إسرائيل استخدمت أسلحتها كلها في حرب غزة… والنتيجة لم تكن في مستوى طموحاتها

صحيفة الحياة اللندنية
عندما وقف رئيس الحكومة الإسرائيلية المستقيل، إيهود أولمرت، ليتكلم ليلة الإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة، حرص على التأكيد بأن جيشه في هذه الحرب استخدم أنواعاً جديدة متطورة من ترسانة السلاح الإسرائيلية التي لن يتردد في استخدامها في كل وقت وتطويرها لتحقيق أهدافها.
يومها، لم يوضح أولمرت كلامه، وبدا أنه يتكلم في إطار استعراض العضلات وحسب، مؤكداً أن جيشه هو واحد من أكبر جيوش العالم، ناسياً أنه الذي حارب من بعيد ولم يخض قتالاً حقيقياً في مواجهة جيش آخر وتجاهل تماماً مسألة موازين القوى.
لسنا هنا في صدد الحديث عن وضع «حماس» في هذه الحرب ونقاش ما حققته من نتائج إنما نتحدث عن الجيش الإسرائيلي الذي يواصل منذ إعلان وقف إطلاق النار حملة استعراض عضلات، على رغم التناقضات الواضحة فيها. إذ كيف يخوض جيش يدرج نفسه ضمن أكبر جيوش العالم حرباً مع تنظيم مسلح ويستخدم ترسانة جوية وبرية وبحرية ضخمة ولا يحقق أبرز الأهداف التي دفعته إلى هذه الحرب وهي:
– وقف إطلاق الصواريخ.
– القضاء على البنى التحتية لـ«حماس».
– تقويض نشاط قيادتيها السياسية والعسكرية…
والأخطر من هذا ما كشفته آخر التحقيقات حول العملية العسكرية في غزة من عجز الجيش عن أسر مقاتلين من «حماس». وكلمة أسر غير المألوفة في علاقة الجيش الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين استخدمت منذ اليوم الأول للعملية. وفي استخدامها قصدت “إسرائيل” أن تجعل الحديث عن حرب حقيقية وليس حملة عسكرية.
وفي هذا الجانب تبين أن الجيش وضع قبل دخوله إلى غزة أمام ناظريه هدف اعتقال ما لا يقل عن ألف مقاتل من «حماس»، وأعد لهم الخيام عند الحدود مع القطاع والمعتقلات الخاصة في واحد من أكبر معسكرات الجيش في الجنوب، لكن النتيجة التي حاول الجيش إخفاءها خلال العملية أن عدد المعتقلين، أو الأسرى كما يريد الجيش تسميتهم، لم يتجاوز 128 فلسطينياً أسرتهم وحدة المظليين التي قادت الحرب في الصفوف الأمامية. ولكن معظم هؤلاء، أفرج عنهم لعدم وجود أي علاقة لهم بـ «حماس» والتنظيمات المسلحة. أما خيبة الأمل الأكبر لقادة الجيش فكانت من الوحدة المختارة «غولاني» التي أُرسلت إلى شمال – شرق غزة وحي الشجاعية ومخيم جباليا، باعتبارها الوحدة القادرة على المواجهات وتحقيق الاعتقالات. فلم يصل عدد من أسرتهم من «حماس» إلى عدد أصابع اليد الواحدة. وفي النتيجة النهائية لعملية الأسر نقل ثلاثون غزياً إلى معتقلات في “إسرائيل” ليحقق «الشاباك» معهم ومن ثم يفرج عن معظمهم.
وفي خلاصات التحقيق حول هذا الموضوع فإن السبب المنخفض لعدد الأسرى، يعود إلى طبيعة الحرب التي إدارتها «حماس». وبحسب ادعاء العسكريين الذين أجروا هذا التحقيق فإن مقاتلي «حماس» فضلوا الانسحاب من مواقعهم عند دخول الجيش والاختفاء في أحياء في مركز غزة وفي المقابل فإن طريقة الحرب التي أدارتها الوحدات تختلف بين الوحدة والأخرى. مثلاً في وحدة «غولاني» كان التركيز على ضرب المواقع المستهدفة ومن ثم الدخول إليها وبمثل هذه الحالة يكون احتمال الاعتقال ضعيفاً.
سلاح الجو: آلاف الطلعات
خرج سلاح الجو بحملة إعلامية غير مسبوقة خاض فيها بتفاصيل الترسانة العسكرية التي شاركت في حرب غزة وأراد منها استعراضاً عسكرياً لقدراته من دون أن يستدرك أنه عاد من حرب غزة كما عاد من حرب لبنان من دون تحقيق الأهداف.
قائد سلاح الجو، عيدو نحوشتان، كان أكثر من تفاخر باستخدام آلة جيشه العسكرية في حرب غزة وراح يتحدث عن نجاح العمليات المركبة بين سلاحي الجو والبر وما يرافق ذلك من دقة في التنفيذ وإصابة الهدف، وقال: «منذ أشهر طويلة تدرب الجيش على هذه العمليات المركبة وفي غزة استخدمنا كل ما يملكه سلاح الجو من معدات وطائرات حربية، ومع أننا واجهنا صعوبة في التنفيذ لكثافة النيران لكننا نفذنا العمليات وخرجنا باستخلاص أن التدريبات التي أجريناها أخيراً من حيث التعاون بين سلاحي الجو والبر في أرض المعركة قد أثمرت وبأننا تجاوزنا تلك الصعوبات التي واجهناها في حرب لبنان».
الطلعات الجوية التي نفذتها طائرات سلاح الجو الإسرائيلي خلال الحرب على غزة وحسب تقارير سلاح الجو جاءت على النحو الآتي:
– المروحيات العسكرية نفذت أكثر من ألف طلعة وضربت أكثر من ألف هدف.
– الطائرات الحربية نفذت أكثر من ألف وخمسمئة طلعة وضربت أكثر من ألفي هدف واستخدمت أكثر من ثلاثة آلاف قنبلة.
أما الترسانة العسكرية التي شاركت في الحرب فشملت:
– «كلمة السر» وهي الصفة التي أطلقت على طائرات الأباتشي والكوبرا، التي كان لها الدور الأكبر في الغارات التدميرية خلال الأسبوع الأول من الحرب. وقد حددت لها مهمة القضاء على البنى التحتية لحماس ومخازن الأسلحة ومطلقي الصواريخ وفي مرحلة متأخرة من الحرب قدمت هذه الطائرات مساعدة للوحدات البرية التي توغلت في غزة.
كل طائرة رافقت مجموعة من الجنود في أثناء تنفيذ العملية وأحياناً كثيرة، وفق الجيش، قصفت مقاومين من «حماس» دخلوا في مواجهات مع الجنود.
و«كلمة السر» التي أطلقت عليها تندرج في نجاح التعاون براً وجواً. الحديث عن هذه الطائرات لم يشمل انجازات حققتها، فيما حرص سلاح الجو على إظهار أن عملياتها المركبة أثبتت نجاح التدريبات التي أجراها الجيش خلال السنة الأخيرة كواحد من استخلاصات دروس الحرب من لبنان.
– «عندما يدوي الضجيج»… بهذه الكلمات وصف سلاح الجو الأجواء التي كانت تسود غزة عندما حلقت الطائرات الحربية المعروفة باسم «الضجيج» ( F-151 ) في سماء غزة لتساند الطائرات الحربية في مهمتها. وأطلقت عليها هذه الصفة لأنها استخدمت كعامل مفاجئ للمقاتلين بحيث ينطلق هديرها عندما تقترب من الهدف الذي حدد لها وفي شكل سريع تنفذ مهمتها.
أحياناً كثيرة استدعيت هذه الطائرات في شكل طارئ لمرافقة وحدات برية كانت في أوج معاركها مع المقاتلين. وبحسب قائد وحدة هذه الطائرات، أوري، فإن أكثر من 15 طائرة من هذا النوع شاركت في الحرب وأطلقت منها عشرات القذائف. وفي الأسبوع الأول تركزت مهمتها على مختلف الأهداف: مبان ادعى الجيش أنها ملغومة. مخازن أسلحة وأنفاق، وشاركت أيضاً في عمليات مركبة مع القوات البرية.
– «على جناح الصقر»… تحت هذا العنوان حددت مهام الطائرة المعروفة بالصقر ( F-15 ) وبحسب سلاح الجو فقد أجريت للمرة الأولى في غزة تجربة أجهزة جديدة تم تركيبها على هذه الطائرة وهي قادرة على إطلاق قنابل عدة باتجاه أكثر من هدف في آن واحد لمجرد الضغط على الزر. ويتباهى سلاح الجو بوصفه هذه الطائرة بالقول إن الدمج بين القنابل المحمولة فيها وبين قدرة الطائرة على حمل كمية كبيرة من الأسلحة ساهم في شكل فعال في العملية.
– وفي سياق استعراض ما يسميه الجيش انجازاته، يتحدث سلاح الجو بفخر عن أن طائرات حربية خاصة من نوع F-16 و«اأفيري هتسافون» أحضرت خصيصاً من الشمال الى الجنوب لتشارك في الحرب على غزة والقيت عليها مهمة تفجير الأنفاق عند محور فيلادلفيا.
– طائرة «سكايهوك» والتي يصفها سلاح الجو بـ «النمر المحلق» كانت لها مهمة مميزة. فقد نفذت عشرة تحليقات في الحرب وكانت تحمل متفجرات من نوع خاص تحتوي على المناشير التي تلقيها على المناطق السكنية لإبلاغ السكان بمغادرة بيوتهم. وحتى هذه المهمة، يدعي الجيش، أنها لم تكن سهلة وقد تحمل منفذوها مشاق غير قليلة. فالمناشير كانت توضع داخل قنابل خاصة وكان على منفذي المهمة اختيار المكان المناسب الذي يبعد عشرين قدماً عن وجه الأرض ليطلقوا القنبلة بما يضمن وصول المناشير للمناطق المحددة. وتبين أن 8 في المئة فقط من المناشير أصابت الهدف ووصلت إلى مناطق السكن التي كان سلاح الجو يستعد لقصفها.
– طائرات «ساعر» وهذه أطلق عليها صفة «المنقذ» وإلى جانب مهمتها العسكرية ساهمت في نقل الأطباء إلى أرض المعركة وإنقاذ الجنود المصابين.
– طائرة «ايتان» من دون طيار وقد استخدمها الجيش في غزة لأول مرة، في إطار التجربة. وتعتبر الأكبر من نوعها في العالم بين أنواع الطائرات من دون طيار. فهي قادرة على التحليق مسافات طويلة ونقل حمولة كبيرة من الكاميرات والمعدات. زنتها طن وتصل سرعتها حتى 234 كيلومتراً في الساعة وقادرة على البقاء في الجو لمدة 24 ساعة متواصلة وعلى تنفيذ مهام في مدى بعيد.
مهمة الطائرة كانت نقل صور ومعلومات استخباراتية، وما يميزها القدرة على نقل معلومات استخباراتية في شكل فوري إلى مركز الاستخبارات العسكرية في الجيش.
وإلى جانب طائرة «ايتان» شاركت العديد من الطائرات من دون طيار ومن مختلف الأنواع وهذه يعتبرها الجيش واحدة من أهم العناصر التي رسمت صورة «النصر»… التي حاولت وما زالت تحاول “إسرائيل” الاقتناع بتحقيقه في حرب غزة.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...