الجمعة 09/مايو/2025

فريمان ومكيدة اللوبي الصهيوني

فريمان ومكيدة اللوبي الصهيوني

صحيفة الاتحاد الإماراتية

أعلن السفير الأميركي السابق في المملكة العربية السعودية شاس فريمان الأسبوع الماضي سحب اسمه كرئيس مرشح لمجلس الاستخبارات القومي الذي يقدم تقريراً يومياً للرئيس الأميركي بناءً على المعلومات المستقاة من أجهزة الاستخبارات الأميركية المتعددة. وكان فريمان قد رشح من قبل الرئيس الجديد للاستخبارات الأميركية الأدميرال دنيس بلير. وهذا المجلس هو الذي أصدر قبل عام تقريباً -خلال حكم الرئيس بوش- تقريراً يقول إن إيران قد أوقفت برامجها العسكرية النووية عام 2003م، وحينها وضع هذا التقرير المستقل إدارة الرئيس بوش الراحلة في موقف صعب في سياستها الخارجية تجاه إيران.

وقد نشر اللوبي الصهيوني في واشنطن أكاذيب عديدة عن السفير الأميركي السابق بأن لديه علاقات قوية مع السعودية، وأنه امتدح تحرك الحكومة الصينية ضد المتظاهرين في ميدان “تينامين” عام 1989، وأنه قد انتقد السياسة الأميركية تجاه “إسرائيل”، وبالتالي فهو عدو ل”إسرائيل” وليس صديقاً لها.

وقد قاد هذه الحملة ضد فريمان السياسي الأميركي ستيفن روزن الرئيس السابق لمنظمة “إيباك” الأميركية، والذي سيقدم في شهر أبريل القادم للمحاكمة في الولايات المتحدة بتهمة التجسس ل”إسرائيل” وتمرير وثائق سرية لعملائها في الولايات المتحدة. كما قاد الحملة النصير الآخر ل”إسرائيل” دانيال بايبس، وهو الذي ذاع صيته في أروقة الكونجرس لمعارضته أي شكل من أشكال التواصل مع العالم العربي والإسلامي، حتى ولو كان ذلك في المجال الثقافي.

وكانت هناك إلى جانب “روزن” وبايبس شخصيات متعاطفة مع “إسرائيل” في الولايات المتحدة تمثل ولاية نيويورك في الكونجرس، وكذلك عدداًَ من أقطاب اليمين المتطرف والمحافظين الجدد من أمثال جيفري جولدبرج من مجلة “أتلانتك” ومارتي بيريتز من مجلة “نيو ريبوبلك”.

وقد أثنى الكثيرون من الدبلوماسيين والسفراء الأميركيين السابقين على السفير شاس فريمان، وذكروا أنه كان مترجماً للرئيس نيكسون في زيارته التاريخية للصين، حيث يجيد فريمان بشكل كبير لغتي الماندرين والكانتونية في الصين، كما كانت له تجارب دبلوماسية طويلة في أوروبا والمملكة العربية السعودية أثناء حرب الخليج.

وفي خطاب التنحي عن الترشيح الذي كتبه السفير فريمان، هاجم بقوة أقطاب اللوبي الإسرائيلي في واشنطن، وذكر أنهم يناصرون الأجنحة المتطرفة في الحكومة الإسرائيلية التي لا تميل إلى السلام، والتي تعرّض مصلحة “إسرائيل” نفسها للخطر. كما نفى السفير فريمان أن يكون قد تلقى أية أموال أو هبات من الحكومة الصينية أو الحكومة السعودية، أو أن يكون قد امتدح أحداث عام 1989، في بكين.

غير أن وقوف شخصيات عديدة في واشنطن وتأييدها له مثل مجلة “ذا نيشن”، وستيفن والتز، وحتى بعض الشخصيات اليهودية المستقلة مثل “بلومنثال”، زاد من اهتمام الرأي العام الأميركي وأجهزة الإعلام بمدى الضغط الذي يمارسه اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة ضد السياسة الخارجية الأميركية. وذكرت تقارير صحفية أن الميزانية السنوية لمنظمة “إيباك” الصهيونية وحدها تصل إلى 77 مليون دولار في السنة، يصرف معظمها على تبرعات لمرشحي الكونجرس الموالين ل”إسرائيل”.

ويقول الكثيرون إن اللوبي الصهيوني هو اليوم في قمة قوته، وإنه قد أجبر السفير فريمان على تقديم استقالته، ويريد أيضاً أن يقدم شخصية أخرى في المؤسسة الاستخبارية الأميركية هو دويتش لاستقالته من منصبه كمسؤول عن تحليل الصور الجوية التي تلتقطها الأقمار الاصطناعية الأميركية. وليس هذا فقط، بل يبدو أن هذا اللوبي يريد في النهاية كذلك رأس الأدميرال دنيس بلير نفسه؛ لأنه سمح لأمثال فريمان بالترشح لمناصب مهمة في المؤسسة الاستخبارية الأميركية.

ويرى الكثيرون أن عدم دعم الرئيس أوباما للسفير فريمان أمام هذه الضغوط هو دليل على عدم قوة البيت الأبيض أمام الضغوط الإسرائيلية، وأمام أصدقاء “إسرائيل” في الولايات المتحدة.

ولن يغفر المحافظون الجدد لأوباما إقصاءهم عن السلطة وقد بدأوا بالفعل حملة مناهضة له ولسياساته قبل أن يكمل الشهرين في منصبه الجديد. فقبل عدة أيام خرج نائب الرئيس السابق تشيني في إحدى القنوات التلفزيونية ليتهم الإدارة الجديدة بضعفها أمام التهديد الإرهابي المحتمل ضد الولايات المتحدة، خاصة أن الرئيس الجديد أعلن تعديلات قانونية جوهرية في السياسات القديمة للرئيس بوش، كما أعلن إغلاق سجن جوانتانامو خلال عام واحد.

وحتى الآن، حاولت إدارة أوباما التركيز على المشاكل الاقتصادية التي تواجهها الولايات المتحدة، ولم تلتفت بشكل رئيسي إلى المواضيع الحساسة في السياسة الخارجية، خاصة فيما يخص الشرق الأوسط. ويتوقع الكثيرون في واشنطن أن تكون هناك خلافات بين البيت الأبيض والحكومة اليمينية المتطرفة المقبلة في “إسرائيل” التي سيرأسها ناتانياهو، ولذلك فإن عملية سن الأسنان التي يقوم بها هذا اللوبي ضد فريمان وبلير وغيرهما من السياسيين المخضرمين الذين يعينهم أوباما تدل على أن “صقور” القوى المتنفذة في واشنطن من اللوبي الإسرائيلي أو المحافظين الجدد لن يرموا أسلحتهم بسهولة، بل سيشنون هجوماً عنيفاً على إدارة أوباما، مستخدمين حلفاءهم في الكونجرس لإرهاب الرئيس الجديد دون حدوث أي تغيير جوهري في السياسة الخارجية الأميركية تجاه الفلسطينيين، أو تجاه المنطقة. وربما تحرج “إسرائيل” حليفتها الولايات المتحدة بأعمال عدوانية جديدة في المنطقة، متجاهلة تماماً مصلحة الولايات المتحدة.

وعلى رغم سيطرة مناصري تل أبيب على مقاليد الإعلام المرئي والمكتوب في الولايات المتحدة، إلا أن المرء يلحظ تغيراً ملموساً في آراء الكتاب والمعلقين على هذا الموضوع في الصحف الأميركية. فمن بين سبعة تعليقات في جريدة “النيويورك تايمز” على موضوع تقديم استقالة فريمان كانت هناك ستة تعليقات تنتقد بشدة هيمنة نفوذ اللوبي الإسرائيلي، مقابل تعليق واحد يمتدح إذعان السفير فريمان لهذا الضغط.

وفي الماضي القريب، نشر الرئيس الأميركي الأسبق كارتر كتابه الذي يقارن فيه السياسات الإسرائيلية بسياسات الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وكذلك صدر كتاب دى ميرشايمر. وغيرها من المقالات والكتب التي بدأت لا تجد حرجاً في انتقاد الهيمنة السياسية لهذا اللوبي.

ودائماً ما ينجح اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة في اللعب في الخفاء، ولكن حين يظهر في العلن فمن الطبيعي أن يظهر الانتقاد، لا بل العداء من قبل أشخاص عديدين حريصين على حفظ المصالح الوطنية الأميركية، وعدم إخضاعها للمصلحة الإسرائيلية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

اعتقال 4 فلسطينيين من الخليل

اعتقال 4 فلسطينيين من الخليل

الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الجمعة، 4 فلسطينيين خلال اقتحامات متفرقة في مدينة الخليل جنوبي الضفة...