الثلاثاء 13/مايو/2025

حكومة وفاق وطني: هدية لنتنياهو

حكومة وفاق وطني: هدية لنتنياهو

صحيفة الغد الأردنية

يشكل يوم الثلاثاء المقبل يوماً مفصلياً في تاريخ الشعب الفلسطيني، إذ ستبدأ اللجان الخمس للحوار الوطني اجتماعاتها في القاهرة. وهو حوار لا يمس الشعب الفلسطيني ومستقبله فقط بل يتعداه إلى التأثير الكبير بالوضع العربي. فالانقسام العربي ظل امتداداً للانقسام الفلسطيني، على عكس غابر الأيام يوم كان الامتداد معكوساً. وقد يكون إنهاء الانقسام الجائزة الكبرى التي تقدمها مصر للقمة العربية المزمعة في الدوحة.

يوجد ما يدعو للتفاؤل معلومات وتحليلاً، مع أن شبح التشاؤم يظل مخيماً. فالحوار جاء عقب حرب غزة التي أعادت القضية الفلسطينية إلى ألقها في العالم كله. وأثبتت أن الشعب الفلسطيني ليس لقمة سائغة للعدوان بل قد تخنق من يبتلعها. ورأى العالم بعينه فشلاً غير مسبوق للقوة العسكرية الطاغية في تحقيق أهدافها. وهو ما كان نصر الفلسطينيين الضحايا وهزيمة الإسرائيليين المعتدين.

إلا أن فرحة النصر لم تتم بفعل استمرار العدوان حصاراً وخنقاً. فكل البلايين لا تستطيع أن تدخل كيس إسمنت لإعادة الإعمار، وهو الذي يتدفق على المحتل لبناء المستوطنات متحدياً أبسط مبادئ القانون الدولي، في الوقت الذي ينتصب الجدار الإسمنتي متحدياً قرار محكمة العدل الدولية وخانقاً الضفة، ولو بشدة من دون خنق القطاع.

أخلاقياً، كل ما جرى جريمة. إغلاق المعابر ولو من الطرف المصري جريمة، والعدوان الإسرائيلي حرباً وحصاراً جرائم كبرى. حتى لو ظل الفلسطينيون منقسمين للأبد لا يجوز إعطاء ذرائع للمجرم. انقسم اللبنانيون الانقسام ذاته ولم يحاصروا، وظل صدام على رأس الحكم ولم يحاصر العراق كحصار غزة. سياسياً لا بد من عمل ما لوقف الجريمة وتقديم كل التنازلات الممكنة.

هنا تقدم حماس كل ما لديها وهي “الحكومة”، فإسماعيل هنية مع أنه أول وربما آخر رئيس وزراء عربي منتخب، ظل عملاً لا قولاً يؤكد استعداده مغادرة موقعه ثمناً للوفاق والوحدة. وهو في حرب غزة وضع روحه مع أرواح الذين سبقوه على درب الشهادة وإلى اليوم ما يزال على قائمة الاستهداف. لكن حماس تريد أن تقدم تنازلات مقابل تغيير حقيقي يشعر به الشعب الفلسطيني. فما معنى أن تقدم هدية لنتنياهو من دون تنازلات إسرائيلية ودولية مقنعة.

لا تحرص حماس إطلاقاً على حكومة وحدة وطنية تقوم على مبدأ المحاصصة الفصائلية. بقدر ما تسعى إلى حكومة وفاق وطني تضم شخصيات فلسطينية وطنية معتبرة مشهوداً لها بالنزاهة والاستقامة والفاعلية سواء كانت محسوبة على حماس أم على فتح أم غيرهما، أو كانت مستقلة. في ظل حكومة توافق تعمل حماس كحزب الله، قوة مقاومة يحسب لها حساب، وشريك سياسي غير معزول دولياً.

لا توجد أوهام إن قامت حكومة وفاق وطني، فلن تأتي هيلاري كلنتون على متن خلاط إسمنت تعيد بناء المجلس التشريعي الذي خطب فيه زوجها يوم كانت زوجة الرئيس. إلا أن الحكومة ستهيئ وضعاً عربياً وإقليمياً ودولياً ضاغطاً يصعب معاندته. ومصر تحديداً ستكون، وهي عراب الحكومة، الأقدر على كسر الحصار من طرفها. أو التخفيف من آثاره إلى درجة كبيرة.

لا يقل حرص أوساط كثيرة في فتح والسلطة عن حماس في تجاوز حال الانقسام. فهذه الحكومة ستكون طوق نجاة لحركة فتح التي تواجه أسوأ أوضاعها السياسية والتنظيمية. فالسلطويون من ياسر عبد ربه إلى سلام فياض “أكلوا فتح” على وصف مسؤول كبير في الحركة. وستكون أجهزة السلطة المرتبطة بموظفين بديلاً للحركة التي هي بالأساس حركة نضالية وشعبية، وإلى اليوم لم تحقق أياً من أهدافها التي قامت لأجلها.

يحرص المصريون على لجنتين وهما لجنة الحكومة ولجنة الانتخابات، ومن الواضح أن اللجان الأخرى، إعادة بناء المنظمة، وتوحيد الأجهزة الأمنية والمصالحة، لديها سعة من الوقت، وليس مستبعداً أن تحدث اختراقات مهمة في اللجنتين، وهو ما يعني أن الفلسطينيين قد يحضرون قمة الدوحة موحدين. ولا شك أن إنهاء الانقسام أقل ما يقدم مسرة للصديق، وإغاظة للعدو (نتنياهو). إنها الهدية التي يستحقها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات