الجمعة 09/مايو/2025

نتنياهو يستأنف حرب بوش على الإسلام

نتنياهو يستأنف حرب بوش على الإسلام

صحيفة الخليج الإماراتية

ليس صحيحاً أن بنيامين نتنياهو تقصّد تأخير إعلان حكومته إلى ما بعد اختتام قمة الدوحة ليتأكد من مدى التزام الملوك والرؤساء بمبادرة السلام العربية. هو يعرف موقفهم تماماً كما يعرف أنهم يعرفون موقفه منها حتى قبل تأليف حكومته.

نتنياهو كافح كثيراً، في الواقع، لتأليف الحكومة وإعلانها قبل قمة الدوحة ليبقى في إطار المهل الدستورية المرعية الإجراء، وليطّلع أيضاً على ردود فعل الملوك والرؤساء على تركيبتها وسياستها. لكن المساومات والمقايضات التي اكتنفت تأليفها من جهة والألاعيب والمناورات التي اعتمدتها المعارضة بقيادة زعيمة ليكود تسيبي ليفني، من جهة أخرى، أدت إلى تأخير نيلها الثقة إلى ما بعد اختتام قمة الدوحة.

لماذا تقصّدت ليفني ونواب حزبها تأخير التصويت على الثقة إلى ما قبل ساعة واحدة من منتصف ليل 31 مارس/آذار – 1 إبريل/ نيسان؟

الجواب: كي يجري التصويت في الأول من إبريل /نيسان، “يوم الكذب العالمي”! اجل، كان مطلوب المعارضة إجبار نتنياهو على نيل الثقة في الأول من إبريل لتسهيل وصف حكومته في قابل الأيام بأنها “حكومة كذبة إبريل/نيسان”!

ربما كان نتنياهو، وما زال، بطل الكذب في “إسرائيل”، لكنه في بيان حكومته أمام الكنيست كان، لأول مرة، صادقاً. السبب؟ لأنه لا يشعر البتة بحاجة إلى أن يحسب حساباً للعرب أو ليكذب عليهم. فجيرانه في الجغرافيا لا يشكّلون في الوقت الحاضر أي خطر على دولته العنصرية، وبعضهم لا يخفي مشاطرته الرأي بأن الخطر الأول على أمن المنطقة ليس “إسرائيل” النووية التوسعية.

بالعكس، كان نتنياهو يريد إعلان سياسة حكومته للمرحلة المقبلة قبل قمة الدوحة كي تتوفر له الفرصة للتأثير فيها. ومع ذلك فإنه حرص على أن يعلن أمام الكنيست بالفم الملآن “أن “إسرائيل” تتطلع لتحقيق السلام مع كلٍ من العالمين العربي والإسلامي، وأن هذا التطلع مدعوم أيضاً بمصلحة مشتركة بين “إسرائيل” والدول العربية في مواجهة التنين المتعصب الذي يهددنا جميعا. فالإسلام المتطرف لا يهددنا وحدنا فقط، لكنه أولاً وقبل كل شيء يهددنا جميعاً”.

إن “الإسلام المتطرف”، في عرف نتنياهو، يهدد المسلمين أنفسهم وليس “إسرائيل” وحدها. صحيح أن “إسرائيل”، في خطابه، “تواجه اختبارين: اختباراً اقتصادياً واختباراً أمنياً”. لكن الاختبار الأمني، وقوامه “الإسلام المتطرف”، هو مصدر الأزمة الأمنية التي تهدد الكيان الصهيوني بالدرجة الأولى كما العرب والمسلمين وسائر البشرية! كيف؟

يقول نتنياهو إن “الخطر الأكبر على البشرية ينبع من إمكانية تسلّح نظام راديكالي بسلاح نووي أو تسلح سلاح نووي بنظام راديكالي”.

بهذه المعادلة الهمايونية يضع نتنياهو الإسلام كله، السني والشيعي، في سلة واحدة وينعت المسلمين جميعاً بالتطرف، محاكياً في ذلك جورج دبليو بوش الذي كان دعا إلى شن “حملة صليبية” على الإسلام الراديكالي. فعبارة “تسلح نظام راديكالي بسلاح نووي” تشير بوضوح إلى إيران. وعبارة “تسلح سلاح نووي بنظام راديكالي” تشير بوضوح إلى باكستان. ذلك أن إيران، في عرف “إسرائيل”، نظام يسعى إلى امتلاك سلاح نووي، بينما باكستان جيش يمتلك سلاحاً نووياً وتخشى “إسرائيل” أن يقيم نظام حكمٍ راديكالياً في بلاده.

أياً ما كان المعنى الذي قصده نتنياهو فالنتيجة تبقى واحدة وهي أن رئيس وزراء “إسرائيل” القديم- الجديد يستأنف بأقواله وأفعاله الحرب التي كان باشرها بوش على الإسلام وأطلق عليها اسم “الحرب على الإرهاب”. غير أن نتنياهو يدرك أن الحرب على الإسلام فقدت الكثير من أنصارها في أمريكا لدرجة أن وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون أعلنت أخيراً تخلي واشنطن عن هذه التسمية. فهل تراها تخلت عن مضمونها؟

يحتاط نتنياهو لما يمكن أن يطلبه منه باراك أوباما على صعيدي الموقف من الإسلام والموقف من حقوق الشعب الفلسطيني، فتراه يدعو في خطابه إلى سلام مع الإسلام وسلام مع العرب “وترتيبات مع الفلسطينيين”. ما مضمون هذه الترتيبات؟

نتنياهو لا يفصّل بل يكتفي بإشارةٍ إلى “تطوير مكثّف للاقتصاد الفلسطيني”، وإلى تدريب للشرطة الفلسطينية كي تتصدى للإرهاب، أي للمقاومة. فلا إشارة منه إلى خريطة الطريق، أو إلى حل الدولتين، أو إلى المبادرة العربية، أو إلى وقف الاستيطان، أو إلى وضع القدس، أو إلى حق العودة.

يخيب أمل محمود عباس بالحكومة “الإسرائيلية” الجديدة فيسارع، من الدوحة، إلى وصفها بأنها “يمينية ومتطرفة”، لكنه لا يدعو إلى قطع الحوار مع “إسرائيل” بل يشترط لاستئنافه “أن تعترف بالشرعية الدولية، وأن تعترف بالاتفاقات الموقعة وبرؤية الدولتين”.

ما موقف دول العرب من حكومة نتنياهو بعد تجاهلها “مبادرة السلام العربية” التي كانت أعلنت أنها تطالب “إسرائيل” بموقفٍ منها في “إطار زمني محدد”؟

إن الاكتفاء بشروط عباس لاستئناف الحوار يعني، في أحسن حالاته، بقاء المبادرة طويلاً على الطاولة، فمتى يصار إلى تحديد الإطار الزمني، أي المهلة اللازمة، لقبول “إسرائيل” المبادرة أو رفضها؟

ثم لنفترض أن نتنياهو تجاهل الإطار الزمني- وهو، في الواقع، تجاهله ضمناً- فماذا يفعل أنصار المبادرة التي تبنتها كل الدول العربية في قمة الدوحة؟

لعل الجواب البديهي والأفعل عن هذه الأسئلة هو في اتخاذ ثلاث خطوات عملية واستراتيجية طال انتظارها:

* أولاً، تسريع المفاوضات بين الفصائل الفلسطينية للتفاهم على مقتضيات مواجهة تحديات المرحلة الراهنة وفي طليعتها إقامة حكومة وفاق وطني، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، وإعادة تنظيم وتثوير منظمة التحرير الفلسطينية.

* ثانياً، عقد قمة طارئة لتوحيد موقف الدول العربية، لاسيما دول الطوق، من الكيان الصهيوني وحكومته المتطرفة وسياستها العدوانية التوسعية، وبالتالي الإعلان أن المقاومة هي الخيار الوحيد المتبقي للشعب الفلسطيني وأن الدول العربية تدعم خياره بكل الوسائل السياسية والمادية المتاحة.

* ثالثاً، مباشرة محادثات عاجلة وفاعلة بين الدول العربية الراغبة من أجل إحياء مشروع السوق العربية المشتركة وتنفيذه، وإقامة اتحاد تعاهدي (كونفدرالي) سياسي واقتصادي وعسكري يكون نواةً لاتحاد عربي أشمل.

هل من نهج آخر قبل وقوع نكبة أخرى؟

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

اعتقال 4 فلسطينيين من الخليل

اعتقال 4 فلسطينيين من الخليل

الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الجمعة، 4 فلسطينيين خلال اقتحامات متفرقة في مدينة الخليل جنوبي الضفة...