الإثنين 12/مايو/2025

عدالة «أمنستي» النادرة!

عدالة «أمنستي» النادرة!

صحيفة الدستور الأردنية

التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية “أمنستي” فجر الثالث والعشرين من شباط 2009، بشأن المحرقة التي أشعلها المحتل الصهيوني ضد أهلنا في قطاع غزة – مثير للدهشة، في أقل تقدير. والدهشة هنا ناتجة عن كون منظمة العفو “الدولية” – دولية – بمعنى أنها يفترض أن تكون حيادية، ودقيقة وعلمية – من جهة، مع مراعاة شرط الصدقية الواجب ههنا – خاصة في معالجة قضية إنسانية خطيرة جداً، من جهة أخرى.

بالنسبة لما جاء في التقرير من أن المحتل الصهيوني اقترف جرائم حرب، وأنه استخدم أسلحة “من جهات خارجية” فهذا تحصيل حاصل. وأن العالم كله يشهد على الجرائم الهمجية الرهيبة التي ظل الجزارون الصهاينة يقترفونها مع سبق الإصرار على مدى اثنين وعشرين يوماً. قتلوا نحو ألف وأربعمائة إنسان فلسطيني أكثر من نصفهم أطفال ونساء، وجرحوا أكثر من خمسة آلاف أيضاً أغلبهم من النساء والأطفال.

واستخدموا “اليورانيوم – الصافي والناضب – والفوسفور” علناً – وكل شيء موثق ومدون – بالصوت وبالصورة أيضاً. وإذا كان لا بد من تحميل الاحتلال مسؤولية الجرائم ضد الإنسانية – وهذا حق – فإن الأمنستي رفضت أن تكون منصفة وأن تبقى إلى جانب الحقيقة ههنا بالتحديد. ولذا – ولتقديم المكافأة المجزية للقتلة المجرمين فإنها عمدت إلى إعلان مساواتها في النظرة والنتيجة بين الجلاد والضحية بين المعتدي والمعتدى عليه، بين الغازي والمدافع عن حقه.

إن المنظمة لاحظت – مثلاً – أن هناك قصفاً فلسطينياً “عشوائياً” استخدم صواريخ “قسام وغراد” – ومع الأسف لم تجد المنظمة في بحثها المضني “ضحية” يهودية في المستعمرات المقصوفة – تقدمها للعالم على أنها إثبات على “وجود جرائم حرب” اقترفتها “حماس” ومنظمات فلسطينية أخرى في القطاع.. لذا عمدت إلى “الحكم” من خلال عرض “النية”.. وذا والله تعد على اختصاص الخالق العظيم فهو وحده الذي حكم حسب النوايا..

العجب أيضاً يأخذنا حين تنكر “أمنستي” على الشعب الفلسطيني حق الدفاع المشروع عن النفس – مع أن المعركة كانت هجوماً من قوة احتلال غاشمة – والدفاع من شعب عن نفسه – ومن حركات مقاومة مشروعة – إن العالم كله يقول بمشروعية المقاومة حال وجود الاحتلال.

والأغرب – من جهة أخرى – أن أمنستي طالبت بمنع تزويد الجهتين بالسلاح. لا يملك الإنسان هنا إلا أن يقهقه حتى ينقلب على قفاه ضحكاً وغيظاً. فالمحتل الإسرائيلي لديه معامل إنتاج أسلحة تدمير شامل، وهو أيضاً متعاقد مع الولايات المتحدة الأمريكية لتزويده بأحدث أنواع الأسلحة وأشدها فتكاً وتدميراً إلى حد عام 2017 – فهل تملك أمنستي قدرة إلغاء الاتفاقية مثلاً؟ ثم ما وجه المقارنة بين الصواريخ البدائية البسيطة أو حتى المستوردة – التي لم تقتل ولا أي شخص في جنوب فلسطين المحتلة – وأسلحة الدمار الشامل التي استخدمها المحتل الصهيوني “براً وجواً وبحراً” ضد مساحة محددة وضيقة ممتلئة باللحوم الآدمية وبمجموع مليون ونصف المليون من البشر – من الأطفال والنساء والشيوخ؟. لقد دمر الاحتلال حوالي عشرين ألف مسكن في القطاع – فكم مسكناً هدمت صواريخ القسام في المستوطنات جنوب “إسرائيل”؟ إن المساواة على هذا النحو بين الجلاد والضحية انعكاس لحقيقة بؤس المنظمات الدولية – ما كان منها مختصا بحقوق الإنسان وما كان منها مهتما بالعدل والسلام في العالم.. وصور انحياز مقززة، تتجلى بالاعتراف بالحقيقة هنا، ثم الإعلان عن نقيضها هناك، وفي التقرير ذاته.

أنموذج يقول لنا ليس للضعيف من نصير، وللقوي الجبار المتغطرس كل “الدعم” من الاتجاهات جميعها. يبقى أن نقول للفلسطينيين والعرب عموماً: انصروا أنفسكم، انصروا أنفسكم بالقوة يحترمكم العالم ولا يضعكم الظالمون في ميزان واحد مع القتلة والمجرمين وتجار الحروب والغارقين في بحور دماء أطفالنا الأبرياء.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....