الثلاثاء 06/مايو/2025

الحملة الأهلية لاحتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية

الحملة الأهلية لاحتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية

أولاً: مقدّمة:
في مسقط 2006، وأثناء الدورة الخامسة عشرة لمجلس وزراء الثقافة العرب، طلب وزير الثقافة العراقي تأجيل دور بغداد كعاصمة للثقافة العربية – والذي كان مقرراً في العام 2009- إلى العام 2013 نظراً للظروف التي تمر بها المدينة. عقب ذلك، بادر وزير الثقافة الفلسطيني في حينها د.عطاالله أبو السبح مباشرة إلى اقتراح تبنّي القدس عاصمةً للثقافة العربية عام 2009 فوافق الحضور بالإجماع.
شكّل هذا الإعلان تحدياً حقيقياً أمام الأمة العربية بكل أطيافها ومكوناتها، الرسمية والشعبية، فلطالما أكّدت الأمة في أدبها وشعرها وثقافتها على مكانة القدس ورمزيتها، واستفاض علماؤها ورجال الدين فيها في التشديد على قدسية المدينة وفضلها ومكانتها، وأصرّت تصريحات سياسييها وزعمائها على الحق الثابت في المدينة وعدم التنازل عنه، وها هي الأمة اليوم أضحت أمام اختبارٍ عملي تُترجم فيه هذه الرمزية إلى فعلٍ وثقافةٍ ووعي، وتُثبت فيه أن القدس فعلاً تشغل الوعي والفكر في كل المناحي وليست مجرد رمزٍ تمرّ عليه في خطبة انفعالية ثم تنساه؛ هذه الأمة باختصار تقف أمام ذاتها في اختبار: هل هي تستحق القدس، أم لا تستحقها!

وكما كان هذا الإعلان تحدياً، فقد شكّل في الوقت عينه فرصةً تتوق إليها المدينة الرابضة في القيد، فرصةً لخلق تحرّكٍ عربي شامل في الفكر والثقافة والوعي والممارسة، فالمدينة يعمل فيها مبضع المشروع الصهيوني المظلم والمتمادي في شراسته في هذه الأيام ليُلبس هذه المدينة اسم “أورشليم”، وليزرع لها لساناً عبرياً مكان لسانها العربي المبين، وليفرض عليها رموز ثقافةٍ مفتعلةٍ هزيلةٍ يُدرك كل من يراها أنها غريبةٍ عن المكان وتراثه وسكينته ورونقه، مشروعٍ يزوّر التاريخ ليقول أن هذه المدينة يهودية الطابع والثقافة والتاريخ، ويغيظه أن كل ما فيها لم يفتأ يشهد صارخاً بكذب ادعائه رغم مرور الأعوام الستين على قيام المشروع، يغيظه أن أول ما تقع عليه العين في المدينة هو القبة الذهبية الساحرة والمسجد الفسيح المتربع حولها ببهاءٍ وجلال، وأن العين لا تلبث أن تنتقل إلى سماء المدينة لتشهد أبراج الكنائس وأجراسها تعانق المآذن، وفإن نظرَت إلى أفق المدينة فلا ترى له فيها إلا أبنية مفتعلة غريبة الشكل يضيق الصدر بمرآها، وفإن نظرَت في الأحياء والأزقة هالتها أحذية عسكرية سميكة لا تمت بصلة لسكون المكان وبهائه ورونقه، وشعائر دينية مجلّلة بالنهب والتزوير للمكان والزمان، فالقداسة آخر ما يمكن أن توصف به.

المدينة تشتاق إلى مشروعٍ ثقافي فكريٍّ يجابه هذا الظلم والزور، ويحفظ لها وجهها العربي وطابعها الإسلامي المسيحي المنقوش في كل حناياها، ويسندها في صمودها أمام ثقافة الظلم والتزوير، ويزرعها في عقل وقلب من تشتاق لهم ويشتاقون لها، فتبقى عصيةً على الاقتلاع والطمس والتشويه، وقد جاء إعلانُها عاصمةً للثقافة العربية ليُشكّل فرصةً ذهبيةً إن أُحسن استغلالها، فرصةً لبدء تحرّكٍ يسند صمود المدينة في معركة الوعي والثقافة، وفي معركة البقاء والتصدي، حتى يحين وقت عودتها إلى حضن أمتها.    
ومع إدراكنا لطبيعة هذا التحدي الجسيم وهذه الفرصة الذهبية وإدراكنا لخطورتها وأثرها العميق في وعي الأمة بحقوقها ومقدساتها ومشروعها التحرري، ومن موقع مسؤوليتنا عن القدس كمؤسساتٍ للمجتمع المدني تمثل وعي وضمير جماهير أمتنا، ومن موقعنا كمؤسساتٍ ارتضت لنفسها عبئ خدمة القدس والعمل على دعمها وحمايتها، ولتحقيق التكامل بين الجهد الرسمي والجهد الأهلي الشعبي، فإننا ندعو إلى إطلاق الحملة الأهلية لاحتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية 2009، واختصاراً: (الحملة الأهلية لاحتفالية القدس).

ثانياً: فكرة ومضمون الاحتفالية:
المتعارف عليه أن تأخذ احتفاليات عواصم الثقافة في العادة شكل فعاليات المدن،  فتنعقد لأجلها أحداثٌ وأنشطة متعدّدة تستعرض المخزونات الثقافية لهذه المدن، واللجان المنظمة لهذه الاحتفاليات تعمل في العادة على تنشيط مختلف القطاعات الثقافية والفكرية والإعلامية، والتخطيط لفعاليات متواصلة تقام في المدن على مدار العام، وتحمل صورتها إلى العالم عبر وسائل الإعلام.

المختلف في حالة القدس هو أنها مدينة تحت الاحتلال، وهو ما يجعل إنجاز الاحتفالية على وجهها المعتاد أمراً مستحيلاً، وهو إن تمّ يشكّل شكلاً من أشكال الاعتراف بشرعية الاحتلال، ناهيك عن أن الاحتلال سيكون متحكماً بصورة هذه الاحتفالية ومحتواها. ونحن إذ نعي هذه الاعتبارات المعقدة، فإننا  نحرص على أن تكون الاحتفالية “لأجل القدس”، بحيث تنطلق فعالياتها من مختلف العواصم العربية شوقاً لاحتضان القدس من جديد، فتعبّر عن شوقها هذا بمختلف أشكال الفعاليات الثقافية والفنية، وتحيي وتستعرض وتنشر المخزون الثقافي الثريّ لهذه المدينة المقدّسة المغيبة في ليل الاحتلال.

ثالثاً: أهداف الاحتفالية:

(1) إبراز الهوية الثقافية لمدينة القدس فلسطينياً وعربياً وإسلامياً ومسيحياً وإنسانياً، والتعريف بها وبهويتها ومقدساتها وتراثها من خلال استعراض ونشر المخزون الثقافي لهذه المدينة المقدسة المغيبة في ليل الاحتلال.
(2) تكريس رمزية هذه المدينة، وترجمتها إلى واقع يضعها في صدارة الوعي والثقافة والفكر في العالم العربي من خلال إطلاق حركة ثقافيةٍ فكريةٍ لخدمة المدينة في كل مناحي الثقافة والفكر والمعرفة.
(3) التعريف بما تعانيه هذه المدينة وأهلها في ظل الاحتلال الصهيوني العنصري، وبواقع صمودها وصمود أهلها الذين جعلوا مدينتهم مدينةً عصيةً على الاقتلاع.
(4) تعميق روح التحدي للاحتلال لدى جماهير الأمة، وتحريك الجماهير العربية نحو القدس وأهلها لدعم وإسناد صمودهم بكل الوسائل الممكنة.
(5) تكريس مفهوم الشراكة والتكامل بين مختلف مكونات الأمة من أجل نصرة القدس، وتعزيز دورها كقضيةٍ جامعةٍ موحّدة.

 
رابعاً: نشاطات وفعاليات مقترحة للاحتفالية:
لتنظيم مسارات العمل في الاحتفالية، ولتحقيق أقصى استفادة ممكنة من الوقت الضيّق والمصادر المتاحة للتحضير، فالمقترح بين يدي الحملة تحديد الفضاءات الثقافية التي ستنشط فيها وهي 12 فضاءً مقترحاً:
1. الشعــر.
2. النثر والمقال والأعمال الصحفية.
3. الرواية والقصة القصيرة.
4. الأغنية والنشيد.
5. الرسم
6. الحرف اليدوية.
7. المسرح.
8. الأفلام الوثائقية والتسجيلية.
9. التصوير الفوتوغرافي.
10. التصميم الفنّي والعروض متعدّدة الوسائط.
11. الإصدارات الأكاديميّة.
12. مشروعات كبرى للتثقيف بالقدس وشؤونها.

على أن تسعى الجهات المشرفة على التخطيط والتنفيذ لاستكشاف إمكانية العمل في فضاءاتٍ أخرى مؤثرة ضمن محددات الوقت والتمويل، وخصوصاً مجالات الدراما والسينما.

 

خامساً: آلية إدارة الاحتفالية:
لإنجاح هذه الاحتفالية واحتضانها نقترح أن تُشكل لإدارة الاحتفالية (4) جهات أساسية:

1- الهيئة العامة للاحتفالية (75-90 عضواً):
وتتكون من شخصيات لامعة من مختلف مجالات الثقافة، من شعر ورواية وفكرٍ ومسرح وتمثيل وغناء وسينما، إضافة إلى رموز دينيين لما لهذه المدينة من قداسة فريدة، ورؤساء وممثلين عن مختلف المؤسسات الراعية للاحتفالية، بحيث يكون العدد الإجمالي لأعضاء اللجنة 75-90 عضواً يتوزعون على مختلف أقطار العالم العربي، ويمثلون مختلف ألوان الطيف الفكري والديني والمذهبي، مع إيلاء أهمية خاصة لتمثيل الفضاء الثقافي الفلسطيني.

تشكل هذه الهيئة العامة المظلة الراعية، والائتلاف الذي يفتح آفاق العلاقات والتمويل، وتجتمع في العام 2008 لتأسيس الحملة وإطلاق فعالياتها، وبعد تأسيسها تحدد بنفسها مواعيد انعقادها وأماكنها.

2- اللجنة تحضيرية (13-17 عضواً):
تختار الهيئة العامة للحملة لجنةً تحضيريةً تضع السياسات والتوجهات، وتتابع تحصيل التمويل وفتح آفاق العلاقات، وتتواصل مع وزارات الثقافة العربية لتوسيع طيف المشاركة في حملة الاحتفالية، وتتابع مجمل أعمال المكتب التنفيذي لحملة الاحتفالية. عدد الأفراد المقترح لهذه اللجنة بين 13-17 شخصاً يجتمعون مرّة كل 3 شهور لمتابعة أوضاع الحملة.

3- لجان المتابعة القطرية:
وتنبثق عن اللجنة التحضيرية لتتولى تحضير أعمال وفعاليات الحملة في بلدانها، وهي تنسق عملها مباشرةً مع المكتب التنفيذي.

4- المكتب التنفيذي (15-20 عضواً):
ويتشكّل من تنفيذيين متفرّغين أو متطوعين لتنفيذ فعاليات حملة الاحتفالية، بحيث يترأس كلّ منهم لجنة تتبنى مساراً أو أكثر من مسارات الحملة الإثني عشر، وهذا المكتب يقترح الخطة التنفيذية ويتابع التحضير الميداني لحملة الاحتفالية ويسيّر أعمالها بإشراف اللجنة التحضيرية.

5- الشركاء (Partners): وهي الجهات التجارية أو الإعلامية المشاركة في رعاية الحملة.

سادساً: الامتداد الجغرافي لحملة احتفالية القدس:
بناءً على التصور المقدّم في البند ثانياً، فالحملة الأهلية لاحتفالية القدس ستسعى إلى إطلاق أنشطةٍ وفعاليات لأجل مدينة القدس في أوسع امتدادٍ جغرافي ممكن على امتداد العالم العربي، بل وعلى امتداد الاغتراب العربي في مختلف دول المهجر، لتستعرض مكانة هذه المدينة لدى الأمة، ولتستعرض ما تختزنه كل عاصمة ومدينةٍ من مكنوناتٍ تعبّر عن رمزية هذه المدينة ومركزيتها، وعن عدالة قضيتها والشوق لعودتها إلى حضن أمتها.

هذا الاتساع الجغرافي الواسع لنطاق الأنشطة يحتم تأسيس لجانٍ محليةٍ فاعلة وقادرة، تتفاعل مع المكتب التنفيذي الذي سيكون بمثابة المحفز لكل هذه الطاقة الكامنة، وأهم ما يمكن أن توفره الهيئة العامة من رعاية وتبنٍّ في المراحل الأولى للحملة يكمن في دعوة أعضائها لتشكيل هذه اللجان المحلية واستخدام ثقلهم ومكانتهم في مجتمعاتهم لدعم هذه اللجان المحلية ومتابعة تشكيلها حتى تصبح فاعلةً وقادرةً على العمل والتفاعل مع الجسم المركزي للحملة.
 
سابعاً: ميزانية الاحتفالية:
وتنقسم إلى:
1- ميزانية الإدارة والتحرّك والإشهار: وهي الميزانية الأولية التي تغطي أعمال التحضير للحملة، واجتماعات مختلف هيئاتها، وبخاصة الاجتماع التأسيسي للهيئة العامة للحملة وما يتبعه من إطلاق للحملة وإشهارٍ لها، وقد تكفّلت بهذه الميزانية مؤسسة القدس الدولية، المبادرة للدعوة، بالتعاون مع الجهات الثلاث المشاركة في الدعوة.

2- ميزانية المشروعات والنشاطات والفعاليات: وهي الميزانية المطلوبة لتنفيذ مختلف الفعاليات خلال مدة الاحتفالية، والتحضير للمشروعات الكبرى التي ستطلق خلالها. مصادر إيرادات هذه الميزانية تشمل دعم الجهات الراعية للمشروعات، وتبرع الشركاء بخدمات وأعمال مجانية لمصلحة الحملة، والميزانيات التي ترصدها مختلف الجهات والهيئات والمؤسسات الداعمة للحملة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

غارات إسرائيلية تستهدف اليمن

غارات إسرائيلية تستهدف اليمن

صنعاء- المركز الفلسطيني  للإعلام شنت طائرات حربية إسرائيلية، مساء الإثنين، غارات عنيفة استهدفت مناطق واسعة في اليمن. وذكرت القناة 12...