الثلاثاء 13/مايو/2025

الأغا: العدوان طال أكثر من 18 ألف دونم و150 مزرعة دواجن والخسائر تزيد عن نصف ملي

الأغا: العدوان طال أكثر من 18 ألف دونم و150 مزرعة دواجن والخسائر تزيد عن نصف ملي

أكد الدكتور محمد الأغا وزير الزراعة في الحكومة الفلسطينية أن أعمال التجريف الصهيوني خلال حرب الفرقان الأخيرة طالت أكثر من 18 ألف دونم من الأراضي الزراعية، مُخلِّفةً خسائر مباشرة للقطاع الزراعي بقيمة 174 مليون دولار و413 مليون دولار بشكلٍ غير مباشرٍ.

وشدد الدكتور الأغا في مقابلةٍ خاصةٍ مع “المركز الفلسطيني للإعلام”؛ استعرض خلالها آثار العدوان الأخير، على أن الاحتلال يشن حربًا اقتصاديةً زراعيةً ضمن حربه الشاملة على الشعب الفلسطيني من أجل ابتزازه وإخضاعه، مبديًا ثقةً مطلقةً في الله عز وجل ثم في جهود الحكومة وصمود الشعب في إفشال هذه المخطَّطات.

وأشار إلى أن الاحتلال يشن حربًا مفتوحةً لا تعرف الأخلاق ولا القوانين، ولا تعرف الحدود وتمتد لتطال البلدان العربية، من خلال وضع العراقيل وترويج الكيماويات السامة.

وتحدَّث عن الاقتصاد الزراعي المقاوم، موضحًا جانبًا من خطةٍ إستراتيجيةٍ للتنمية الزراعية تشجِّع زراعاتٍ معينةً من أجل تعزيز الصمود وتحقيق الاكتفاء الذاتي. وفيما يلي نص الحوار:

إجمالي الخسائر والأضرار

* الحرب الصهيونية الأخيرة كانت شاملةً وتتضمَّن تدميرًا منهجيًّا لكل مقومات الحياة والصمود الفلسطينية بما في ذلك القطاع الزراعي.. فما نتائج هذا العدوان زراعيًّا؟

** لقد كانت المناطق الزراعة، والتي زادت مساحتها عن 25 كيلو مترًا مربعًا، وعلى مدى أيام الحرب، عُرضةً للتجريف والتدمير الشامل للبنية التحتية للقطاع الزراعي وقطع الأشجار وهدم الدفيئات والآبار وشبكات المياه، ووفق عمليات حصر الأضرار والتقييم التي أجرتها طواقم الوزارة كانت الحصيلة على النحو التالي:

– تقدَّر الأضرار والخسائر في القطاع الزراعي حتى الآن بما يزيد عن 174 مليون دولار من الأضرار المباشرة، ناهيك عن الأضرار غير المباشرة (413 مليون دولار).

– جرفت قوات الاحتلال خلال العدوان 10062 من الأشجار المثمرة (زيتون- حمضيات – فواكه)، فيما تم تدمير ما مساحته 1016 كيلو مترًا مربعًا من الدفيئات الزراعية و2704 من الخضروات المكشوفة و467 من التوت الأرضي و4271 محاصيل حقلية، فيما تم تدمير 22 مشتلاً زراعيًّا ومحطتين ومشتلين تابعة لتجارب وزارة الزراعة، وتم تدمير 717 بئرًا مرخصًا وغيرَ مرخصٍ.

تم تدمير 50% من مزارع الدجاج البياض، وتدمير حوالي 150 مزرعة للدجاج اللاحم بما فيها من طيور.

– علمًا أن الأضرار التي تم حصرها في سنوات الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى المباركة) قد بلعت قيمتها قرابة مليار ونصف المليار دولار من الأضرار المباشرة وغير المباشرة.

خطة تدميرية مقصودة

* في اعتقادكم.. أعملية التدمير وتجريف الأراضي الزراعية عمليةٌ عشوائيةٌ أم كانت عملية مخطَّطة ومقصودة؟

** من المؤكد أنها سياسةٌ صهيونيةٌ مُمَنْهَجةٌ لتدمير الوضع الاقتصادي في قطاع غزة؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن تدمير قطاع الإنتاج الحيواني أدَّى إلى فقدان أكثر من 20 ألف أسرةٍ فلسطينيةٍ مصدرَ دخلها الرئيسي، سواءٌ بتدمير المزارع الإنتاجية الكبيرة أو المزارع المنزلية، وترتَّب على ذلك الارتفاع الحاد في أسعار اللحوم والدواجن والبيض بسبب إبادة قطعان الدواجن المنتِجة للبيض؛ حيث تم تدمير 50% من مزارع الدجاج البياض وتدمير حوالي 150 مزرعة للدجاج اللاحم بما فيها من طيور، وبالتالي فإن هذا الارتفاع في الأسعار أدَّى إلى عدم تمكُّن المواطن من تلبية حاجات أسرته من البروتين الحيواني، وهذا بدوره ينعكس بصورةٍ مباشرةٍ على الوضع الصحي العام للمواطنين نتيجة انخفاض المناعة وعدم القدرة على مقاومة الأمراض.

لذلك نحن نؤكد أن تدمير قطاع الزراعة إبَّان الحرب الأخيرة على غزة لم يكن محض صدفة، ولم يكن مجرد إجراءٍ عسكريٍّ من جنودٍ يهمهم في المقام الأول حماية أنفسهم واتخاذ التدابير الأمنية الكفيلة بالتغلب على الخصم بأقل الخسائر، كما هي العادة في الحروب عامة، بل كانت مخطَّطًا “إستراتيجيًّا” لا مجرد إجراءٍ “تكتيكيٍّ” لحظيٍّ كما يقولون؛ فالزراعة كانت وراء فشل الحصار والعدوان، وعزَّزت صمود الشعب وحكومته واستقلال قراره السياسي، وبسببها لم يخضع للابتزاز السياسي عبر الحصار والجوع.

* وما قراءتكم لاستهداف مناطق بعينها في القطاع بالتجريف والتدمير أكثر من غيرها خلال العدوان؟

** حين ننظر إلى مسارات الحرب الثلاث نجد أنها تركَّزت على المناطق الزراعية التي لم يسبق تجريفها فيما مضى، أو تلك التي تضرَّرت بصورةٍ بسيطةٍ، ولأن بيت حانون كانت على سبيل المثال قد جُرِّفت سابقًا، فإن الاعتداءات عليها كانت هذه المرة أقل، وأما المنطقة الممتدة من جنوب بيت حانون حتى شرق مدينة غزة، ولأن هذه المنطقة كانت مركز الصناعات الغذائية والثروة الحيوانية، فقد كان نصيبها من التجريف وافرًا، ومعها منطقتا شمال وغرب بيت لاهيا، والزيتون، وخزاعة؛ ليكتمل قوس الخراب والتدمير المتعمَّد لمناطق الزراعة الأكثر تميزًا وإنتاجًا في قطاع غزة.

العدوان مفتوح

* بعد هذا العدوان الهائل والخسائر الفادحة.. هل الأمور مرشَّحةٌ للهدوء وإعطاء المزارعين فرصة لالتقاط الأنفاس؟

** لا.. نعتقد أن هذا العدوان لم يَنْتَهِ؛ فالاحتلال يشن حربًا مفتوحة لا تعرف الأخلاق ولا القوانين، ونعتقد جازمين أنها لا تزال في بداياتها؛ فأمام العدو الكثير مما لم ينجزه حسب فهمنا لنمط تفكيره وإستراتيجياته، وهي حربٌ لم تُحسَم بعد، ولا تعرف الحدود، وربما لا تكون فلسطين على وجه التحديد العدوَّ الوحيد للكيان الصهيوني كعدوٍّ مُعلَنٍ، ولكن حتى الذين ربطتهم بهذا الكيان معاهداتُ السلام والصداقة ترى حكومة الاحتلال فيهم خطرًا ممكنًا.

الحرب تخترق الحدود

* هل تقصدون أن الاحتلال يشن حربًا زراعيةً اقتصادية غير مُعلَنة على دول عربية؟! وما أوجه هذه الحرب؟

** نعم؛ فهو تارةً يصدر إليها الأوبئة والأمراض النباتية والحيوانية، أو يفسد الأصول الوراثية النقية لأصنافٍ من المحاصيل تميَّزت قرونًا من الزمن بالجودة العالية والمواصفات الأصيلة، وتارةً ينافسهم في التسويق ويبطل فرصهم.

كما أنه ثبت قيام الاحتلال بالتدخل عبر أعوانه وعملائه في رسم السياسات الزراعية والتركيب المحصولي لبعض البلدان العربية بما يخدم المنتج عندهم ويعزز بقاءهم على رأس مصدِّري التقنيات الزراعية والجديد في عالم الزراعة، والشواهد على ذلك متعددة، وأكثر من أن تُذكَر.

الأزمة الغذائية

* يدور الحديث عن أزمةٍ غذائيةٍ في قطاع غزة نتيجة استهداف القطاع الزراعي بالعدوان والحصار وما نجم عنهما من ارتفاع الأسعار، خاصةً اللحوم.

** بكل تأكيد؛ فغزة الخارجة من الملحمة كانت ولا تزال بين حربين: حربٍ عسكريةٍ مُعلَنةٍ، وحربٍ زراعيةٍ غير مُعلَنةٍ نقرأ نتائجها ونعرف أسبابها من واقع تكرُّر أعمال التجريف وقطع الأشجار، وقتل الحيوانات، وتدمير حظائر الأبقار والأغنام والدواجن.

كل ذلك وضع الحكومة والشعب أمام أزمة غذاءٍ خطيرةٍ؛ صاحبها ونتج منها ارتفاعٌ في الأسعار يكاد يصل إلى تضاعف سعر بعض السلع الأساسية كاللحوم والألبان ومشتقاتها.

ونعتقد أن الاحتلال يشن علينا ضمن عدوانه الشامل “حرب البروتين” التي نتج منها آثارٌ صحيةٌ سلبيةٌ كشفت عنها تقارير وزارة الصحة التي تؤكد ارتفاع نسبة فقر الدم ولين العظام وضعف المناعة المرتبط بسوء التغذية ونقص البروتين الألبان ومشتقاتها في الدرجة الأولى ثم التلوث الكيميائي.

* وما دور الحصار في ذلك؟

** الحصار دوره مُدمِّرٌ، وهو كان الخطوة الأولى للحرب وأساسها الذي اعتقدت دولة الاحتلال أنه يمهِّد لها الطريق، وفي أفضل توقعاتهم أنه قد يحقِّق لهم الغاية قبل المواجهة عبر انهيار الفلسطينيين كنتيجةٍ للحصار.

وعلى سبيل المثال أدَّى منع دخول الأعلاف والغاز بسبب الحصار وإغلاق المعابر إلى تفاقم الأزمة؛ حيث لم يدخل قطاع غزة منذ سنتين إلا أربعة آلاف رأسٍ من الأبقار، بينما حاجة القطاع حوالي 30 ألف رأس للذبح سنويًّا، فضلاً عن قتل أعدادٍ كبيرةٍ من الأبقار والأغنام خلال الحرب أدَّى إلى حرمان الكثير من الأسر الفلسطينية من الحصول على منتجات الألبان والحليب الضروري في سلة الغذاء، وخاصةً الأطفال.

ونحن نؤكد أن كل هذا لم يفتَّ في عضد الحكومة ولا الشعب؛ فقد كانت آليات مواجهة الحصار وإدارة الأزمة التي اتبعتها وزارة الزراعة وراء إفشال مخطَّط التجويع والتركيع هذا.

الأسلحة المُحرَّمة

* ثبت استخدام الاحتلال أسلحةً مُحرَّمةً دوليًّا خلال الحرب.. إذا كان تأثير هذه الأسلحة المباشر معروفًا فهل هناك من تأثيراتٍ بعيدة المدى لهذه الأسلحة، خاصةً على القطاع الزراعي والمياه؟

** الأثر البيئي للأسلحة المُحرَّمة التي استُخدمت، والتي أثبت الخبراء استخدامها -وأولها الفسفور الأبيض وما له من أخطارٍ وآثارٍ تمت مشاهدتها عبر البث المباشر- وما بقي منها من آثارٍ؛ يهدد البيئة والصحة العامة بطريقةٍ مباشرةٍ عبر الاشتعال، وغير مباشرةٍ عبر دخولها في السلسلة الغذائية واستقرارها في أنسجة الحيوانات والعصارة النباتية للمحاصيل والتربة، وتسرُّبها المؤكد إلى الخزان الجوفي (المصدر الوحيد لمياه الشرب في غزة)، هذا بخلاف استخدام اليورانيوم المنضَّب، وقد أكد الخبراء العالميون هنا وفي الخارج أن جيش الاحتلال قد استخدم أسلحةً تحتوي اليورانيوم المنضَّب وقذائف الدايم.

* وأين دور الحكومة في مساعدة المتضرِّرين والتخفيف من هذه الأضرار ا

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات