الأحد 11/مايو/2025

سياسة العزل ليست الحل

سياسة العزل ليست الحل

صحيفة البيان الإماراتية

مع حرصنا الكبير على نجاح مؤتمر الحوار الفلسطيني، وعلى نجاح «مؤتمر الإعمار» الدولي في مصر العربية، تبدو بعض التصريحات بشكل غير مناسب وفي توقيت غير مناسب، كما لو كانت تقطع طريق نجاح الحوار قبل أن ينتهي، وتعرقل عمل مؤتمر الإعمار قبل أن يبدأ!

فحينما يعيد مسؤول فلسطيني تكرار شروط الرباعية المرفوضة من طرف فلسطيني آخر، كشرط لتشكيل الحكومة الفلسطينية المقبلة، مستبقاً بذلك انتهاء مؤتمر الحوار من تحديد مضمون برنامجها وطبيعة تكوينها وحدود التزاماتها، ويدعوه الطرف الآخر لعدم الوقوع في وهم التخلي عن مواقفه المعلنة من هذه الشروط، فإن ذلك من شأنه وضع العصي في عجلات الحوار قبل أن ينتهي.

وحينما يقول «خافيير سولانا» في رام الله باسم الاتحاد الأوروبي: إن المال الأوروبي لإعادة إعمار غزة لن يمر إلا عبر السلطة وليس عبر حماس، فما معنى هذا التصريح السلبي في توقيت الحوار الفلسطيني الجاري بين فتح وحماس لاستعادة الوحدة؟!..

ألا يعني ذلك تسييساً لعملية الإعمار، وشروطاً لا محل لها ولا نتيجة؛ سوى عرقلة عملية الإعمار قبل أن تبدأ، وإثارة الجدال من جديد حول الجهة التي يمكنها القيام بإعادة الإعمار، وهو ما تجاوزناه مع بدء الحوار؟!

ألا يمكن أن تقوم الجهات المانحة بتشكيل لجنة دولية مستقلة لإعادة الإعمار بتحديد وتمويل المشروعات وبالشركات التي تحددها هي تنسيقا مع سلطة الرئاسة ومع الحكومة المقالة، دون دفع الأموال لهذا الطرف أو ذاك؟..

وهل يمكن واقعيا للسلطة الفلسطينية أو لأي طرف دولي أو عربي القيام بإعادة الإعمار في غزة دون حكومة وحدة وطنية فلسطينية بمشاركة حركة حماس، أو دون تنسيق سياسي مع الحكومة المقالة القائمة على الأرض وتحكم غزة؟

ومع وصف الجامعة العربية مؤتمر شرم الشيخ لإعادة إعمار قطاع غزة بأنه مؤتمر اقتصادي وأن نجاحه يعتمد على الدوافع السياسية. وقولها على لسان أمينها المساعد للشؤون الفلسطينية إنه بدون الجهد السياسي فإن إعادة الإعمار ستبقى حلماً وأرقاماً على الورق..

فهل يجدي هذا الكلام الأوروبي وما لحقه من كلام أميركي على لسان الوزيرة «هيلاري كلينتون» بذات المعنى قبل بداية مؤتمر إعادة الإعمار تجاهلاً لطرف شريك في حكومة الوحدة المنتظرة، ودون انتظار للنتائج السياسية لمؤتمر الحوار، بل دون كلام أوروبي وأميركي مماثل باتجاه ضرورة رفع الحصار أولاً؟.. أم أنهم لا يريدون للمصالحة أن تتم أو للحصار أن يرفع أو لمؤتمر الإعمار أو للحوار أن ينجح؟.

وهل يتناغم مثل هذا الكلام مع الرسالة التي نشرتها صحيفة «التايمز» إلى رئيس التحرير التي وقعها عدد من الساسة والدبلوماسيين الكبار في العالم، والتي تقول: إن من بين ما يستخلص من هذه الحملة العسكرية «الدموية» هو أن «سياسة عزل حماس لا يمكنها أن تجلب الاستقرار، مستشهدة بقول وزير الحرب الإسرائيلي الأسبق موشي ديان: «أنت لا تتفاوض مع أصدقائك إذا أردت السلام، بل مع أعدائك».

وتؤكد الرسالة التي وقع عليها «شلومو بن عامي» وزير الخارجية الإسرائيلي السابق على ضرورة أن تعترف “إسرائيل” بحماس، مثلما تطالب حماس بالاعتراف بها، ويعتبر الموقعون: «أن الشروط التي فرضتها الرباعية الدولية على حماس لبدء المفاوضات شروط غير عملية بالمرة». مؤكدين أن «حماس لن تختفي، أحببنا هذا أم كرهناه»!

كاتب مصري

[email protected]

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات