متى تدفع «إسرائيل» فاتورة جرائمها؟!

صحيفة الدستور الأردنية

الماثل أمامنا في المشهد الفلسطيني الراهن، أن الشعب الفلسطيني تعرض وما يزال بلا أدنى شك إلى عدوان إسرائيلي شامل. بل والأكثر من ذلك أن ما تعرض له الشعب الفلسطيني وما يزال، عبارة عن “محرقة مفتوحة” وحرب “تطهير عرقي” بكل ما تعنيه من اجتياحات وقتل جماعي وفردي وتدمير شامل لكافة أشكال البنى التحتية الخدماتية وغيرها.

كما تعرض الشعب الفلسطيني وما يزال في الوقت ذاته إلى حرب “إبادة سياسية” تتزامن مع “التطهير العرقي” وتستهدف الإجهاز على الطموحات والتطلعات الوطنية الفلسطينية الاسقلالية وعلى كافة المطالب التاريخية والحقوقية المشروعة في فلسطين؟

فوفق شتى المقاييس والمعايير والمواثيق والقوانين والقرارات والأخلاقيات الأممية والبشرية العريضة، فإن ما اقترفته وما تزال دولة وآلة الحرب الصهيونية – إذن – ضد أهلنا في غزة، يتجاوز كل هذه المرجعيات، بل يطيح بها بقسوة لا مثيل لها، طافحة بروح العنصرية الفاشية والاستخفاف والاحتقار لكل قيم ومضامين حوارات الأديان والحضارات ولكافة معايير وقيم السلام والتعايش.

الواضح الملموس في هذا السياق الإجرامي الصهيوني أن “إسرائيل” تنتقل عملياً إلى مرحلة يمكن أن نسميها مرحلة جرائم ما بعد جرائم الحرب… ومرحلة “إسرائيل”… ما بعد جرائم الحرب، والهدف الكبير الاستراتيجي من وراء كل ذلك هو: الاغتيال الاستراتيجي لفلسطين أولاً…

والهدف الاستراتيجي أيضاً هو اغتيال الجغرافيا والأمة والتاريخ والحضارة والتراث والحاضر ومقومات بناء المستقبل أيضاً… ثانياً.

والذي يقوم باقتراف هذه الجرائم والإبادة العرقية ليست دولة سوية طبيعية جزء لا يتجزأ من المنطقة العربية والشرق الأوسطية، بل هي دولة مصطنعة أقيمت وفرضت واستمرت وتقوت وتعاظمت تحت دعم ومظلة الاستعمار البريطاني أولاً، ثم تحت دعم ومظلة الإدارة الأمريكية ثانياً.

بل لقد غدت تلك الدولة حكماً دولة مارقة خارجة على القوانين الدولية والبشرية، ولذلك كله باتت أقرب إلى مافيا للجريمة المنظمة المخططة المبيتة المنهجية، ولكنها مافيا بحجم “دولة “إسرائيل” العظمى” المدججة أولاً وقبل كل شيء بالأدبيات والخلفيات العنصرية الدموية، والمدججة ثانياً بترسانات لا حصر لها من أسلحة التدمير الشامل.. حتى الأنياب النووية؟

ثم تأتينا الإدارات الأمريكية والأوروبية بعد كل ذلك لتسوغ لها “المحرقة” زاعمة “أنها تدافع عن نفسها”…

إذن… نحن عملياً أمام مرحلة انتقلت فيها “إسرائيل” إلى مستوى اقتراف جرائم مكثفة أفقية وعمودية… جرائم ما بعد جرائم الحرب إذا جاز لنا أن نسميها هكذا…، ونحن أمام مرحلة نواجه فيها أكبر وأجرم وأخطر “مافيا” على وجه الكرة الأرضية.

بيتر برستون – كاتب بريطاني – شرح المشهد الفلسطيني قائلاً: “على الجانب الآخر تقوم وقائع أخرى، جيش صهيوني مزود بالطائرات والدبابات ومدجج بالأسلحة التي أنتجت لقتل الآخرين، وليس لدى الفلسطينيين سلاح مواز، وما من أحد يخف لنجدتهم سوى إخوان عرب لا يحملون لهم سوى كلمات فارغة، وها إنهم قد عثروا على السلاح الذي لا يستطيع الصهاينة مواجهته، فمن ذا الذي يلومهم على استخدامه؟”.

وحسب المعطيات الماثلة في المشهد الفلسطيني، ووفق قراءة النوايا والمخططات والأهداف الصهيونية واستنادا إلى أدبياتهم، فإن الشعب الفلسطيني هو الأولى والأحق وفق كافة المواثيق والقوانين الدولية والبشرية، بالدفاع عن نفسه وعن وطنه وحقوقه أمام خيارهم العنصري الإبادي…

هكذا نقرأ ونفهم خيار الفلسطينيين المحاصرين ظلماً وانتهاكاً وطغياناً في مواجهة خيار شمشون المزعوم..؟ إلى حين أن يراجع المجتمع الدولي حساباته.. وإلى حين أن يتحرك العرب والعالم من أجل وقف وتعطيل بلدوزرهم الإرهابي الدموي الاقتلاعي الجامح بلا أية روادع أو كوابح أخلاقية أو قانونية أو عربية أو دولية..؟ ونعتقد… أننا لو أجرينا استطلاعات للرأي العام العربي والعالمي حول سبل كبح و ردع ومحاسبة هذه “المافيا الإرهابية النووية”، لكانت النتائج بالأغلبية الساحقة على الأرجح لصالح تفكيك هذه “المافيا – الدولة الإرهابية الأخطر في العالم”…

ولصالح تدفيعها فواتير مجازرها وجرائمها.. ولصالح تقديم قياداتها وجنرالاتها وجنودها لمحاكم مجرمي الحرب في العالم.