الأرض ويوم الأرض

صحيفة البيان الإماراتية
أصدرت الحكومات الإسرائيلية بين عامي 1948 و1953 عدداً من القوانين التعسفية تجاه ملاك الأرض العرب (من مواطنيها)، ومن أكثرها سوءاً قانون أملاك الغائبين وقانون الاستيلاء على الأراضي، والهدف من هذه القوانين هو مصادرة أملاك السكان العرب سواء الذين هُجّروا أم الذين بقوا داخل الخط الأخضر، والتضييق عليهم، واقتلاعهم من بيوتهم وقراهم ومدنهم.
ولم تستهدف هذه القوانين الأراضي الزراعية فقط بل استهدفت أيضاً البيوت السكنية والمحلات التجارية والمصانع والمنشآت الحرفية وكل ما في حكمها، وكانت حصيلتها سطواً مباشراً على أملاك السكان العرب واستيلاء همجياً عليها وتجريد المالكين مما يملكون، ومن البديهي القول إن هذا كله ليس فقط مخالفاً للقوانين المعمول بها في بلدان العالم المعاصر ولا انتهاكاً للقوانين الأخلاقية وحدها.
وإنما أيضاً مخالفة فجة للقانون الدولي بما في ذلك قرار تقسيم فلسطين الذي قامت “إسرائيل” بموجبه وتعهدت بتنفيذ مقررات الأمم المتحدة كلها، واتفاقات الهدنة مع بعض البلدان العربية. لقد تصرفت الحكومات الصهيونية المتعاقبة بالعسف المعروف عنها ومارست أشد الممارسات التعسفية، فاستولت على أملاك الغير بموجب هذه القوانين التي لم يصدر مثيلاً لها في أية دولة في العالم لا سابقاً ولا لاحقاً.
يعطي قانون الاستيلاء على الأراضي الصادر عام 1953 الحق للحكومة الإسرائيلية وتحت مبرر الحاجة العسكرية والأمنية بفرض حالة الطوارئ على المنطقة التي تريد الاستيلاء على ممتلكات العرب فيها، وعندها يصبح من حقها مصادرة الممتلكات وطرد أصحابها منها، وقد طبق هذا القانون بوحشية وعسف لا حدود لهما، وكان من نتيجة تطبيقه حرمان السكان العرب من ممتلكاتهم ومصادرتها واقتلاعهم منها (صادرت السلطات الإسرائيلية مليون دونم من الأراضي العربية في الجليل والمثلث وحدهما بين العامين 1948 ـ 1972) ومازالت السلطات الإسرائيلية تطبق هذا القانون حتى اليوم على السكان العرب داخل الخط الأخضر وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وقد قضمت بموجبه أو كادت مدينة القدس وما حولها من خلال الاستيلاء على الأراضي وبناء المستعمرات وتوسيع المدينة وتسميتها القدس الكبرى بعد أن ضمتها ل”إسرائيل”، وما زالت تصادر الأراضي العربية في المناطق المحتلة مستظلة بهذا القانون.
أما قانون أملاك الغائبين الصادر عام 1950 فهو من أغرب القوانين التي صدرت عن أية سلطة محتلة خلال تاريخ العالم الحديث كله، فقد اعتبر هذا القانون كل من لم يكن في بيته في الفترة بين 29 نوفمبر 1947 و19 مايو 1945 غائباً، ولذلك أباحت السلطات الإسرائيلية لنفسها الحق بالاستيلاء على أملاك هؤلاء (الغائبين) الذين قد يكونون في قرية مجاورة أو حتى في حي مجاور بالمدينة نفسها وقت الإحصاء، وتسليم هذه الأملاك لقيّم يسميه وزير المالية ويتصرف هذا القيم بالأملاك كما ترغب وزارة المالية.
وقد أتاح هذا القانون في السنة الأولى من صدوره للسلطات الإسرائيلية الاستيلاء على أراضي ثلاثمئة قرية فلسطينية مساحتها أكثر من ثلاثة ملايين دونم من الأراضي، إضافة إلى مصادرة خمسة وعشرين ألف بناء تحتوي على سبعة وخمسين ألف شقة سكنية وعشرة آلاف محل تجاري.
والمضحك المبكي أن مئات السكان العرب إن لم يكن آلافهم يعيشون الآن داخل الخط الأخضر وفي قراهم، بينما صودرت أملاكهم على أنهم غائبون، ولنا أن نتصور العسف والجور الذي يواجهه هؤلاء فهم حاضرون بالفعل وغائبون حسب القانون، حاضرون في تأدية واجباتهم وغائبون تجاه حقوقهم المغتصبة.
كان السبب المباشر ليوم الأرض الذي يحتفل فيه السكان العرب داخل الخط الأخضر هو أن السلطات الإسرائيلية قررت عام 1976 مصادرة (21) ألف دونم من أراضي القرى العربية في الجليل الأوسط، خاصة قرى (عرابة سخنين دير حنا عرب السواعد) وتهيئتها لبناء مستعمرات عليها، فقرر السكان العرب التظاهر يوم (30 مارس 1976) احتجاجاً على هذا القرار ومنعاً لتطبيقه.
وحاولت السلطات الإسرائيلية منعهم من الاحتجاج أو التظاهر أو الإضراب بمختلف السبل لكنهم استمروا في الإضراب والتظاهر وواجهوا قوات القمع الإسرائيلية التي أطلقت النار عليهم، فسقط منهم ستة شهداء وتسعة وعشرون جريحاً واعتقل ثلاثمائة متظاهر، ومنذ ذلك الوقت يحتفل العرب داخل الخط الأخضر في هذا اليوم من كل عام بيوم الأرض.
إن المضايقات التي يواجهها العرب تحت الحكم الإسرائيلي فاقت أقصى درجات العسف وانتهاك الحقوق، فضلاً عن الاستيلاء على الأملاك ومصادرتها واعتبار الحاضر غائباً وإصدار قوانين طوارئ خاصة لتبرير السيطرة على الممتلكات.
ومصادرة الأراضي تحت مبرر الضرورات الأمنية والعسكرية ثم تسليمها للمستوطنين لإقامة المستعمرات عليها، وإضافة إلى هذا كله تتبع السلطات الإسرائيلية أساليب احتيال عديدة ومتعددة لاقتلاعهم، مثل أن ترفض التصديق على مخططات توسع القرية العربية وبالتالي لا يستطيع سكانها إقامة أبنية جديدة.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....

الجهاد: لن نطلق سراح أسرى الاحتلال ما لم تتوقف الحرب
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ما...