الإثنين 12/مايو/2025

دعوة حماس لحكومة وحدة بشروط الرباعية

دعوة حماس لحكومة وحدة بشروط الرباعية

صحيفة الدستور الأردنية

يتصرف الناطقون باسم حركة فتح، أعني ما تبقى من فتح التي تدور في حمى المقاطعة، وليس فتح التاريخية التي لا نسمع منها سوى صوت فاروق القدومي، إلى جانب هاني الحسن الذي لا تسعفه حالته الصحية، بينما يلوذ الآخرون بالصمت رغباً، أو رهباً أو تعباً.. يتصرف الناطقون إياهم كما لو كانوا خارجين من معركة حققوا فيها انتصاراً مؤزراً على العدو اللئيم، وصار بوسعهم تبعاً لذلك توزيع شروطهم ذات اليمين وذات الشمال، وبالطبع على خصومهم في حماس ومن يؤمنون بخطها السياسي، وينسون أن ممارساتهم إبان الحرب الصهيونية على قطاع غزة تبدو كافية لحرق أكبر الحركات الثورية، فكيف بحركة تاهت في مسارات إشكالية منذ سنوات طويلة؟.

ليس من الصعب بالطبع تلمس عناصر القوة التي يشعر بها هؤلاء، لا سيما الناطق باسمهم، وهو للمفارقة ليس عضواً في فتح، وبالطبع لأنها هي ذاتها نقاط الضعف لدى الخصم الذي يطاردونه، وتتمثل تلك العناصر في وقوف الولايات المتحدة والأوروبيين ودول الاعتدال العربي ضدهم، فضلاً عن عدوهم الرئيس ممثلاً في دولة الاحتلال. ولا خلاف على أن الشعبية ليست حاسمة عند أولئك، على رغم سعيهم الحثيث لكسبها بكل وسائل التضليل. وقد سمعنا عن اجتماعات تنظيمية في الضفة هدفها عدم السماح لحماس بقطف ثمار المواجهة الأخيرة في قطاع غزة.

ولكن ما الذي يطلبه أولئك في ظل عناصر القوة التي يمتلكونها؟ إنهم يطالبون بحكومة وحدة وطنية تشرف على سائر الخطوات التالية، من التهدئة إلى فك الحصار وإعادة الإعمار، وصولاً بالطبع إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية المتزامنة، ولا قيمة هنا لمسألة الرئاسة المنتهية الصلاحية، وبالطبع بعد أن حصل الرئيس على منصب جديد اسمه رئيس دولة فلسطين من ثلث أعضاء المجلس المركزي، إضافة إلى شرعية عربية من اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة.

المشكلة أن شرط حكومة الوحدة عند أولئك هو قبولها من المجتمع الدولي، وهو ما لن يحدث من دون تلبيتها لشروط الرباعية التي يتقدمها شرط نبد العنف والإرهاب الذي هو المقاومة، فضلاً عن الالتزام بالاتفاقات الدولية، ومن ثم الاعتراف بدولة الاحتلال، والنتيجة هي تخلي حماس عن ثوابتها المعروفة، ومن بينها الثابت الذي كان إسقاطه عنوان الحرب الأخيرة على قطاع غزة، أعني نبذ خيار المقاومة.

إنها شروط استسلام كامل لا تفرض إلا على مهزوم، وحماس لم تهزم، لا قبل الحرب ولا بعدها، وهي تنتمي لجبهة لا زالت قوية ومتماسكة كانت لها جولاتها المتميزة، من انتصار تموز 2006 في جنوب لبنان، مروراً بفشل إسقاط حماس من خلال الحصار والاجتياحات الجزئية في القطاع، وكذلك القمع والاعتقالات الواسعة في الضفة الغربية، وصولاً إلى المعركة الأخيرة التي خرجت منها الحركة مرفوعة الرأس، وبشعبية أعلى بكثير.

هل يعقل أن تقبل حماس بشروط الرباعية بعد كل هذا العناء، وما هو مصيرها ومصير خطابها بعد ذلك؟ إنهم واهمون يريدون أن يستقووا بالاحتلال والجهات الداعمة لبرنامجه، بينما يستخدمون سيف إعادة الإعمار من أجل تحقيق ما عجزوا عن تحقيقه بكل الوسائل السابقة.

حماس في المقابل ليست بهذا الحمق حتى تخضع لتلك الشروط المذلة، ليس فقط لأنها تخالف برنامجها ورؤيتها وما بايعتها الجماهير عليه، بل أيضاً لأن ذلك لن يؤدي إلى الاعتراف بها والسماح لها بالبقاء في السلطة البائسة القائمة، اللهم إلا لزمن قصير، ما يعني أننا إزاء لعبة تشويه تفضي إلى محطة الانتخابات التي سيعملون المستحيل لكي تعيد الوضع إلى ما كان عليه، لأن القيادة الحالية في رام الله هي وحدها المؤهلة للتفاوض وتقديم التنازلات المطلوبة.

قلنا وسنظل نقول إنه لا حل لهذه الملهاة سوى تشكيل مرجعية جديدة للشعب الفلسطيني في الخارج والداخل على أسس ديمقراطية، أما بقاء القضية أسيرة سلطة مصممة لخدمة الاحتلال فلن يؤدي إلا إلى مزيد من التيه، مع احتمال أن يفضي إلى حل بائس يلبي شروط الاحتلال.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات