بعد قرار اعتقال البشير.. هل تبدأ النهضة الإسلامية من السودان؟!

صحيفة الشرق القطرية
جاء قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال البشير ليشكل له وللسودان أكبر هدية يمكن أن يحصل عليها، فهذا القرار يمكن أن يفتح أمام البشير آفاق مستقبل جديد يمكن أن يحقق فيه الاستقلال الشامل والنهضة الإسلامية والحرية والديمقراطية.
البشير يستحق التهنئة لصدور هذا القرار الذي سيجعل الشعب السوداني يلتف حوله، ويعطيه المزيد من الشرعية، وربما يتحول قريباً إلى أهم زعيم عربي إذا أحسن قراءة الواقع، واستخدم هذا القرار كبداية لنهضة حضارية إسلامية.
البشير أيضاً يمكن أن يستخدم هذا القرار لتشكيل رأي عام سوداني يصبح مصدر قوة له وللسودان، كما أنه يمكن أن يستخدمه لتشكيل رأي عام عربي ضد الظلم والنفاق الغربي.
الكراهية لأمريكا
والأمة العربية كلها يمكن أن تقف مع البشير فالشعوب تريد قائداً يتحدى الغرب الظالم الذي يستخدم المعايير المزدوجة. وكل عربي يشعر الآن بالكراهية لأمريكا التي ترتكب الجرائم في العراق وأفغانستان، وتستخدم حق الفيتو في مجلس الأمن لمنع صدور قرار يوقف العدوان الإسرائيلي على غزة.
وكل عربي أصبح يكره الحكام العرب الخائفين العاجزين الذين لا يستطيعون أن يساعدوا أهل غزة خوفاً من أمريكا و”إسرائيل”.
المسلمون جميعاً يريدون محاكمة مجرمي الحرب الحقيقيين وهم بوش وقادة جيشه الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية، وقتلوا الملايين في العراق وأفغانستان.
كما أن المسلمين يريدون محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين ومن أهمهم أولمرت ونتنياهو وبيريز وليفني، والضباط والجنود الإسرائيليون.
هؤلاء هم الذين يستحقون المحاكمة فهم الذين ارتكبوا أبشع الجرائم ضد الإنسانية وقتلوا الأطفال واستخدموا الأسلحة المحرمة لإبادة الشعوب لتحقيق أهداف عنصرية.
وهؤلاء هم الذين ارتكبوا جرائم حرب تشكل عاراً للبشرية كلها، وتؤكد أننا لا نعيش في ظل حضارة إنسانية، بل نعيش في عصر الزيف والظلم والنفاق.
لكن الغرب المنافق لا يجرؤ على محاكمة هؤلاء المجرمين، وأمريكا فرضت حماية قانونية وسياسية بالقوة على جنودها وضباطها الذين ارتكبوا جرائم حرب، وحتى لا تستطيع هذه المحكمة الجنائية الدولية أن تحاكمهم.
أما “إسرائيل” فإنها فوق القانون الدولي، وهي تحتقر هذا القانون، وتعلم تماماً أنه لا يتم تطبيقه إلا لمصلحتها وضد أعدائها، وبالتحديد ضد العرب والأفارقة.
والمعايير المزدوجة تجعل القانون الدولي كله بلا شرعية، وتجعله أداة للظلم، ولقد أوضحت المحكمة الجنائية الدولية بقرارها اعتقال البشير أنها مجرد أداة لتبرير الظلم الغربي، وتمهيد الأجواء لتنفيذ المخططات الغربية.
دارفور والجريمة الإسرائيلية
المحكمة الجنائية الدولية اتهمت البشير بأنه ارتكب جرائم حرب في دارفور.. لكن الحقيقة أن “إسرائيل” هي التي ارتكبت تلك الجريمة فهي التي دبرت المؤامرة التي شاركت أمريكا وأجهزة المخابرات الغربية في تدبيرها بهدف تفكيك السودان والقضاء على وحدته. حيث ترى أمريكا أن السودان أكبر من أن يحكمه شخص واحد أو نظام واحد، لأنه إذا ظل السودان موحداً فإن ذلك يشكل خطراً على الغرب وهذا حقيقي.
ولذلك فإن “إسرائيل” قد عملت بشكل مستمر على منع تحقيق المصالحة في دارفور، وقامت أجهزة المخابرات الغربية بإفساد كل جهود المصالحة عن طريق تحريك عناصر ترتبط بها.
وبصراحة شديدة فإن مشكلة دارفور لا يمكن أن يحلها إلا الإسلام، فهو وحده الذي يمكن أن يوحد أهل دارفور، وشعب السودان كله، والشعوب العربية والإسلامية.
يجب أن نواجه الحقائق ونستطلع آراء الناس لكي نتوصل إلى حلول صحيحة. هناك الكثير من الأعراق والأجناس والمصالح المختلفة، وعندما يغيب الإسلام عن دارفور أو عن أية منطقة عربية فسوف تظهر الخلافات ويتقاتل الناس بدون أسباب حقيقية.
لذلك فإن الإسلام وحده هو الذي يمكن أن يوحد الدارفوريين، ويعيد صهرهم داخل مشروع حضاري إسلامي ينطلق من السودان.
وهذه نقطة البداية التي يجب أن يفكر فيها الآن البشير وحكومته وشعبه، فليس أمام السودان سوى أن يقاوم بشجاعة الأطماع الاستعمارية، والمؤامرات الإسرائيلية الغربية، وأن يتوحد حول الإسلام ومن أجله.
يضاف إلى ذلك أن تطبيق النظام الإسلامي على أهل دارفور سوف يحل المشكلة، فهو سيوفر لهم حياة كريمة، ويحمي ممتلكاتهم وحقوقهم، ويساوي بينهم في الحقوق والواجبات، ويمنع وجود أية مشاعر أو نزاعات عنصرية، ويوفر لهم العمل والخبز والحرية، ويعيد إليهم شعورهم بالانتماء للأمة.
والبشير لابد أن يبدأ بتوجيه وسائل الإعلام والدعاة في السودان لتحقيق هذا الهدف، ولإحياء حب الإسلام في قلوب الدارفوريين، فهذا الحب هو الذي سيجعلهم ينسون خلافاتهم، ويتطلعون إلى الاندماج في شعب السودان الذي يرفع راية الإسلام، وتحت هذه الراية يتوحد الجميع.
السودان مستقبل الأمة
لقد جاءت الفرصة للبشير ليتحدى الغرب كله… وهذا التحدي هو الذي سيجعل الناس في السودان وفي كل بلاد الإسلام يحبونه ويلتفون حوله… ولقد رأى البشير كيف خرجت المظاهرات في السودان تعبر عن تأييدها له، ولذلك يجب ألا يخذل الجماهير فهي سنده الحقيقي، وهي التي يمكن أن تحميه… والجماهير تحب من يتحدى أمريكا و”إسرائيل”، فهي تشعر بالظلم، ولقد عانت طويلاً من قسوة المستعمرين ومؤامراتهم.
البشير الآن يستطيع أن يقود الأمة في عملية تحد حضاري للغرب تقوم على تحويل السودان إلى مركز للنهضة الإسلامية. وإذا كان الغرب يتآمر لتفتيت السودان فإننا يجب أن ندرك أن التحدي هو المحافظة على وحدة السودان، وهذه الوحدة لا يمكن أن تتحقق إلا بالإسلام ومن أجله.
إن أرض السودان تحوي من الثروات ما يمكن أن يؤهلها لتكون مركز النهضة الإسلامية، والأرض والمياه من أهم هذه الثروات، فهناك أكثر من 200 مليون فدان صالحة للزراعة، وهناك كميات من المياه تكفي لزراعة هذه الأرض، وهذا يعني أن السودان وحدها يمكن أن تحقق الاستقلال الاقتصادي للأمة، وتوفر الغذاء لكل شعوب العالم.
ماذا لو رفع البشير عصاه في وجه الغرب وأعلن التحدي، وحقق حلم الأمة الإسلامية في بناء النهضة وتحقيق الاستقلال الشامل وكسر التبعية للغرب وتحقيق الاكتفاء الذاتي والتنمية والديمقراطية.
إن تحقيق هذا الحلم سوف يوحد السودانيين ويجعلهم يلتفون حول البشير عندما يدركون أنهم أصحاب وظيفة حضارية، وأنهم مقاتلون من أجل الحرية، وأنهم يبنون نهضة الأمة الإسلامية، وأنه في ظل هذه النهضة يمكن أن يصبح كل سوداني غنياً ومتعلماً وصاحب رسالة.
أرض السودان يمكن أن توفر كل المواد الغذائية، وتتيح للأمة الإسلامية أن تتحكم في غذاء العالم، بدلاً من أن يفرض عليها الغرب التبعية.
وفي ظل الأزمة الاقتصادية الحالية فإن هذا التفكير الاستراتيجي يشكل تحدياً للرأسمالية الظالمة التي حولت اقتصاد العالم إلى اقتصاد ورقي استهلاكي.
السودان يمكن أن يتبنى نظاماً اقتصادياً جديداً يقوم على الإنتاج وتوفير حق الإنسان في غذاء صحي وآمن ونظيف بدلاً من تلك النفايات المشحونة بالهرمونات والتي يدفنها الغرب في بطوننا.
احلم يا بشير معي
كنت أشاهد مظاهرات الشعب السوداني، وفجأة قررت أن أغلق جهاز التليفزيون لأستمتع بحلم جميل، وكل المشروعات العظيمة بدأت بأحلام علماء أطلقوا لخيالهم العنان.
منذ فترة طويلة وأنا أحلم ببناء مجتمع معرفة إسلامي، وأحاول أن أقوم بصياغة الأسس العلمية لهذا المجتمع، وبالأمس قررت أن أحلم بأن أقيم مجتمع المعرفة الإسلامي في السودان. وتمنيت أن يحلم البشير معي بسودان جديد يتحقق فيه الاستقلال الشامل، ويكون مركزاً لنهضة الأمة، ويبني اقتصاداً جديداً يقوم على الزراعة والصناعة، ويوفر العمل والطعام والعلم والحرية لكل إنسان، وأن يكون السودان مركزاً لمجتمع المعرفة الإسلامي.
احلم يا بشير معي، وأنا على استعداد أن أضع كل خبرتي وعلمي لتحقيق هذا الحلم، وبناء مجتمع المعرفة الإسلامي في السودان، وهذا المجتمع يشكل بديلاً لمجتمع المعلومات، ويشكل أساساً لنهضة حضارية إسلامية قادمة ينتج فيها المسلمون أفكاراً جديدة لبناء مستقبل البشرية، وتحرير الناس من ظلم الغرب وطغيانه وقسوته ومعاييره المزدوجة، وعندئذ لن يجرؤ الغرب على أن يتحدى أمة قررت أن تنهض وتستقل وتنتصر وتزرع أرضها.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...

حماس: المؤسسات الأممية هي الوحيدة المختصة بتوزيع المساعدات بغزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة حماس، إن المجاعة في قطاع غزة تشتدّ بشكل كارثي وسط استمرار الحصار ومنع دخول الغذاء والدواء. وأكدت في بيان...

إطلاق الأسير ألكسندر يفجر غضب عائلات باقي الأسرى على نتنياهو
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام فجّر قرار حركة حماس إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر من قطاع غزة غضب عائلات باقي الأسرى...

حرّاس الأقصى يحبطون محاولة ذبح “قربان تلمودي” في باحات المسجد
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أحبط حُرّاس المسجد الأقصى المبارك، صباح اليوم الاثنين، محاولة مستوطنين إدخال "قربان حي" إلى باحاته عبر باب...

مرصد عالمي: نصف مليون شخص يواجهون خطر الموت جوعًا بغزة
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام قال مرصد عالمي لمراقبة الجوع الاثنين إن سكان قطاع غزة بأكمله لا يزالون يواجهون خطر المجاعة الشديد وإن نصف مليون شخص...