياً أنه أقرب للخيار الإسرائيلي القائم على استمرار فرض العزلة على طهران، وعدم إعطائها فرصة لتطوير قدراتها النووية التي قد تصل إلى مستوى لا رجعة عنه.
لذا فإن بوسع الطرفين الأميركي والإسرائيلي أن يديرا علاقاتها وفق قاعدة “الحد الأدنى من التوافق”. ولن يجرؤ أي منهما على تخطي حدوده مع الطرف الآخر، بمقدار حدوث تحولات جذرية في مواقف الأطراف الأخرى سواء العربية أو الإقليمية.
لذا فإن الرهان العربي على استغلال الفجوة بين أوباما ونتنياهو قد يأتي سلباً على الموقف العربي من الصراع. ويبدو التحرك الأخير الذي قاده وزراء الخارجية العرب في الأردن مؤخراً والذي يرتكز على توجيه رسالة عربية واضحة لإدارة أوباما بضرورة الضغط على “إسرائيل” لقبول مبادرة السلام العربية، بمثابة محاولة جادة في هذا الصدد ولكنها ليست كافية. فمن شأن أوباما أن يتعلل بعدم وجود طرف فلسطيني جاهز للتفاوض، ومن شأن نتنياهو أن يتعلل بعدم وجود نية عربية للتطبيع الكامل.
وإذا أراد العرب أن يستفيدوا من الخلاف المتوقع بين أوباما ونتنياهو يجب أن يتم الضغط بكل قوة في اتجاهين أولهما دفع الفلسطينيين لإنهاء الانقسام الداخلي وتشكيل حكومة موحدة تعني بالتفاوض مع الإسرائيليين وفقاً لبنود المبادرة العربية للسلام. وثانيهما، الدفع في اتجاه تقليل الخلافات العربية ـ العربية واعتماد منهج موحّد في التعاطي مع “إسرائيل” بما فيها التهديد بقطع العلاقات الدبلوماسية ما لم تلتزم “إسرائيل” بالمبادرة وهذا أقل القليل.
وباختصار فإنه برغم الاختلافات التي قد تحدث بين الطرفين الأميركي والإسرائيلي خلال المرحلة المقبلة، إلا أن احتمال وقوع صدام بينهما سيظل حلماً بعيد المنال ولا عزاء للعرب.
* كاتب مصري.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

وثيقة للشاباك تحذر من خطر انتشار السلاح في الأراضي المحتلة عام 48
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام حذّر جهاز الأمن الإسرائيلي العامّ "الشاباك"، من أن النطاق الواسع لانتشار الأسلحة في الأراضي الفلسطينية المحتلة...

الأونروا: الاحتلال يحرم 550 طالباً في القدس من الوصول إلى مدارسهم
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أن سلطات الاحتلال تحرم 550 طالبا من...

قوات الاحتلال تواصل تصعيدها الميداني في مخيمي طولكرم ونور شمس
طولكرم - المركز الفلسطيني للإعلام تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على مدينة طولكرم ومخيمها لليوم الـ 104 على التوالي، ولليوم الـ 91 على مخيم...

إصابة جنود إسرائيليين بصاروخ مضاد للدروع في حي الشجاعية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم السبت، بإصابة عدد من جنود جيش الاحتلال في قطاع غزة نيران المقاومة الفلسطينية. وقال...

جامعة كولومبيا تعلّق دراسة 65 طالبا احجوا ضد الإبادة في غزة
واشنطن - المركز الفسطيني للإعلام علقت جامعة كولومبيا دراسة 65 طالبا من "مؤيدي فلسطين" لمشاركتهم في احتجاج داخل المكتبة الرئيسية للجامعة يوم الأربعاء...

باكستان تطلق عملية “البنيان المرصوص” ضد الهند
إسلام أباد - المركز الفلسطيني للإعلام أطلقت باكستان فجر اليوم السبت، عملية عسكرية مضادة للهجمات العدوانية الهندية على أراضيها ومنشآتها العسكرية تحت...

لجنة أممية تحذر من خطر المجاعة والمرض على الفئات الهشة بغزة
جنيف - المركز الفلسطيني للإعلام قالت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري إن نفاد الغذاء في قطاع غزة، إلى جانب الدمار الواسع...