الأربعاء 07/مايو/2025

ليس لليهود وجود ديني أو تاريخي في القدس «2 – 2»

ليس لليهود وجود ديني أو تاريخي في القدس «2 – 2»

صحيفة الدستور الأردنية

بعد خمسين سنة من السبي سقطت بابل وقامت إمبراطورية الفرس بقيادة كورش الذي طالب اليهود بالعودة إلى القدس ومنحهم الأموال لإعادة بناء الهيكل وأسوار القدس ألا أن معظمهم رفضوا العودة.. ومرت بعد ذلك مائة عام لم تقع في المدينة أحداث إلى أن جاء الإسكندر المقدوني وضم القدس إلى إمبراطوريته ثم حكم مدينة السلوقيون إلى عام 67ق. م عندما احتلها الروم وجعلوها ولاية تابعة لروما.

اليهود هدموا الهيكل والمسلمون دخلوا القدس بدون حرب وبقيت الروم تحكم القدس.. وخلال حكمها في عام 70 بعد الميلاد حطم اليهود القدس وهدموا الهيكل واستمر الحكم الروماني إلى عام 614 عندما احتل الفرس القدس بمساعدة اليهود وقد شاركوا في المذابح الرهيبة ضد المسيحيين وفي هدم الكنائس وكان بذلك آخر عهد للهيكل الذي حطمه اليهود خشية أن يستولي عليه الروم.

وبعد خمسة عشر عاماً استعاد البيزنطيون القدس وأعملوا القتل في اليهود انتقاماً من ذبحهم المسيحيين عند دخول الفرس ولكن بعد تسعة أعوام حاصر المسلمون القدس وأبدوا رغبتهم في دخولها بدون حرب فأجريت المفاوضات التي تم على إثرها تسليم المدينة بدون حرب وكانت أول مرة تخضع القدس لحاكم بدون سفك الدماء كما كانت لأول مرة في التاريخ التي يمنح فيها المسيحيون واليهود معاً الحرية التامة في ممارسة العبادة كما سمح عمر بن الخطاب لليهود المنفيين بالعودة والحياة في القدس.

ولقد برهن التاريخ أن الحكم العربي كان الصيغة الملائمة والحل الوحيد لوضع مدينه تتطلع إلى ثلاث ديانات كما أن روح عمر بن الخطاب الذي رفض الصلاة في كنيسة القيامة خشية أن يأتي المسلمون ويستولوا عليها وبقيت هذه الروح الميزة التي تحلى بها الحكم العربي للمدينة المقدسة منذ ذلك اليوم حتى الاحتلال الإسرائيلي عام 1967.

خرافة الحق التاريخي

من عرض هذا الموجز لتاريخ القدس نستطيع أن نخرج بالحقائق التاريخية التالية:

أولاً: أن مدينة القدس كانت مقدسة قبل أن يحكمها العبريون وقبل بناء الهيكل.

ثانياً: أول من سكن القدس هم العرب الذين عرفوا بأسماء مختلفة في تاريخ بلادهم وهي: اليبوسيون، الكنعانيون، والعموريون.

ثالثاً: إن تاريخ القدس وفلسطين معها بدأ بحكم الشعوب التالية لها حسب الترتيب التالي: الكنعانيون والعموريون والحثيون والفلسطينيون والفينيقيون والهكسوس ثم حكمها فيما بعد الأدوميون المصريون الإسرائيليون والأشوريون والبابليون والعجم واليونان والرومان والبيزنطيون وخلف هؤلاء جميعاً العرب المسلمون.

رابعاً: أن العبرانيين أجداد اليهود ليسوا من أصل فلسطيني بل هم بابليون ولم يكونوا أول من سكن فلسطين والقدس وكما لم يمتد حكمهم متقطعاً أو متصلاً أطول فترات حكم الشعوب الأخرى إن لم يكن كان من أقلها.

خامساً: إن العبرانيين أنفسهم تركوا البلاد ذات مرة بمحض اختيارهم كما أنهم أنفسهم هدموا الهيكل بأيديهم.

سادساً: إن اليهود بالنسبة إلى الديانات الثلاث يكاد لا يكون لهم أي أثر ديني في القدس إذ رغم الأبحاث المتواصلة لم يستطيعوا العثور على الهيكل وأن حائط المبكى الذي هو البراق الشريف وهو المكان الأكثر تقديساً عند المسلمين هو أيضاً الجزء المهم من حائط المسجد الأقصى.

خرافة الحق القانوني

وإذا أسقطنا بهذه الحقائق التاريخية المزاعم الإسرائيلية عن الحق التاريخي فلا بد أيضاً من إسقاط مزاعم السياسي أو الدولي وهو الجانب الآخر من جوانب الحركة الصهيونية. إذ أن المبادئ والأسس للحقوق القديمة والحديثة قد اتفقت على رفض نظرية الحق التاريخي لعدة أسباب أهمها حق الفتح ومرور الزمن واعتراف اليهود أنفسهم.

ويقول الأستاذ بوند في كتاب القانون الدولي: أن حق الفتح يعني زوال الدولة المغلوبة بكاملها وقيام الدولة الغالبة على أنقاضها بحيث لا يبقى لها بعد ذلك وجود بين الدول وهذا ينطبق على ما حدث للحكم الإسرائيلي في مملكة الشمال عام 720 ق. م ومملكة الجنوب عام 586 ق. م وكذلك ما فعله طيطس الروماني بالشعب اليهودي عام 70م.

ويقول فوشيه في كتاب القانون الدولي: إن الفتح في الحقوق القديمة وفقاً للقواعد الحقوقية الرومانية كان أفضل طريقة لاكتساب الملكية.

أما اليوم ووفقاً للنظريات والقواعد الدولية الحديثة فإنه لا يجدر احتلال أراضي الدولة المغلوبة على أمرها ولا تنتقل السيادة من دولة إلى أخرى من غير إدارت سكانها كما نصت معاهدة جنيف.

وإذا أراد اليهود أن يتذرعوا بحجج عدم سقوط حقهم في القدس وفلسطين لأنهم خرجوا منها بقوة السلاح فإنهم خرجوا منها أيضاً برضاهم.. وإذا أرادوا أن يوغلوا في العناد فإنهم ليسوا أول من سكن فلسطين ولا هم حكموها أطول مدة من الزمان.. ويضاف إلى كل ذلك أن العرب المسلمين حكموها حكماً متصلاً مستمراً طيلة سبعة قرون حتى الحرب العالمية الأولى.. وبعد الحرب العالمية الثانية حتى عدوان 1967.

أما قضية مرور الزمن فإنه باتفاق معظم المشرعين ورجال القانون الدولي فإنهم يعتبرون أنه من أسباب الملكية الصحيحة هو مبدأ مستمد من طبيعة الأشياء ولازم لبقاء الجمعية البشرية وانتظامها فمرور الزمن على خروج اليهود من فلسطين واستمرار سبعة قرون للحكم العربي الإسلامي أسقط كل حجة تاريخية أو قانونية لعودة اليهود إلى القدس أو فلسطين واحتلالها بالقوة.

وبالنسبة للقانون الدولي فإنهم يعتبرون أن قضايا مرور الزمن والعصر الحاضر تختلف عنها في العصور القديمة إذ اشترطوا في العصر الحديث أن تكون الدولة قد وضعت يدها على الأراضي التي تدعيها باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من أراضيها على أن يكون وضع اليد عليها وأن يكون قد استمر مدة طويلة من غير انقطاع أو منازع شريطة أن تنقرض الدولة المغلوبة وتحمي أثارها القومية ويتبدد سكانها الأصليون ويحل مكانهم رعايا الدولة المغلوبة.

وبالنسبة لمرور الزمن القديم فإن اليهود انقرضوا وتشتتوا نهائياً وخرجوا من القدس وفلسطين وحلت مكانهم الدولة الغالبة أما اليوم فإن الأمر مختلف تماماً فان العالم أجمع لا يعترف بشرعية الاحتلال الإسرائيلي كما أن الشعب الفلسطيني لا زال موجوداً ويتكاثر وقد تضاعف رفضه ونضاله لاستعادة وطنه في طليعتها مدينه القدس بل أن الدول التي تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلها الوحيد للشعب الفلسطيني أكثر من الدول التي تعترف بوجود “إسرائيل”.

أما المبدأ الثالث للحقوق القديمة والحديثة الذي يسقط الحق الإسرائيلي من المطالبة بالقدس وفلسطين وهو الاعتراف اليهودي عندما تخلوا عن فكرة الرجوع إلى فلسطين والقدس عندما دعاهم كورش فرفض معظمهم وقبلوا أن يبقوا في الخارج.

وقال المؤرخ رانياش لقد كان رؤساء اليهود في بابل أول من جاهر بالمذهب الذي يفرض على اليهود أن ينزعوا من كتبهم الدينية وصلواتهم كل ما يتفق مع قوانين البلاد التي نزحوا إليها ولا سيما ما يتعلق برجوع اليهود إلى فلسطين.

وفي المؤتمر اليهودي العام الذي عقد في باريس عام 1807 صدر الإعلان بأنه ليس للأمة اليهودية الحق بالمطالبة بفلسطين وأنه يجب عليهم في سائر أنحاء العالم أن يلغوا أفكارهم وصلواتهم وكل ما له علاقة بالرجوع إلى فلسطين أو تأسيس الدولة فيها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الثلاثاء، مجزرة مروعة بحق النازحين، عقب قصف الطيران الحربي لمدرسة تُؤوي...