الثلاثاء 13/مايو/2025

أزمة مفتعلة لإجهاض الحوار

أزمة مفتعلة لإجهاض الحوار

صحيفة البيان الإماراتية

بدا لنا ألا ضرورة للتعرض للأزمة الإعلامية لا السياسية المثارة عمداً بين الفلسطينيين الفتحاويين والحمساويين الحالية كخدمة مجانية للصهاينة المحتلين، لولا دخول أطراف أخرى عبرية الهدف وقد تكون عربية اللسان على الخط لتضخيمها ولخلط الأوراق فيها بهدف إفشال الحوار الوطني الفلسطيني المقرر قبل أسبوعين.

لأن الفشل المطلوب هو هدف عبري لا عربي لإضعاف المفاوض الفلسطيني بوساطة مصرية مع العدو الصهيوني لفتح المعابر ورفع الحصار، ومنعه من قطف ثمار انتصاره السياسي، وتصفية الحسابات مع هذا الفصيل المقاوم عقاباً له على صموده وشعبيته، بعد فشل العدوان بتحقيق أهدافه العسكرية والسياسية سواء بالقضاء عليه عسكرياً أو بفرض شروطه عليه سياسياً.

هناك قضية أصلية يُجمع الكل فلسطينياً وعربياً على أولويتها بينما يختلفون على أهداف ووسائل الحل بين مقاوم ومسالم، ولا ينبغي في هذه المرحلة من المواجهة العسكرية والسياسية الدموية والضارية أن نهدر تضحيات الشهداء من الأطفال والشيوخ والنساء الفلسطينيين دفاعاً عن ثوابت القضية الأصلية وهى الوحدة والتحرير والعودة، بالسقوط في فخاخ الخلافات والمواجهات حول المسائل الفرعية.

وربما كان المفروض أن تكون هذه الأزمة المفتعلة قد انتهت بتفسيرات قادة حماس التي أكدت أن مرجعية «جديدة» تضم فصائل المقاومة، لا تشكل ولا تسعى لميلاد شرعية مؤسسية فلسطينية «بديلة» للشرعية القائمة لمؤسسة منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن تسعى لتنفيذ اتفاق مؤتمر الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة 2005 لإعادة بناء منظمة التحرير لتضم كل الفصائل حتى تمثل كل الفلسطينيين.

وإعادة صياغة ميثاقها الوطني الذي جرى تعديله في آخر اجتماع للمجلس الوطني الفلسطيني في غزة برعاية كلينتون، بإسقاط بنوده المقاومة حتى تحرير فلسطين التاريخية، والقبول لا بكل فلسطين 48 بل فقط بخمس فلسطين في الضفة وغزة أي إلى ما كان حراً من فلسطين قبل عدوان 67 للتواؤم مع مرحلة «أوسلو» التي انقلب عليها الإسرائيليون أنفسهم بقيادة نتانياهو بعد اغتيال «رابين».

غير أن النافخين في النار بغرض إثارة الفتنة الوطنية، لا يريدون لأزمة حول تصريحات خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، وردة الفعل السياسية والإعلامية المتوترة من جانب قيادات حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح» أن تهدأ، لإفشال إمكانية نجاح الحوار الوطني الفلسطيني في الوصول إلى وفاق وطني بالقواسم المشتركة حول الهدف المشترك للقضية الأصلية وهي «التحرير» من الاحتلال.

وفي ذلك خدمة لأهداف أخرى أولها تعميق الانقسام الفلسطيني، ولفت الأنظار بعيداً عن العدوان الإجرامي الصهيوني، وإجهاض النصر السياسي الذي تحقق للمقاومة في غزة، وليس آخرها إضعاف المفاوض الحمساوي الفلسطيني في معركته السياسية الحالية مع العدو الإسرائيلي بوساطة مصرية حول فتح المعابر ورفع الحصار مقابل التهدئة، والإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين مقابل الجندي الفرنسي الإسرائيلي الأسير لدى حماس.

تلك الضجة المثارة حول المنظمة القديمة والمرجعية الجديدة تبدو مفتعلة بغير داع، والجدل والسجال المتوتر سواء بين من يعنيهم الأمر في الجانبين أو بين من لا يعنيهم، بشكل غير مسؤول أحياناً، وأحياناً بأسلوب غير واعٍ، يضعف الفصيلين الوطنيين معاً لصالح العدو.

والمطلوب الآن إيقاف هذا الهدر والنزيف في الطاقة الفلسطينية والعربية بغير جدوى، في أكبر خدمة مجانية لعدو كل الفلسطينيين سواء المقاومين في غزة، أو الواقعين تحت الاحتلال في الضفة، ولعدو كل العرب سواء الممانعين للاستسلام لشروط العدو أو الموقعين على اتفاقات سلام مع العدو.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات