الإثنين 12/مايو/2025

حتى أبو مازن.. أصبح يرفض هذا التفاوض!

حتى أبو مازن.. أصبح يرفض هذا التفاوض!

صحيفة البيان الإماراتية

مع نهاية الجولة الأولى للمبعوث الأميركي جورج ميتشيل في المنطقة وعودته إلى واشنطن، بادر الرئيس الأميركي أوباما لاستقباله على الفور في البيت الأبيض مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، في تأكيد جديد على خطورة المهمة التي يقوم بها المبعوث الأميركي والثقة التي يوليها له الرئيس الأميركي.

في نفس اليوم كان الخبراء الأميركيون يبحثون مع نظرائهم الأوربيين في تفعيل الاتفاق الأمني الذي وقعته وزيرة الخارجية الإسرائيلية ليفني مع وزيرة الخارجية الأميركي السابقة كوندوليزا رايس في آخر أيام إدارة الرئيس الأميركي السابق بوش، للتعاون في فرض حصار كامل بزعم تهريب الأسلحة إلى غزة وبمشاركة أساسية لقوات حلف الأطلسي.

وبين جهود ميتشيل وتفعيل الاتفاقية الأمنية كانت وزارة الخارجية الأميركية تضع بعض خطوط السياسة الأميركية بهذا الشأن فتؤكد أن «الأولوية لدى أميركا الآن هي التوصل لوقف إطلاق نار طويل الأمد يتضمن وقف إطلاق الصواريخ تجاه “إسرائيل” ومنع إعادة تسليح حماس وفتح المعابر ومراقبتها بشكل مستمر».

هذه هي الأولوية الأساسية لواشنطن في هذه المرحلة و بعد إدراك خطورة الموقف وما يمكن أن تؤدي إليه تداعيات استمرار العدوان على الشعب الفلسطيني على المنطقة بأسرها، وأيضاً لأنها تدرك حاجتها للتهدئة وهي تواجه مرحلة خطيرة في العراق تريد فيها أن تسحب قواتها بهدوء، ولعل ذلك يمثل جانباً من الإصرار على أن تكون التهدئة في غزة لعام ونصف العام على الأقل، وهي المدة المقررة تقريباً للانسحاب الأميركي من العراق وفقاً لوعد الرئيس أوباما.

وتريد واشنطن أن تكون التهدئة طويلة الأمد هي المدخل لاستئناف عملية التفاوض بين السلطة الفلسطينية و”إسرائيل” بعد استقرار الأوضاع وانتهاء الانتخابات الإسرائيلية. وهي تتفهم الآن أن تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية شرط ضروري لأي عملية تفاوض مجدية تقوم بها حكومة موثوق بقدرتها على اتخاذ القرارات اللازمة ووضعها موضع التنفيذ. ربما تكون هناك إشارات بأن مثل هذه الحكومة لن تقاطع وبإمكانية مراجعة شروط أميركا والرباعية الدولية بهذا الصدد والتي تشترط اعتراف «حماس» المسبق بالكيان الصهيوني!

لكن هذا كله يصبح بلا معنى، بل يصبح استمراراً للكارثة الفلسطينية، إذا تحولت عملية التفاوض إلى هدف في حد ذاته. وإذا كان كل ما سيحصل عليه الفلسطينيون هو فقط «شرف»!! الجلوس إلى نتانياهو أو ليفني أو باراك او غيرهم من السفاحين الإسرائيليين، وبشرط أن يتوبوا عن «المقاومة» ويقبلوا بالتخلي عن أسلحتهم البدائية حتى لا يزعجوا حمامات السلام الإسرائيلية وهي تضرب أطفالهم بالقنابل الفسفورية والعنقودية وغيرها من الأسلحة المحرمة دولياً!!

وأظن أن الرئيس الفلسطيني «أبو مازن» نفسه قد اكتشف حجم الكارثة التي بدأت في أوسلو واستمرت حتى الآن، وكيف كان تأجيل القضايا الأساسية الخلافية والدخول في مصيدة التفاوض حول التفاصيل التي لا تنتهي هو الباب الذي سمح ل”إسرائيل” بأن تفعل ما تشاء في الأرض المحتلة، بينما الأخوة الأعداء على الجانب الفلسطيني يتصارعون على سلطة وهمية لا يملك رئيسها أن يتحرك حتى داخل وطنه إلا بإذن من سلطة الاحتلال!!

 هاهو «أبو مازن» مهندس أوسلو الذي لا يمكن اتهامه بالتطرف أو الإرهاب، يعلن أمام البرلمان الأوروبي أن الفلسطينيين لن يقبلوا باستئناف التفاوض من دون وقف الاستيطان وقفاً كاملاً وإزالة البؤر الاستيطانية. مؤكداً أن عطاءات الوحدات الاستيطانية تضاعفت 17 مرة في العام الماضي (وهو العام الذي كان يفترض أن يكون عام الحل وفقاً لرؤية الرئيس السابق بوش).

وأنه بينما كان يواصل التفاوض العقيم مع أولمرت كانت الحواجز تتضاعف والاجتياحات الإسرائيلية تتواصل ومعها الاعتقالات والاغتيالات للمواطنين الفلسطينيين. ثم هاهو «أبومازن» يبدو أخيراً وقد تعلم من درس أوسلو المرير، ليؤكد أنه «لم يعد بالإمكان التفاوض على مبدأ إنهاء الاحتلال، فالمطلوب ضمان أن تفضي عملية تفاوضية إلى الخلاص الكامل من الاحتلال للأرض المحتلة منذ 67».

ولو أضيف إلى ذلك، التأكيد على حق الشعب الفلسطيني المشروع في مقاومة «الاحتلال» بكل الوسائل التي تقررها قيادة وطنية موحدة، لأصبحت أمامنا عناصر أساسية لبناء التوافق الداخلي بين الفصائل الفلسطينية، كما يمكن الربط بينها وبين بقاء المبادرة العربية على مائدة التفاوض، لتشكل قاعدة لموقف عربي لا يكتفي بالإدانة ولا يسعى للتفاوض من أجل التفاوض، بل يضع الجميع أمام مسؤولياتهم.. الفلسطينيون أولاً، والعرب بعد ذلك، ثم العالم الذي ينبغي أن يدرك أن القضية ليست قضية تهريب بندقية، ولا قضية نفق يدخل منه حليب الأطفال وسط حصار ظالم وقاتل، ولا معونة إنسانية أو مساعدات خيرية..

بل قضية شعب تحت الاحتلال ووطن يتم اغتصابه، وبدون أن يتوقف ذلك وتعود الحقوق لأصحابها ويعاقب النازيون الإسرائيليون الجدد على جرائمهم، فلا سلام ولا استقرار في المنطقة مهما استخدمت “إسرائيل” من قنابل محرمة دولياً، ومهما ازدحمت سواحل المنطقة بأساطيل الأطلسي!!

كاتب صحافي مصري

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات