الأربعاء 07/مايو/2025

شاليط و11 ألف مجهول

شاليط و11 ألف مجهول

صحيفة العرب القطرية

«جلعاد شاليط» بات الاسم الأكثر شهرة في العالم في الآونة الأخيرة، حتى إن باراك أوباما بإمكانه أن يحسده على ذلك، ولا نستغرب أن تسعى شركات مشروبات وأغذية ولربما ألبسة وغيرها لتنتج منتجات تحمل هذا الاسم من باب التسويق.

ورغم أن «حضرته» غني عن التعريف بفعل الإعلام العالمي برمته، فنذكر أنه شاب يهودي إسرائيلي، لربما كان في «نزهة عسكرية»، ضمن فرقة من فرق «أكثر جيوش العالم إنسانية»، لا يقتل ولا يذبح، وحتى إن التجند فيه يأتي بدوافع إنسانية محضة، فاجأته «مجموعة إرهابيين»، و«اختطفته» من حضن عسكره الحنون، وأخذته أسيراً إلى مكان يسمَّى «قطاع غزة»، يسكنه جمهور يقال إنه «شعب»، رغم أن هذا لا يزال موضع شك، وفق مقاييس وضعتها الدولة الأكثر إنسانية وعدالة منذ أن تكوّن الكون.

والحقيقة كما نعرفها ويعرفها كل إنساني حقيقي، أن الشاليط هذا، هو جندي إسرائيلي كان ببزته العسكرية، يخدم في الجيش الأكثر إرهاباً في العالم، حين وقع في أسر مجموعة مقاتلين، وفق «أصول لعبة» فرضها الاحتلال، لا غيره، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي يريد أن يلعب لعبته شرط أن يبقى الرابح وحده.

ونحن في عالم باتت فيه الحرب الإعلامية أشد تأثيراً من الحروب التي نعرفها، وبات هناك اليوم قضية اسمها «قضية شاليط»، وليس قضية فلسطين، والمأساة تكمن في أن شاليط وحده أسير، وليس أكثر من 11 ألف فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال بموجب أحكام فرضها الاحتلال نفسه، تبقى أسماؤهم مجهولة، وفي حساب عابر سنجد أن مجموع الأحكام التي فُرضت على جميع هؤلاء، تصل إلى ملايين السنين. شاليط وحده له أم تبكي ووالد حزين وأخ محبط، و”إسرائيل” وفرنسا وأميركا وكرة أرضية يدعمونه، أما أولئك الأسرى الـ11 ألفاً، فلا أب ولا أم ولا عائلات ولا أبناء.. هكذا هي المعادلة في قضية العصر «قضية شاليط».

الكلام في هذه القضية متشعب جداً، ولكنَّ هناك جانباً معيناً ركزت عليه “إسرائيل” في خطابها على مدى 33 شهراً، منذ أن وقعت عملية الأسر إياها، وهو أنها ترفض إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، يصفهم قاموسها الاحتلالي بأن «أياديهم ملطخة بالدماء»، رغم أن «لعبة سفك الدم» فرضتها “إسرائيل” ذاتها. ونحن هنا نسأل السؤال المشروع: من الذي بالفعل أياديه ملطخة بالدماء البريئة، وعلى مر عشرات السنين؟

جولة سريعة حول طاولة الحكومة الإسرائيلية الحالية، تلك المقبلة بعد أيام، تعرّفنا على أشرس مجرمي العصر في عالمنا اليوم، فلنتعرف وفق الحقائق:

– إيهود أولمرت: رئيس حكومة مستقيل، قد يغيب عن الساحة السياسية في غضون أيام قليلة، ولكن ليس قبل أن يحقق لنفسه أكبر إنجاز دموي صهيوني تتباهى به أجياله المقبلة، فوفق إحصائية عابرة، تبين أن حكومة أولمرت قتلت خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة ما لا يقل عن 3300 فلسطيني ولبناني، بمعدل ثلاثة شهداء في اليوم، ولا حاجة لنعد آلاف البيوت في فلسطين ولبنان التي تم تدميرها، ولا حاجة لنعد آلاف بيوت الاستيطان التي بُنيت وهي جريمة لا أقل.

– إيهود باراك: وزير حرب في الحكومة الحالية، وسجله الدموي جعل المكلف بتشكيل حكومة جديدة بنيامين نتنياهو يتوسل إليه ليبقى معه في حكومته، رغم أن لنتنياهو مرشحاً آخر ينافس باراك في دمويته.

إن أكثر ما يتباهى به باراك هو أنه حين كان شاباً في بداياته تخفى بزي امرأة في شوارع بيروت في مطلع سنوات السبعين ليغتال شخصيات فلسطينية، ولكن هذه كانت البداية ولم تكن النهاية، وإذا جمعنا حروب باراك بما فيها الأخيرة على حرب غزة، لنجده جزاراً لا أقل من ذلك.

– شاؤول موفاز: وزير المواصلات الحالي، ولكنه رئيس الأركان ووزير الحرب الأسبق، عدا عن أنه قاد أبشع الحروب على الشعب الفلسطيني قبل سنوات، فإنه أكبر داعية لاغتيال الفلسطينيين، وقد التقطته ميكروفونات وسائل إعلام إسرائيلية في العام 2002، وهو يهمس في أذن رئيس الحكومة السابق آرييل شارون، أنه بالإمكان اغتيال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في مقر المقاطعة.

– بنيامين بن إليعازر: وزير البنى التحتية في حكومة أولمرت الزائلة، حاكم عسكري سابق للضفة الغربية، وكان وزيراً للحرب في العام 2002 حين قاد عدوان ما يسمى «السور الواقي» على الضفة الغربية، وذبح آلافاً من الفلسطينيين، وتحمس جداً لاغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات. ولكن من الضروري الانتباه، إلى أن بن إليعازر متورط في اغتيال فرقة من الأسرى المصريين في حرب أكتوبر 1973.

– آفي ديختر: وزير الأمن الداخلي في حكومة أولمرت، وهو مكلف بالشرطة الإسرائيلية، ولكن الأهم أنه وصل إلى منصبه من رئاسة جهاز الاستخبارات العامة «الشاباك» الذي ينفذ أبشع الاغتيالات والتعذيب في السجون، ولكن ملف «الشاباك» يبقى الأكبر سرية، رغم أنه تفوح منه رائحة دماء الأبرياء.

– تسيبي ليفني: وزيرة الخارجية، وحسب تقارير خارجية، فإنه خلال عملها لمدة أربع سنوات في جهاز الاستخبارات الخارجية (الموساد) شاركت في واحدة من جرائم الاغتيال التي نفذها الموساد ضد شخصية فلسطينية أو عربية في فرنسا في سنوات الثمانين الأولى.

وهذا غيض من فيض، ولأن هذه حكومة على وشك الزوال، وستأتي مكانها حكومة يمين متشدد، فهي تحمل أيضاً من مجرمي الحرب عدداً لا أقل من حكومة أولمرت، ولكن يكفي أن نذكر من بينهم المرشح لتولي حقيبة الحرب، رئيس أركان الجيش الأسبق موشيه يعلون، الذي اغتال شخصياً القائد الفلسطيني خليل الوزير (أبوجهاد) في تونس في أبريل عام 1988، وأيضا المرشح لتولي حقيبة الخارجية، العنصري الشرس أفيغدور ليبرمان الذي لا يترك مناسبة إلا ويدعو فيها إلى سفك دماء الشعب الفلسطيني وقياداته.

هذه حكومة احتلال تتحدث عن أيادٍ ملطخة بالدماء، بينما هي نفسها تسجل رقماً قياسياً في العالم بعدد مجرمي الحرب في صفوفها.

[email protected]

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات