الجمعة 09/مايو/2025

أردوغان الشموخ.. إذ يعبر عن الأمة

أردوغان الشموخ.. إذ يعبر عن الأمة

صحيفة الدستور الأردنية

منذ اعتلاء حزب العدالة والتنمية سدة الحكم في تركيا، وتولي “أردوغان” السلطة عقب فوز حزبه المتكرر بالانتخابات.. وتركيا في انفتاح على جميع الاتجاهات الوطنية والإقليمية والدولية.. وفي حراك متواصل على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية.. لم يرق هذا الدور التركي الفاعل والمتفاعل لكل المستفيدين من الضمور التاريخي لدور تركيا في محيطها الإقليمي.

موقفه الانفتاحي من إيران.. ورفع وتيرة التعاون بين أنقرة وطهران في مجال الطاقة، ومساندة إيران لتركيا في حربها ضد حزب العمال الكردستاني.. ودعوة نجاد لزيارة تركيا التي اختتمت بتوقيع اتفاقين أحدهما للتعاون الأمني.. والثاني لزيادة الاستثمارات التركية في إيران خاصة في مجال حقول الغاز.

ومن المواقف اللافتة التي تعبر عن تمايز واستقلالية الدور التركي في السياسة الدولية انفتاحه على روسيا.. فبدلاً من الانصياع للدعوى الأمريكية لعزل روسيا عقاباً لها على غزوها للأراضي الجورجية.. قامت الحكومة التركية بتوجيه الدعوة إلى وزير الخارجية الروسي لزيارة أنقرة.. فروسيا اليوم تزود تركيا بنحو الثلثين من احتياجاتها النفطية.

وفي سياق توسيع نطاق الحراك الإقليمي التركي نظمت تركيا منتدى الأمن والاستقرار في القوقاز، كخطوة للإسهام في حل المشكلات القوقازية بطريقة سلمية، من خلال مائدة البحث والمفاوضات… في افتراق واضح عن النهج الأمريكي الذي يتخذ من مزيد من التجييش والعسكرة وبناء الأحلاف والتسلح وسيلة وحيدة لبناء العلاقات الدولية والسياسة الخارجية..

على أن أبرز هذه التحولات تجلت بالموقف الداعم لحماس، وغضبة أردوغان على “إسرائيل”.. التي كانت تتمتع بعلاقات تقليدية مع تركيا لم تتأثر في السابق بالتحولات التركية أو الإقليمية والدولية الكبرى.. حتى إن هذه العلاقات فاقت في تقدمها أي علاقة تركية إقليمية أخرى بل ظلت في تصاعد وتمايز حتى العقد الأخير من القرن المنصرم حين بدأت صناديق الاقتراع تكشف عن تحول جذري في المزاج التركي الوطني والإقليمي مما أثر على العلاقات مع “إسرائيل”..

لقد كان من الممكن أن تمر هذه العلاقات بمرحلة من الفتور.. ولكن السلوك الإسرائيلي المنفلت من كل القيم الأخلاقية والدولية والإنسانية.. لتنقل هذه العلاقات إلى من مرحلة التنسيق والتعاون والسمن والعسل إلى علاقة مرفوضة.. لقد استنفرت هذه الحرب الوحشية على غزة كافة الشجون الدينية والإنسانية وجرحت الذات والعزة الوطنية لدى الأمة التركية بأجمعها.. وحشدت إجماعاً تركياً غير مسبوق برفض الحرب..

ومن الطبيعي أن يكون “رجب طيب أردوغان” صوت هذه الأمة الأعلى والأفصح والأصدق تعبيراً عما يعتمل في المزاج التركي.. كيف لا وهو الخارج من رحم هذه الأمة.. والأكثر تلمساً لما في قلبها وروحها، والأقدر على قراءتها وتقمص روحها والأقرب لشارعها وقد حمله إلى سدة الرئاسة أكثر من مرة.

ومن هناك كانت جملة المواقف والتعبيرات الصادرة عن هذا الطيب إنما في توافق طبيعي مع هذا الزخم الذي عبرت عنه الجماهير التركية حين خرجت لاستقباله كما الفاتحون تعبيراً عن اعتزازها بمواقفه.. فهذه الجماهير ترى ذاتها في أردوغان.. لقد انتخبته وحزبه مرات عديدة وانتصرت له ولبرنامجه.. وبالتالي فهذه الجماهير لن تقبل منه أقل مما صدر عنه..

فالطيب أردوغان حين يصف الهجمات الإسرائيلية بأنها “وصمة عار في جبين الإنسانية وبقعة سوداء في صفحات التاريخ”.. وحين يرفض الاتصال برئيس الوزراء الإسرائيلي “إيهود أولمرت”.. أو استقبال وزيرة خارجيته “تسيبي ليفني”.. وحين يعلن على العالمين “أنا زعيم لأحفاد العثمانيين”.. إنما يعبر عن تماهْ عميق مع غضبة أمته المليونية في رفض الحرب.. ويصدر عن احترام لمطالباتها بإعادة النظر في علاقات تركيا مع “إسرائيل”.. فهذه الأمة حين غضبت استدعت انتماءها.. وتاريخها.. وعزتها.. واستحضرت روحها العثمانية..

كان من الطبيعي أن تستفز هذه المواقف بصلاتها وتصاعدها وثباتها الكثير من المرتجفين والمرجفين لتبدأ حملة من التخويف تارة والتحذير تارة أخرى.. فانفتحت الأبواق.. والكواليس وبدأ التحريض على أردوغان شخصياً وعلى حزبه الذي ينحاز إليه غالبية الأمة التركية.. وأخذ أنصار اللوبي الأتاتوركي والصهيوني ينفخون في كور التخويف.. والتصريح بأن غضبة أردوغان ومواقفه قد تدفع الولايات المتحدة و”إسرائيل” للنظر إلى تركيا كعقبة في الطريق وليس كوسيط يساهم في جهود السلام بأي شكل من الأشكال.

إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما وكذلك الاتحاد الأوروبي لا شك أنهما يواجهان تحدياً صعباً في كل ما يتعلق بالتعامل مع الشأن التركي.

كما أطلق هؤلاء تحذيرات من انفتاح تركيا الرسمية على إيران.. فتعزيز العلاقات التركية – الإيرانية هو بمثابة “خرق واضح للعقوبات المفروضة على إيران”… وعابوا على تركيا الرسمية أنها دعت (أحمدي نجاد) لزيارتها وأتاحت له الفرصة لشن هجوم حاد على “إسرائيل” والولايات المتحدة من داخل المسجد الأزرق – أحد أهم المساجد التركية -.

هذه الحملة تثير الكثير من الشجون والتساؤلات: فهل يعقل أن يصدق عاقل أن المواقف التركية مواقف ارتجالية تهدف إلى تسجيل مواقف أو ابتزاز مواقف؟ وهل يمكن لرئيس وزراء تركيا بما لها من وزن.. أن يراهن على دور تركيا؟؟

وبعد كل ما أنجزه أردوغان وحزبه على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، وبعد أن تجاوز معظم تحديات الإقصاء والإلغاء أن يقامر بمستقبله السياسي.. ومستقبل حزبه.. أو أن يخذل شارعه المليوني؟؟

إن الحرب الوحشية على غزة كانت بمثابة صاعق التفجير للوجدان العربي والإسلامي وما في وجدان الأمة الإسلامية والعربية.. وما “الطيب أردوغان” إلا واحداً من المنذورين من أبناء هذه الأمة للتعبير عن وجدانها.. وهو يدرك تمام الإدراك أن الأمة كلها – بعيداً عن جيوب الفتنة والخوارج – تؤمن إيماناً يقينياً بأن”ما تقوم به “إسرائيل” سيؤدي حتماً إلى خرابها”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...