الخميس 08/مايو/2025

الربط بين الحل الفلسطيني والأمن القومي الأمريكي

الربط بين الحل الفلسطيني والأمن القومي الأمريكي

صحيفة الخليج الإماراتية

عندما يعلو صوت شخصية سياسية أمريكية، مقربة من إدارة الرئيس باراك أوباما، يدعو لسياسة جديدة لا تتحيز ل “إسرائيل”، فإن هذا لا بد أن يدعونا للتوقف وقراءة رسالته، خاصة أننا اعتدنا أن نشهد حملات دعائية عدائية من القوى اليهودية الأمريكية وأنصارها ضد أي من يدعو لاتباع سياسة غير متحيزة بين العرب و”إسرائيل”، وكأنها خطيئة يستحق عليها الحساب.

الصوت جاء من الدبلوماسي دانييل كيرتز (وهو يهودي)، والذي يوصف في كتابات أمريكية بأنه واحد من مستشاري أوباما الرئيسيين للشرق الأوسط، وأعلنه في كتاب بعنوان “التفاوض على السلام العربي الإسرائيلي”، وشاركه في تأليفه سكوت لاسنسكي، وهو من خبراء الشرق الأوسط المعروفين، بمعهد الولايات المتحدة للسلام، الذي أنشأه ويموله الكونجرس.

والكتاب هو خلاصة خبرة مباشرة في عملية السلام، حيث شغل كيرتز من قبل منصب سفير بلاده في كل من مصر و”إسرائيل”، وأيضاً نتيجة جهد تسعة أشهر تشاور فيها المؤلفان مع عشرات من رجال الحكم، والقيادات السياسية، وشخصيات من المجتمع المدني، عكفت خلال السنوات القليلة الماضية على المتابعة وكتابة دراسات وبحوث حول سلام المنطقة.

وهو يعترف بخطأ دبلوماسية أمريكا في الشرق الأوسط، ويلقي الضوء على أخطاء الماضي، ويرجع فشل حكومتي كلينتون وبوش من بعده في الوساطة لاتفاق الوضع النهائي بين “إسرائيل” والفلسطينيين، إلى السلوك العام للدبلوماسية الأمريكية، الذي أنتج نمطاً ينذر بالخطر لدبلوماسية أديرت بطريقة سيئة، وهو ما أضعف مركز أمريكا في المنطقة وفي العالم.

الكتاب يقول: إن غياب دور أمريكي فعال ومستمر سيقوض الكثير من أهداف السياسة والأمن القومي للولايات المتحدة، ويعدد حلقات سلسلة الفشل والأخطاء فيما يلي:

 (1) المجموعة الصغيرة من صناع سياسة مفاوضات السلام، في أثناء حكم كلينتون، التي كان يرأسها دنيس روس، كانت منفصلة عن بيروقراطية وزارة الخارجية المسؤولة بشكل يومي عن مباشرة سياسة أمريكا في الشرق الأوسط، وهذا الانفصال قد عرقل بلورة مواقف أمريكية محددة تجاه القضايا الأساسية.

 (2) إن المفاوضين الأمريكيين كانوا في عجلة من أمرهم، ولم يعدوا أنفسهم جيداً للمهمة، ولم يكونوا ودودين بالدرجة الكافية تجاه الظروف السياسية التي تقيد حركة ياسر عرفات، وعلى العكس من ذلك كانوا منشغلين بالاحتياجات السياسية الداخلية لرئيس الوزراء “الإسرائيلي” (وقتئذ) إيهود باراك.

وهذا الجو الذي كانت تجري فيه مفاوضات السلام قلل من احتمالات الوصول إلى قرارات جوهرية.

 (3) عندما فشلت مفاوضات “كامب ديفيد 2″، بين باراك وعرفات بمشاركة كلينتون، فإن المسمار الأخير في نعشها، إلقاء مسؤولية الفشل كلية على عاتق عرفات.

 (4) جاءت حكومة بوش وليس لديها أي رغبة في أن يكون لها دور في عملية السلام، لأنه اعتبر أن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية لن تكون لها أي عواقب على المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، وهو توجه اتفقت معه “إسرائيل”.

 (5) وحين وجد بوش في عام ،2002 وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أن احتياجه لكسب تأييد العالم الإسلامي لسياسته يتطلب تأييد قيام دولة فلسطينية، فإنه أبدى هذا التأييد.

هذا الكتاب يقدم لأوباما نصائح أو مفاتيح لمن يريد النجاح، استخلصها من دروس وتجارب الفشل على أيدي رؤساء سبقوه من أهمها:

أن القيام بدور محامي “إسرائيل” قد جلب أضراراً خطيرة لعملية السلام، وأن التوصل إلى اتفاقيات متينة البنيان وقادرة على البقاء يأتي حين يرى الأطراف أنفسهم متساوين، لأن غياب التوازن فيما بين “الإسرائيليين” والفلسطينيين يؤدي إلى انسحاب دوافع المصلحة لدى الفلسطينيين في التوصل إلى اتفاق عن طريق التفاوض، خشية تثبيت وضعهم في موقف استراتيجي أقل.

إن الطريق الوحيد لتغيير ديناميكية عملية السلام، هو أن تتبنى واشنطن دوراً في الوساطة غير متحيز، وأن تقنع الأطراف بالتزامها فعلا بتحقيق السلام.

وعلى ضوء ما طرحه كيرتز ولاسنسكي في كتابهما فإن ما تحدثا به عما تحمله سياسة التحيز من أضرار على مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة، يأتي وكأنه محاولة لكشف الغطاء عن مبدأ جرت الكثير من الجهود المكثفة لإبعاده عن دائرة نظر الأمريكيين كشعب، وعزله عن منظومة إدارة المؤسسات الرسمية للسياسة الأمريكية تجاه العرب و”إسرائيل”.

هذا المبدأ كان قد جرى إبرازه في عهد الرئيس بوش الأب، حين ربط بين الحل العادل والدائم للنزاع العربي – “الإسرائيلي” على جميع المسارات، ومصالح الأمن القومي للولايات المتحدة.

ثم تبعه كلينتون في فترة ولايته الأولى، في مساع لتأكيد المبدأ قبل أن تطلق عليه حملات علاقاته النسائية، وشل فاعليته على اتخاذ قرار السياسة الخارجية، خاصة تجاه عملية السلام.

وجاء بوش ومحافظوه الجدد يقطعون الصلة بين الناحيتين، تسبقهم جهود طويلة لتثبيت فكرة التطابق بين أمن “إسرائيل” والأمن القومي الأمريكي، وهي المهمة التي عهدوا بها في البداية إلى المعهد اليهودي للأمن القومي، الذي أنشأوه في واشنطن بعد حرب 1973، وعبر كتاباتهم المتصلة التي تدور حول هذا المعنى منذ عام 1992 وحتى 2000.

لهذا، فإنه إذا كانت العودة إلى الطرح الصريح لهذا الترابط تمثل خطوة مهمة من كيرتز ولاسنسكي فإنها تستحق منا نحن أن نعبئ لها جهوداً تستفيد من إحياء هذا المبدأ أمريكياً، ولكي نخاطب بها الرأي العام الأمريكي.

هذا ما تفعله “إسرائيل” بحملات علاقات عامة وزيارات منتظمة لأمريكا، وما أحوجنا نحن لأن نتحرك ونركز على هذا المعنى الذي غيبوه طويلاً عن الأمريكيين.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين

جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 4 مستوطنين عصر اليوم الأربعاء، في عملية إطلاق نار استهدفت سيارة قرب مدينة جنين، قبل أن ينسحب منفذ العملية من...