الإثنين 12/مايو/2025

خلافات تلوح في الأفق بين واشنطون وتل أبيب في عهد أوباما

خلافات تلوح في الأفق بين واشنطون وتل أبيب في عهد أوباما

أخبار الخليج البحرينية

بعد ثماني سنوات من العلاقات المتقاربة إلى أقصى حد ممكن بين واشنطون وتل أبيب، تتجه الولايات المتحدة و”إسرائيل” ربما إلى فترة من التوتر المتصاعد حول جملة من الأمور المهمة، بعدما تبين أن الحكومة الجديدة ستكون أكثر “صقرية” بكثير من سابقتها، خصوصاً أنها سوف تضم الثنائي الإجرامي المؤلف من بنيامين نتنياهو وأفيغدور ليبرمان. وعلى الأرجح أن إيران، التي تعهد الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما بأن يبدأ حواراً جدياً وبناء معها حول مستقبل البرنامج النووي لديها، ستكون المصدر الأول للتوتر والمتاعب بين البلدين. كما أن تبني أوباما حل قيام الدولتين في فلسطين لإنهاء الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي سيزيد من حدة الاحتكاك بين الحليفين القديمين.

وقد تتأزم الأمور أكثر، في حال تمكنت الجامعة العربية من التعاون وتكريس الوحدة لإطلاق دفعة جديدة لمبادرة السلام العربية الصادرة عام 2002، التي تضمن اعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهياً، والدخول في اتفاقية سلام بين الدول العربية وبين “إسرائيل” مقابل انسحاب الأخيرة من جميع الأراضي العربية المحتلة حتى خطوط الرابع من يونيو 1967.

“أورينت برس” راقبت العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية وكتبت ما يلي:

ما يجعل المحللين السياسيين يعتقدون أن الخلافات ستتصاعد بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الحكومة الإسرائيلية المكلف بنيامين نتنياهو هو أن هذا الأخير كان قد أعلن أنه يرفض تجميد بناء المستوطنات، وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كما أصر على رفضه مبدأ “دولتين لشعبين” وخوض مفاوضات سياسية على هذا الأساس مع الفلسطينيين. وكانت هذه القضية موضع خلاف بين نتنياهو ورئيسة حزب “كاديما” تسيبي ليفني، التي اشترطت بدء مفاوضات للانضمام إلى حكومة نتنياهو، بقبول الأخيرة بمبدأ الحل على أساس دولتين، كونه الحل “الذي يضمن بقاء إسرائيل دولة يهودية”، كما قالت. لكن مع الدعم الذي يتلقاه من رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان، يبدو أن ما يقوله نتنياهو سيرسم معالم المرحلة المقبلة للسياسة في “إسرائيل” وهو أمر لن يرضي أوباما.

لذا في المقابل، قد يعتزم أوباما عن طريق المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشيل ممارسة المزيد من الضغط على “إسرائيل” في شأن حل الدولتين، خاصة بعدما نجحت المساعي العربية في التقريب بين “فتح” و”حماس” بعد انطلاق الحوار في القاهرة، حيث جرى التوافق على تشكيل حكومة “توافق وطني” قبل نهاية مارس.

وإذا ما سارت الأمور جيداً على الجبهة العربية، ودعمت الجهود بتوافق واضح المعالم ما بين المملكة العربية السعودية وسوريا وهو ما بدأت تظهر تباشيره بعد زيارة رئيس المخابرات السعودية الأمير مقرن بن عبدالعزيز لدمشق ونقله رسالة من العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى الرئيس السوري بشار الأسد، فإن الجامعة العربية قد تستطيع إطلاق النسخة الجديدة من المبادرة العربية للسلام في قمة الدوحة المقبلة. وفي حال كانت هناك خطوات عربية موحدة وحكومة وحدة وطنية، عندها من شأن ذلك أن يدفع باراك أوباما إلى أن يخطو خطوات إضافية في جهوده من أجل السلام، وأن يعمل مع الحكومة الإسرائيلية من أجل اتفاق سلام، وفي حال لم ترد الحكومة ذلك عندها سيعلن عدم توافقه مع الحكومة الإسرائيلية مما سيكون له عواقب عدة.

وستكون النتيجة بمثابة اختبار حقيقي بين الحكومة الإسرائيلية الجديدة ونصيرتها القديمة أي الولايات المتحدة، إذ ترى إدارة أوباما أن إنهاء الخلاف الفلسطيني – الإسرائيلي الذي دام قرابة 60 عاماً من شأنه أن يعيد للأمريكيين مصداقيتهم بين العرب وبالتالي هي لن تتخلى عن ذلك بسهولة.

الملف الإيراني

بالعودة إلى الملف الإيراني، فإنه سيكون محط خلاف بين واشنطون وتل أبيب حيث ستختلف وجهات النظر بينهما وكيفية التعاطي مع الملف وربما يصل الأمر إلى مواجهة بين الطرفين. وقد وصف الكثير من كبار الشخصيات الإسرائيلية السياسية البرنامج النووي الإيراني بأنه “خطر وجودي يهدد الدولة الإسرائيلية”، واقترح هؤلاء أن تعد “إسرائيل” العدة من أجل هجوم أحادي الجانب ضد المنشآت النووية الإيرانية في مطلع العام القادم إذا لم تستطع الإدارة أن تقنع الأمريكيين بالتعاون. وقد بدأت تقارير إعلامية تشير إلى أن “إسرائيل” تخوض حملة من الاغتيالات السرية ضد كبار علماء الذرة الإيرانيين كما تستعين بالجواسيس والعملاء من أجل تخريب المنشآت النووية أو مد إيران بأسلحة معدلة المواصفات ومخربة من أجل تأخير برنامجها النووي.

وفي العام الفائت، طالب رئيس الحكومة إيهود أولمرت الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بتزويد “إسرائيل” بقنابل لضرب الأهداف تحت الأرض، وبمنح تل أبيب الأذن بأن تحلق طائراتها فوق العراق إذا ما أرادت ضرب إيران، لكن وزير الدفاع روبرت جيتس رفض هذا الطلب وعارضه بشدة، وقد حافظ أوباما على جيتس في موقعه مما لا يبشر بالخير بالنسبة إلى “إسرائيل” ومطالبها.

وقد تخوف جيتس على ما يبدو من أن تؤدي أي ضربة لإيران إلى إعادة أجواء عدم الاستقرار إلى العراق وهو ما لا تريد الولايات المتحدة المخاطرة به بعد التحسن الأمني الذي شهده العراق وهو أمر يبقى هشاً إذا ما لم يتم تدعيمه.

الأهم أفغانستان

والاهم من كل ذلك، أن الإدارة الجديدة التي يرأسها أوباما تنظر إلى أفغانستان وباكستان باعتبارهما الجبهة الأساسية للحرب على الإرهاب، وبالتالي فإن إيران التي تتشاطر وإياهما الحدود لديها دور بالغ الأهمية في الأمر، وهناك من يأمل في الإدارة الأمريكية أن تتعاون إيران مع الولايات المتحدة من أجل تأمين الاستقرار في أفغانستان والتأثير في طالبان.

بالنظر إلى التجربة العراقية فإن معارضة إيران الوجود الأمريكي في العراق قد صعبت الأمور إلى أقصى حد، فيما التعاون الإيراني حول الملف الأفغاني قد يؤدي إلى حلحلة سريعة وإلى ضمان تسديد واشنطون ضربات قوية للقاعدة. وفيما تعاني الإمدادات الأمريكية للقوات في أفغانستان التي سترفع واشنطون من عديدها 17 ألفاً، مما سيجعل عدد قوات الناتو خلال الأشهر القادمة يصل إلى 80 ألفاً، فإن إيران تشكل حلاً، إذ أنها تتشاطر حدوداً مع أفغانستان، وبالتالي من الممكن للإمدادات أن تمر عبر إيران بعدما أغلق جسر خيبر الباكستاني في وجهها، وكذلك قاعدة ماناس في قرغيزستان بناء على الطلب الروسي.

خلاف آخر

من جانب آخر، قد يتصاعد الخلاف بين الولايات المتحدة و”إسرائيل” حول موضوع مغاير تماماً. فبعد أن كان موقف الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة جورج بوش متماشياً مع الموقف الإسرائيلي في مقاطعة مؤتمر “ديربن 2” لمناهضة العنصرية الذي يعقد في سويسرا في أبريل المقبل، ويدين “إسرائيل” عادة ويتهمها بالعنصرية، يبدو أن التوجه الأمريكي الجديد هو لدعم المؤتمر واحتمال الانضمام الأمريكي إليه، مما سيشكل نقطة خلاف مهمة. وقد أعلنت الإدارة الأمريكية أنها ستساعد على تنظيم مؤتمر ديربن 2 رغم الخشية من استخدامه من قبل العرب لتوجيه النقد الحاد ل”إسرائيل”. وأكدت أنها ستقرر لاحقاً إذا ما إذا كانت الولايات المتحدة ستشارك في المؤتمر.

في المقابل، أعلنت “إسرائيل” مراراً مقاطعتها للمؤتمر، ودعت الدول التي تربطها معها علاقات وثيقة وعلى رأسها الولايات المتحدة لمقاطعته. وفي هذا الإطار، قالت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية إن رسائل سرية وصلت من سفارات “إسرائيل” في واشنطون وجنيف، حذرت من نية الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة تغيير سياساتها بشأن مؤتمر “ديربن 2”. وقال دبلوماسي إسرائيلي رفيع “إن إيران والدول العربية هيمنوا على المؤتمر، ومشاركة الولايات المتحدة، ستشكل ضربة قاسية لإسرائيل”، مضيفاً بـ “إن ذلك سيسحب البساط من تحت قدمينا ويقود إلى مشاركة دول أخرى كثيرة في المؤتمر”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات