الإثنين 12/مايو/2025

دلالات الخوف

دلالات الخوف

صحيفة الخليج الإماراتية

إعلان إيهود أولمرت رئيس حكومة الكيان الصهيوني وإيهود باراك وزير الحرب عقب اجتماع وزاري عزمهما توفير الحماية القضائية للقيادات السياسية والعسكرية “الإسرائيلية” من أية مساءلات قانونية دولية يحمل الكثير من الدلالات والمعاني التي يجب أخذها في الاعتبار من جانب كل الهيئات والمنظمات الرسمية والشعبية العربية والعالمية الحريصة على محاكمة الكيان وقادته على كل الجرائم البشعة التي ارتكبت ضد الشعب الفلسطيني في الحرب الأخيرة على قطاع غزة.

أولى هذه الدلالات، أن هناك اعترافاً ضمنياً “إسرائيلياً” بتلك الجرائم، وهذا الاعتراف هو في حد ذاته ورقة مهمة يمكن توظفيها لصالح القضية. فالمجرم يعترف بجرائمه ويجاهر بها ويتحدى المجتمع الدولي كله ويرفض أية مساءلة قانونية.

ثانية هذه الدلالات، أن قادة الكيان بدأوا يشعرون بجدية الخطر الذي يتهددهم إذا ما تحركت الدعاوى فعلاً، ولذلك فإنهم يجندون الآن كتائب الدفاع، بل والهجوم المضاد قانونياً وسياسياً وإعلامياً لاحتواء موجة الغضب العالمية والعودة مجدداً إلى استعادة صورة الدولة المعتدى عليها وليس الدولة المجرمة أو المارقة.

ثالثة هذه الدلالات، أن المخاوف “الإسرائيلية” تتجاوز خطر الملاحقات الشخصية للقيادات السياسية والعسكرية وتمتد إلى خطر ملاحقة الكيان نفسه، وإنهاء أسطورة ابتزاز العالم بجريمة الهولوكوست النازية بعد أن ارتكب الصهاينة هولوكوست خاصاً بهم ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. فجحيم أفران الغاز التي زعموا أن هتلر ونظامه النازي قاموا بإلقاء عشرات الآلاف من اليهود داخلها لم تصل أهوالها لما وصلت إليه أهوال القنابل الأمريكية التي ألقت بها الطائرات “الإسرائيلية” فوق المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والتي كانت كفيلة بإذابة لحم الإنسان في لحظات وتحويله بعدها إلى ركام من العظام التي ليس لها أية معالم في ظل درجة حرارة تتجاوز الخمسة آلاف درجة مئوية، ناهيك عن الفوسفور الأبيض، والقنابل الفراغية والعنقودية المحرمة دولياً.

رابعة هذه الدلالات، أن “الإسرائيليين” يخشون الآن من أن تتحول المحاكمة إلى محاكمة الكيان على عدوانه، وإلى فضح أكذوبة الدفاع عن النفس، وفتح سجل هذا الكيان عالمياً، وخاصة القضية الأهم وهي قضية حدود الكيان. فالحديث عن حق الدفاع عن النفس يستلزم تعرض أرض الكيان لعدوان، والحديث هذا يفرض تحديد حدود الدولة الصهيونية، والحدود التي لدى الأمم المتحدة هي حدود الدولة التي اعترفت بها المنظمة الدولية بهذا الكيان عام 1948، أي قرار التقسيم، وإذا أخذنا هذه الحدود في الاعتبار فإن المدى الذي وصلت إليه صواريخ المقاومة يقع خارج حدود عام 1948، أي يقع داخل الأراضي الفلسطينية المغتصبة أو المحتلة، ولذلك ليس هناك من حق “إسرائيلي” بالدفاع عن النفس، بل هناك حق للشعب الفلسطيني أن يقاوم من أجل تحرير أرضه، لكن الأهم هو فتح ملف الحدود “الإسرائيلية” بدلاً من الغرق في متاهة الحديث عن حدود الدولة الفلسطينية، للوصول بذلك إلى ضرورة التوقف عن تضييق حدود تلك الدولة بحدود الرابع من يونيو/ حزيران عام 1967، لأن هذه الحدود مضللة ومضيعة لحقوق الشعب الفلسطيني، والحدود الحقيقية هي حدود قرار التقسيم عام 1948.

العودة بالحديث إلى هذه الحدود هي أخطر ما يخشاه “الإسرائيليون” الآن، وهي أهم ما يجب التركيز عليه، لاستعادة الأرض المغتصبة، وإنهاء أسطورة الدولة الديمقراطية، وابتزاز جريمة الهولوكوست، بعد أن أصبح الهولوكوست الصهيوني الأكثر بشاعة وضراوة، والأجدر بالاهتمام والأولوية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات