الثلاثاء 06/مايو/2025

أبعاد وملامح الدور الإسرائيلي في السودان

أبعاد وملامح الدور الإسرائيلي في السودان

صحيفة القدس العربي اللندنية

أبدت وسائل الإعلام الإسرائيلية اهتماماً متزايداً بقرار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بحق الرئيس السوداني عمر البشير لاعتقاله وتقديمه للمحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور، وهو الأمر الذي أكد أبعاد الدور القذر التآمري الذي تلعبه الأيادي الإسرائيلية في هذا البلد العربي المسلم الذي يعد التدخل فيه بمثابة بداية لانفراط عقد تلك المنطقة ووقوعها تحت أيدي القوى الاستعمارية الكبرى.

فقد أشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إلى أن مجلس الأمن قد طلب من “لويس مورنو أوكامبو” المدعي بالمحكمة الدولية الجنائية في آذار (مارس) 2005 بالتحقيق في جرائم الحرب التي نُفذت في دارفور. وفى الرابع عشر من تموز (يوليو) من العام الماضي أصدر “أوكامبو” لائحة اتهام ضد الرئيس “البشير” تتهمه بالمسؤولية عن ارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور وقتل ما لا يقل عن 35 ألف شخص، فضلاً عن تشريد ما بين 80 إلى 265 ألف شخص من سكان دارفور.

القرار تأخر كثيراًً

وزعمت الصحيفة في تقريرها بأن القرار بحق الرئيس السوداني، كان يجب أن يصدر منذ شهور، لكنه تأخر بسبب تعقيدات الملف، وأن هذا القرار يعد سابقة تاريخية إذ تصدر المحكمة قراراً باعتقال رئيس دولة ما زال في الحكم، مضيفة بأن هذا القرار سيكون له انعكاسات خطيرة على ما يحدث داخل إقليم دارفور، وعلى سلامة المراقبين الدوليين سواء في الإقليم أو في السودان عموماً. وهنا أبرزت الصحيفة العبرية قرار عدد من المنظمات الدولية، من بينها “أطباء بلا حدود” بإخراج موظفيها من السودان.

بينما قالت صحيفة “معاريف” العبرية في معرض تعليقها على قرار المحكمة الجنائية الدولية في حق الرئيس السوداني بأن الكثيرين اعتقدوا أن تقديم لائحة اتهام ضد الرئيس “البشير” ستجبره على إحلال إصلاحات، وإنهاء الحرب في دارفور، أو أن يدفع الحزب الحاكم في السودان إلى إقالته من منصبه، لكن النتائج كانت عكسية تماماً. مضيفة بأن هناك مخاوف من أن القرار الأخير لن يغير من الوضع شيئاً، بل سيعمل على إشعال الحرب الأهلية مجدداً في جنوب السودان، والذي يحظى بشبه حكم ذاتي مستقل، واستقرار في الفترة الأخيرة.

ونقلت الصحيفة العبرية عن المبعوث الأمريكي السابق في السودان “أندرو نتسيوسا” قوله “من المتوقع أن تحدث بعد صدور القرار روندا جديدة، وصومال وكونغو ثانية، يلقى فيها الآلاف من البشر مصرعهم”.

استهداف السودان يصب في مصلحة الأمن القومي الإسرائيلي

وكم كانت الكلمات التي أدلى بها مصطفى عثمان إسماعيل مستشار رئيس الجمهورية والقيادي البارز في حزب المؤتمر الوطني السوداني وأتهم خلالها “إسرائيل” لمحاولاتها المستمرة من أجل زعزعة الاستقرار في السودان، بمثابة دليل دامغ وواضح كما أكد على أن ذلك يأتي في سياق استهدافها لسبع دول في المنطقة وأن الإستراتجية الإسرائيلية تهدف إلى حرمان السودان من استغلال إمكانياته لأنه لو استغلها لأصبح دولة عملاقة وهذا لا يصب في مصلحة الأمن القومي الإسرائيلي.

ولا يخفى على أحد التوجس والخيفة التي أبدتها سائر الأطراف العربية وعلى رأسهم مصر من مغبة أن يكون السودان مرتعاً صهيونياً، وسط تأكيدات متلاحقة على أن الدعوات للتدخل الدولي في إقليم دارفور المضطرب (غرب السودان)، تؤكد أن السودان مستهدف مثل العراق والصومال، وهو الأمر الذي دفع كبار المسؤولين في مصر وكذلك بجامعة الدول العربية لتوجيه الاتهام ل”إسرائيل” وجهات دولية أخرى بالعمل على تقسيم السودان ، بغرض إضعاف دوره في المنطقة العربية، وهو الأمر ذاته الذي برز خلال اجتماع لجنة الشؤون العربية بمجلس الشعب المصري، حيث تم التأكيد على إن السودان يواجه أربع مشكلات رئيسية: وهي الأوضاع الداخلية، وأزمة دارفور، ومشكلة الجنوب، وقرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن الرئيس عمر البشير.

أمن السودان جزء من أمن مصر

كما برز التحذير المصري من مغبة تطورات الأوضاع ومستقبلها في السودان من خلال تصريحات السفير محمد قاسم مدير إدارة شؤون السودان بوزارة الخارجية المصرية، الذي أكد على دعم مصر القوي لبقاء السودان موحداً رغم محاولات العديد من القوى الإقليمية وبعض الدول – ومنها “إسرائيل” – تقسيم السودان، وقال إن أمن السودان جزء من أمن مصر وأي تداعيات لهذا الأمن تؤثر على مصر.

أبعاد التدخل الإسرائيلي في السودان

هذا وسبق أن تحدث وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي أفي ديختر، باستفاضة وبشكل غير مسبوق في ندوة عقدها مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي قبل عدة أشهر عن الإستراتيجية الإسرائيلية تجاه كل من لبنان، وسورية، والعراق، وإيران، ومصر والسودان، ووضع خلالها تصوراً كاملاً لأبعاد التدخل الإسرائيلي في السوداني الذي سعى من أجل الرد على أسئلة الكثيرين الخاصة بأسباب التدخل الإسرائيلي في ملف دارفور رغم أن قدرة السودان على التأثير على الأوضاع في “إسرائيل” معدومة، ومعدومة كذلك قدرته على المشاركة الفعالة في قضية فلسطين؟ مشيراً إلى أن “إسرائيل” سبق أن حددت وبلورت سياساتها واستراتيجياتها تجاه العالم العربي بصورة تتجاوز المدى الحالي والمدى المنظور، مؤكداً أن لدى خبراء الإستراتيجية في “إسرائيل” رؤية تتمحور في أن السودان، بموارده الطبيعية الكبيرة، ومساحته الواسعة، وعدد سكانه الكبير، إذا ترك لحاله، فسوف يصبح أهم من مصر والسعودية والعراق، وسوف يصبح قوة هائلة تضاف إلى قوة العالم العربي.

وذّكر الوزير الإسرائيلي مستمعيه ببعض إسهامات السودان في الماضي في المجهود الحربي العربي ضد “إسرائيل” باعتبار نفسه دولة عربية تمثل عمقاً استراتيجياً حربياً للجيش المصري، وقال إن السودان شارك في حرب الاستنزاف التي شنها الرئيس عبد الناصر ضد “إسرائيل” بين عامي 68 و70 عن طريق إيواء سلاح الجو المصري، وتوفير المجال لتدريب القوات البرية المصرية، وحتى لا يتكرر هذا كان على الجهات المختصة الإسرائيلية أن تحاصر السودان في المركز وفي الأطراف بنوع من الأزمات والمعضلات التي يصعب حلها، ومضى قائلاً “إنه كان لزاماً على “إسرائيل” أن تنزع المبادرة من يد السودان حتى لا يتمكن من بناء دولة قوية ومستقرة، وكان هذا العمل بمثابة التنفيذ الفعلي للإستراتيجية الإسرائيلية التي تبنتها رئيسة الوزراء “الإسرائيلية” غولدا مائير منذ العام 1967 والخاصة بإضعاف الدول العربية واستنزاف طاقاتها في أطار المواجهة مع “أعدائنا”، وكشف الوزير الإسرائيلي عن بؤر ومرتكزات أقامتها “إسرائيل” حول السودان لكي ينطلق منها المخطط الإسرائيلي، وقال ديختر إن تلك البؤر أوجدت في إثيوبيا وأوغندا وكينيا وزائير، وأشرف عليها قادة “إسرائيل” المتعاقبون من بن غوريون وليفي أشكول وغولدا مائير ومناحم بيغن وإسحاق شامير وإسحاق رابين وأرييل شارون وذكر أن إقامة تلك المرتكزات والبؤر في الدول المذكورة والمجاورة للسودان حتمه بعد السودان الجغرافي عن “إسرائيل”، مشيراً إلى أن المخطط قد نجح في إعاقة قدرة السودان على إقامة دولة سودانية قادرة على تبوء موقع الصدارة في المنطقتين العربية والإفريقية.

ثم أكد أنه وفيما يتعلق بدارفور فإن التدخل الإسرائيلي كان حتمياً، وذلك لأن الهدف كان دوماً خلق سودان ضعيف ومجزأ، كما نضع في نصب أعيننا كذلك حق سكان دارفور وواجبنا الأدبي والأخلاقي تجاههم، كاشفاً عن أن “إسرائيل” لها وجود قوي في دارفور، بدعوى وقف الفظائع ضد شعبها، ولتأكيد حقه في التمتع بالاستقلال وإدارة شؤونه بنفسه، مدعياً أن العالم يتفق معهم في أنه لا بد من التدخل في دارفور، مشيراً إلى أن الموقف العالمي ساعد في تفعيل الدور الإسرائيلي وإسناده كدور منفصل عن الدورين الأمريكي والأوروبي.

كاشفاً عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آرييل شارون كان هو صاحب فكرة تفجير الأوضاع في دارفور، مشيراً إلى أن شارون أثبت أنه يمتلك نظراً ثاقباً وأنه يفهم الأوضاع في القارة الأفريقية، وقد تبين ذلك من خلال خطاب كان شارون قد تحدث فيه عن ضرورة التدخل في دارفور، وهذا ما تحقق بالفعل، وبنفس الآلية والوسائل والأهداف التي رمت إليها “إسرائيل”. وطمأن الوزير الإسرائيلي مستمعيه بأن قدراً كبيراً وهاماً من الأهداف الإسرائيلية تجد فرصتها للتنفيذ في دارفور الآن.

علاقة وثيقة مع متمردي دارفور

ويشار في هذا السياق إلى الصلة الوثيقة التي تربط بين عبد الواحد النور زعيم الفصيل المسمى باسمه من حركة تحرير السودان و”إسرائيل” وزياراته المتكررة لها، وتأكيده على اعتزامه زيارتها مرات عديدة وفتح سفارة لها وقنصليات في أقاليم السودان المختلفة عندما يتولى الحكم – حسبما يؤكد -، وهو الأمر الذي من شأنه أن يفتح باباً واسعاً للتدخل الإسرائيلي في صراع دارفور، والإسهام في تعقيده أكثر، وتصفية حسابات تل أبيب مع الخرطوم وتصعيد الضغوط عليها لتتخلى عن تأييدها لحركات مثل حماس والجهاد الفلسطينيتين وحزب الله اللبناني التي اعتبرتها هي والولايات المتحدة ودول غربية أخرى منظمات إرهابية.

ويشار كذلك إلى اللقاء الذي كان قد أجراه عبد الواحد النور مع رئيس المخابرات الإسرائيلية اللواء مائير دجان ومسؤول آخر في وزارة الدفاع، يعد مؤشراً قوياً على طبيعة الدور الذي يريد عبد الواحد أن تقوم به “إسرائيل” في دارفور خاصة والسودان عامة من قلقلة الأوضاع أكثر أمام حكومة الخرطوم، مروراً بالتنسيق بين حركات التمرد المتنامية كالسرطان حتى بلغ عددها 19 فصيلاً بالمقارنة بحركتين فقط في بداية التمرد عام 2003، وانتهاء بكيفية تزويد تلك الفصائل بالسلاح.

هل يتدخل الجيش الإسرائيلي لحسم الصراع في دارفور

وكانت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية قد كشفت النقاب عن طلب عبد الواحد محمد نور، زعيم “حركة تحرير السودان” من “إسرائيل” دعم مليشياته المقاتلة في مواجهة الجيش السوداني في إقليم دارفور، وفضحت الصحيفة وبالطبع بتعليمات علياً من أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية لقاء محمد نور التقى بالجنرال، عاموس جلعاد، رئيس الأمن السياسي بوزارة الدفاع، خلال زيارته ل”إسرائيل” في مطلع شهر شباط (فبراير) الماضي، وذلك لعدة أهداف منها:

1. إرباك القيادة السودانية.

2. منح فصيل نور المزيد من القوة والثقة بالنفس.

3. أن توقيت الإعلان عن هذا اللقاء الذي من المؤكد قد سبقه العشرات من اللقاءات السرية يشكل بداية للتدخل العلني الإسرائيلي في الشأن السوداني بعد أن ظل التدخل يتم بشكل سري.

وكشفت الصحيفة عن

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يُمدد اعتقال 58 أسيرا إداريا

الاحتلال يُمدد اعتقال 58 أسيرا إداريا

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين وجمعية "نادي الأسير الفلسطيني"، بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أصدرت 58 أمر...

48 شهيدا و142 جريحا في غزة خلال 24 ساعة

48 شهيدا و142 جريحا في غزة خلال 24 ساعة

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم الثلاثاء، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 48 شهيدا، و142 جريحا وذلك خلال 24 الساعة الماضية...