عاجل

الجمعة 09/مايو/2025

من هو العنصري إذن؟

من هو العنصري إذن؟

صحيفة البيان الإماراتية

قررت الإدارة الأميركية و”إسرائيل” وكندا ودول الاتحاد الأوروبي مقاطعة المؤتمر الدولي حول العنصرية (دوربان 2) الذي سيعقد الشهر القادم في جنيف، لأن مشروع قرارات المؤتمر تدين ممارسات “إسرائيل” العنصرية، وبرر المقاطعون موقفهم بأن هذه الإدانة هي إدانة مسبقة يرفضونها.

تؤكد النظريات الفلسفية والمصادر التاريخية والأيديولوجيات اللاهوتية والممارسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين منذ قيام “إسرائيل” حتى الآن إلى عنصرية “إسرائيل” قولاً وفعلاً، وهذا ما يعرفه الأميركيون والأوروبيون والعالم كله، من أية زاوية نظروا إلى “إسرائيل”.

فحسب التلمود (اليهود هم البشر أما غيرهم فهم ليسوا من البشر بل وحوش وشياطين)، وحسب الفلسفة الصهيونية (إن اليهود أمة متفوقة، إنهم النخبة الصالحة التي عادت وشيدت الدولة الصهيونية لتكون مركزاً لليهود واليهودية في العالم فتحفظها من الاندماج والانصهار في الآخر)، وهذا الآخر حسب التلمود (هم الأغيار، حيوانات في أشكال آدمية، ولأن اليهودي لا يُخدم من قبل حيوان كانوا في صور آدمية).

أما آراء الزعماء الإسرائيليين المتطرفين والمعتدلين وأيديولوجياتهم ومرجعياتهم الفكرية فهي شديدة العنصرية ولم يخجلوا منها يوماً، بل يؤمنون بصحتها ويمارسون نشاطاتهم السياسية في ضوئها، فقد كان بيغن يرى (أن العرب بهائم تسير على قدمين) وصرح رحبعام زئيفي إنهم (عقارب) وقال رافائيل إيتان إنهم (صراصير) وحتى باراك المعتدل فقد رأى العرب (تماسيح).

وأفتى حاخام الحزب القومي الديني المرشح الآن للاشتراك بحكومة نتنياهو (إن قتل الطفل الذي يلقي الحجارة على سيارة لليهود هو أمر ضروري لإنقاذ حياة يهودية) وهلل الحزب للفتوى الأخرى التي تقول (إن إنزال عقوبة الموت بالعرب الذين يلقون الحجارة ليس جائزاً فقط ولكنه واجب).

أثناء الانتفاضة الثانية شبّه الحاخام (عوفاديا يوسف) رئيس حزب شاس (وهو بدوره مرشح للاشتراك بحكومة نتنياهو) شبه العرب (بالأفاعي والعقارب) بل وما هو أسوأ من ذلك، وهل من علاج للأفاعي والعقارب سوى القتل والإبادة؟

في الانتخابات الأخيرة فاز حزب (إسرائيل بيتنا) بخمسة عشر مقعداً في الكنيست الإسرائيلي، ورغم أن رئيس هذا الحزب (أفغيدور ليبرمان) هو سوفييتي حديث العهد بالهجرة إلى “إسرائيل” فقد اقترح ترحيل العرب الذين يعيشون داخل الخط الأخضر وهم ربع السكان (إلا من يطّهر منهم نفسه بإعلان الولاء المطلق لإسرائيل).

إضافة إلى طرد السكان من الضفة الغربية إلى الأردن، وقصف السد العالي، وعديد من الهلوسات المماثلة، وحزبه الآن من أقوى الأحزاب المرشحة للمشاركة بحكومة نتنياهو (وزير الخارجية المقبل)، بل إن نتنياهو سيكون أسيراً لهذا الحزب الذي لا يمكن تشكيل حكومة بدونه في إطار برنامج الليكود ورؤاه.

أما حزب كاديما الذي يزعم أنه حزب وسطي، فقد اقترحت رئيسته تسيبي ليفني أيام ازدهار حكومة إيهود أولمرت وقبل اكتشاف فساد رئيسها، تهجير (عرب إسرائيل) إلى الضفة الغربية وتحويل “إسرائيل” إلى دولة يهودية نقية، وأقنعت الرئيس جورج بوش بالفكرة والمصطلح فردده على مسامع العالم كله ونادي بأن “إسرائيل” دولة يهودية (ربما دون أن يدرك معنى هذا الاصطلاح).

وفي نطاق الممارسات أكدت حكومات “إسرائيل” دائماً عنصرية الدولة وظلامية مبادئها ووحشية تصرفاتها منذ دير ياسين قبل ستين عاماً إلى العدوان على غزة قبل ستين يوماً، وما بينهما من ارتكابات عنصرية ومجازر وهمجية تعيدنا إلى قبل ثلاثة آلاف عام أيام اليهودية الأولى.

إذا تجاوزنا هذا كله، فمن المتعذر نسيان أن (عرب إسرائيل) وهم ربع السكان كما أشرنا، لا يحصلون على الحد الأدنى من حقوق المواطنين، فقد صودرت وتصادر أراضيهم (لضرورات عسكرية) ويمنع عليهم توسيع أو ترميم بيوتهم، وبالكاد يحصلون على خدمات طبية أو تعليمية أو اجتماعية، وما زال بعضهم يعيش في “إسرائيل” ويعامل معاملة (المواطن الغائب) وبالإجمال يحرمون من أدنى الحقوق ويعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية.

ربما كانت “إسرائيل” خلال نصف القرن الأول من تاريخها هي الدولة الوحيدة في العالم التي تضامنت مع النظام العنصري في جنوب أفريقيا، مع أن عتاة اليمين الأميركي كانوا يخجلون من دعم (سياسة الفصل العنصري علناً) وكانت “إسرائيل” هي الدولة الوحيدة في العالم التي لم تخجل من دعم ذلك النظام، بل تعاونت معه سياسياً واقتصادياً وثقافياً وعلمياً وتبادلت الخبرات في المجال النووي.

رغم هذا كله، وهو قليل من كثير، تحتج السياسة الأميركية والأوروبية على وصف ممارسات “إسرائيل” بهذه الصفات التي لا يتدنى الشك لصحتها، وقد أكدتها أربعة آلاف منظمة حقوقية ومدنية دولية، ومازالت الخشية قائمة من أن يلحق الأوروبيون الأميركيين بمواقفهم، ويتجاهلون أن الإعلام الإسرائيلي هزأ من السيد المسيح ومن النبي محمد لا من منطلق ديني فقط بل من موقف عنصري، فكل منهما (محمد والمسيح) نبي للأغيار لا يجوز الاعتراف بنبوتهما، فليس للأغيار أنبياء وليس لهم آلهة، وعلى اليهودي ـ حسب التلمود ـ أن يفتتح (يومه بالشكر للرب لأنه لم يخلقه من الأغيار). وفي ضوء هذا كله إذا لم تكن هذه الأقوال والأفعال عنصرية فكيف تكون العنصرية، وإذا لم تكن “إسرائيل” عنصرية فمن هو العنصري إذن؟

كاتب سوري

[email protected]

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

عشرات الآلاف يؤدون صلاة الجمعة في الأقصى

عشرات الآلاف يؤدون صلاة الجمعة في الأقصى

القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام أدى عشرات آلاف الفلسطينيين صلاة الجمعة، في المسجد الأقصى المبارك وباحاته، وسط تشديدات وإجراءات مكثفة فرضتها...

1000 شهيد و6989 مصابًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

1000 شهيد و6989 مصابًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام وثق مركز معلومات فلسطين "معطي" استشهاد 1000 فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر...

اعتقال 4 فلسطينيين من الخليل

اعتقال 4 فلسطينيين من الخليل

الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الجمعة، 4 فلسطينيين خلال اقتحامات متفرقة في مدينة الخليل جنوبي الضفة...