قراءة في تقرير فلسطيني عن عرب 48

صحيفة العرب القطرية
التقرير الشامل الذي أعده مركز «ركاز» (بنك المعلومات عن الأقلية العربية في «إسرائيل») وجمعيتا «الجليل للبحوث والخدمات الصحية» و«الأهالي – مركز التنمية الجماهيرية»، وتم تقديمه في اجتماع في مقر «جمعية الجليل» في مدينة شفا عمرو المحتلة منذ العام 1948، بحضور لافت لمندوبي اللجان الأهلية، وبمشاركة اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية، وقيادات من القوى السياسية العربية، أسهم في تسليط الضوء على مختلف جوانب حياة المجتمع العربي الفلسطيني داخل الوطن المحتل منذ العام 1948، وذلك من خلال عملية المسح الشاملة التي شملت 3270 أسرة فلسطينية تعيش في مناطق التواجد العربي «الشمال، والوسط، والجنوب»، وداخل المدن المختلطة، وفي التجمعات السكانية التي تقوم على إدارة شؤون حياتها مجالس محلية قروية، وفي بلدات تخضع لسلطة مجالس إقليمية.
والدراسة الجديدة هي نتاج آخر عملية مسح قام بها مركز «ركاز» العام 2007، وكانت قد سبقتها عمليات مسح العام 2004، ثم مسح العام 2006.
ويعتبر محمد خطيب، مدير عام جمعية الجليل، أن الدراسة الميدانية الأخيرة، التي قام خلالها فريق العمل الميداني بجمع البيانات وإجراء المقابلات منذ مايو وحتى أغسطس 2007 هي «عملية مسح ضخمة وفرت قاعدة معلوماتية مفصلة ودقيقة تأخذ الكثير من الأمور بعين الاعتبار منها: التوزيع الجغرافي، والتوزيع الطائفي، والتجمعات السكانية (مختلطة وعربية وقرى ومدن)، والقرى غير المعترف بها».
لقد غطى طاقم العمل بعمليات التقصي المباشرة، وفق أحدث وأدق الاستبيانات، واقع الحال في بنية المجتمع العربي الخاضع للاحتلال والقمع المباشر والأسرلة، ولإجراءات التهميش والحصار والتفتيت المنهجية، وقدم في مجموعة بنود، هموم ومعاناة العرب أصحاب الأرض الأصليين، والتي يمكن إجمالها واختصارها في قضايا: المسكن، والعمل، ومستويات المعيشة، ومسائل التعليم، وموضوعات الصحة. وفي مجال السكن، أبرز التقرير أن القضية الأهم التي يعاني منها عرب الداخل تتحدد كما يقول أحمد الشيخ محمد، مدير بنك المعلومات في جمعية الجليل والمشرف على الدراسة:
«هناك كارثة سكنية نحن في صددها، هناك احتياج لأكثر من 70 ألف مسكن جديد للأسر الفلسطينية في الداخل، ولا ترى الأسر العربية الآلية في كيفية تحقيق هذا الحلم، بسبب ممارسات الحكومة «الإسرائيلية»، إن كانت من خلال تضييق مناطق النفوذ، أو في مصادرة الأراضي، واستمرار المنهجية التي كانت وما زالت في سياسة هدم البيوت». وبحسب التقرير فإن حوالي 58.4% من الأسر الفلسطينية في البلاد تحتاج لوحدة سكنية على الأقل خلال السنوات العشر القادمة، خاصة إذا علمنا أن حوالي 156 ألف فلسطيني، ما نسبته 9% من السكان العرب الفلسطينيين، من سكان القرى، وقلة من سكان بعض المدن (حيفا، وعكا، ويافا، واللد والرملة) قد استطاعوا البقاء في الوطن ضمن الحدود التي أقرتها هدنة العام 1949. وقد تضاعف عدد السكان العرب الفلسطينيين حتى نهاية العام 2006 بنحو 7.3 مرات، ليبلغ تعدادهم في أواسط العام 2007 نحو 1.136.900 نسمة باستثناء مواطني مدينة القدس، مما يعني أن المجتمع الفلسطيني «فتيّ جداً» وتبلغ نسبة من هم حتى سن 14 عاماً ما يعادل في المتوسط 58%.
وفي موضوع العمل والبطالة، أشار التقرير إلى أن نسبة المشاركة في قوى العمل تبلغ 42.6% بين السكان الفلسطينيين مقارنة بـ 58.5% بين اليهود، كما أن 19% من النساء العربيات يعملن مقابل 56% من النساء اليهوديات.
وأن نسبة البطالة تزيد قليلاً عن 10%، لكن واقع الأمر يشير إلى أن 25% من قوى العمل تعيش بطالة كاملة أو مبطنة «مقنعة» في العديد من المجالات. وهذا ينقلنا للحديث عن مستويات المعيشة التي تتأثر بالعمل وبحالة البطالة. وتوضح الدراسة الميدانية أن أكثر من نصف عدد الأسر الفلسطينية يعتمد على الأجور والرواتب كمصدر للدخل، لكن 32.5% من الأسر العربية تعتمد على المخصصات الحكومية «العلاوة الاجتماعية للأولاد، الشيخوخة، البطالة، الإعاقة، والتقاعد»… وقد انعكس ذلك على معدل الصرف الشهري «غير الصافي» للأسر العربية الذي بلغ 1700 دولار، مقابل 3350 دولاراً للأسرة اليهودية.
في مسائل التعليم، فإن النسبة العامة لمعرفة القراءة والكتابة بين المواطنين الفلسطينيين «15عاماً وأكثر» تصل إلى 95%. كما بلغت نسبة من أنهى مرحلة الدراسة الثانوية 20.8%، ونسبة الحاصلين على شهادة جامعية 7.5%. علماً أن 50% من الأسر العربية الفلسطينية تمتلك جهاز الحاسوب، و40% من السكان العرب يقرؤون الصحف.
أما قضايا الصحة، فهي مرتبطة بنمط الغذاء والسكن والوضع النفسي والمعيشي للمواطن العربي. ولهذا، فإن 68% من المواطنين من الفئة العمرية 60 سنة فأكثر يعانون من الأمراض المزمنة. كما أن 51% من الفلسطينيين منتسبون إلى التأمين المكمل مقابل 85% من اليهود.
إن المسح الإحصائي الذي قام به المركز وفر للمهتمين، كما يقول عبدالسلام مصالحة رئيس الهيئة الإدارية لجمعية الجليل «إمكانية الحصول على معلومات دقيقة عن العرب المواطنين في البلاد، لأنه ليس بالأمر السهل، إذ إنهم لم يصنفوا إحصائياً في المصادر «الإسرائيلية» الرسمية كفئة سكانية إلاّ بشكلٍ جزئي. دائماً كان هناك نقص وبعثرة للمعلومات التي تتعلق بالعرب مما خلق إشكاليات إحصائية وموضوعية حول مصداقية العينة التي تمثل المواطنين العرب، فجاء هذا المسح لركاز من منظار مجتمعنا نفسه ليقدم لنا نموذجاً شاملاً عن البيانات والمؤشرات الرئيسة التي تميّز المجتمع الفلسطيني في البلاد».
لقد أعاد التقرير التأكيد على عنصرية حكومات العدو المتعاقبة في تعاملها مع السكان العرب الأصليين في كل ما يتعلق بمجالات حياتهم وإقامتهم:
الأرض والبناء عليها، التعليم، الثقافة، البنية التحتية، الميزانيات المخصصة للمجالس والقرى العربية، والقمع السياسي اليومي الذي يفضح «ديمقراطية» هذا الكيان الإرهابي.
مع نشر هذا التقرير، تتوفر لقوى الحركة الوطنية الفلسطينية رؤية بحثية مجتمعية، تساعدها على ربط المشكلات الاجتماعية والاقتصادية داخل الوطن، بجذر القضية الأساس، وهو الاحتلال الذي أسس للنكبة الكبرى وكل ما نتج عنها من معاناة، مما يتيح لأحزاب وتجمعات وفصائل العمل السياسي إمكانية رسم برنامج النضال الوطني الاجتماعي، المرتبط والمستند على كفاحها التحرري، لمواجهة «أسرلة» المجتمع العربي، وشطب انتمائه بشعبه وأمته. والتصدي لمحاولات التطهير العرقي المستمر منذ أكثر من ستة عقود، وما تشهده مدن عكا ويافا والقدس والناصرة العليا ليس سوى الحلقات الجديدة في مسلسل «التهويد» الذي سيتصاعد على يد الثنائي الإجرامي القادم «نتنياهو-ليبرمان» في محاولات الطرد/الترانسفير، أو في فاشية الدعوة العنصرية الداعية إلى «ربط المواطنة بالولاء»!
إن شعبنا داخل الوطن وهو يواجه كل هذا العدوان، يجب أن يعرف «بالأفعال» وليس بالأقوال فقط، أنه ليس وحيداً. فهل ترتقي نضالات الحركة الوطنية في الضفة وغزة ومناطق اللجوء لمستوى تضحياته؟
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: اغتيال المقاومين في الضفة لن يزيد شبابها الثائر إلا مزيداً من الإصرار على المواجهة
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن سياسة الاحتلال الصهيوني باغتيال المقاومين وتصعيد استهدافه لأبناء شعبنا في الضفة الغربية؛...

الأمم المتحدة تحذّر من استخدام المساعدات في غزة كـ”طُعم” لتهجير السكان
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت هيئات الأمم المتحدة من مخاطر استخدام المساعدات الإنسانية في قطاع غزة كوسيلة للضغط على السكان ودفعهم قسرًا للنزوح، مع...

الإعلامي الحكومي: الاحتلال يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيين
المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تواصل ارتكاب جريمة منظمة بحق أكثر من 2.4 مليون مدني في قطاع...

حماس تردّ على اتهامات السفير الأمريكي: أكاذيب مكررة لتبرير التجويع والتهجير
المركز الفلسطيني للإعلام رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصريحات السفير الأمريكي لدى الاحتلال، مايك هاكابي، التي اتهم فيها الحركة بالتحكّم...

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...

حماس تثمّن قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال الصهيوني وحظر التجارة والاستثمار مع...

صاروخ من اليمن يعلق الطيران بمطار بن غوريون
المركز الفلسطيني للإعلام توقفت حركة الطيران بشكل مؤقت في مطار بن غوريون، بعد صاروخ يمني عصر اليوم الجمعة، تسبب بلجوء ملايين الإسرائيليين إلى...