الجمعة 09/مايو/2025

غزة بين الابتلاء والنصر والهزيمة

غزة بين الابتلاء والنصر والهزيمة

صحيفة الشرق القطرية

نعم إنها سنة الابتلاء الذي لم يسلم منه حتى الأنبياء بمن فيهم سيد الخلق محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله بين معسكر الشرك والكفر والردة والنفاق، وبين معسكر الإيمان والحق والخير، ولكن العاقبة للمتقين دوماً، وعلى سبيل المثال فإننا نعرف كيف استكبر قوم نوح وتجبروا عليه رغم محاججته لهم بالبينات، وقد كان في دعوته صامداً صابراً رغم تهديداتهم فأنجاه الله وأهلكهم بالغرق: (وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوماً عمين) الأعراف 64، وكذلك ابتلى الله أصحاب الأخدود في قصة الغلام مع الملك الكافر حيث تبين تمكين الله لعباده في الأرض إذ انتصر الغلام، ولم يفلح الملك برميه من شاهق الجبل بفريق من قبله؛ بل رجف ذلك الجبل بعد أن دعا الغلام: اللهم أكفنيهم بما شئت فسقطوا هلكى، وكذلك فقد غرق الفريق الآخر في البحر ونجا الغلام، ولما اقترح على الملك أن يقول: باسم الله رب الغلام حتى يصل إلى قتله، وذلك بعد أن يجمع الناس في صعيد واحد ليشهدوا الموقف؛ فلما سمى وفعل ذلك ومات الغلام، قال الجميع: (آمنّا برب الغلام، وهكذا تكون التضحية سبباً لأن ينقلب السحر على الساحر ويدخل الناس أفواجاً في دين الله، فالموت والاستشهاد سهل في سبيل النصر العام والإعزاز الحقيقي وإن بدا لفئة أنها خاتمة أسيفة للغلام، وكذلك لرعايا الملك الذين أسلموا وضحوا بأنفسهم في الأخدود من أجل إيمانهم (وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد) البروج 8، ولكن أين حريق الدنيا من حريق الآخرة لذوي الطغيان، وكذلك تخبرنا قصة طالوت مع بني “إسرائيل” حيث كانوا فئة قليلة، ولكنها صامدة تسمع وتطيع وتعتمد على خالقها، فكتب الله لها النصر وعلق القرآن على ذلك (قال الذين يظنون إنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين) البقرة 249.

(ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين. فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء) البقرة 152، إنه درس عميق للجماعات والحركات والقيادات للسير إلى النصر إلى غير ذلك من القصص المعروفة المؤثرة في سبيل الدعوة والجهاد، ولا ريب أن في سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من ذلك الشيء الكثير الذي لا يخفى على المتوسمين، ومن هنا ندلف إلى هذا الابتلاء الخطير الذي هي غزة هاشم من عصابات القتلة والسفاحين الدمويين من نسل القردة والخنازير ورميهم تلك البلدة الصامدة بإيمانها، المتمسكة بحقها والتي لم تلن لكل هذا الجبروت والطاغوت في حصار خانق وحرب شاملة جواً وبراً وبحراً وبأحدث التقنيات والأسلحة المحرمة دولياً، ولم نجد ونشاهد أحداً من الرجال والنساء والأطفال من الجرحى وممن أصيبوا في منازلهم ورزقهم يرفعون الشكوى إلا إلى الله تعالى وهم يتحدون هذه الآلة المحرقة بصدور عارية مليئة بالإيمان والصبر واليقين حتى اضطر العدو الغادر أن يوقف إطلاق النار دون شروط، وهذا جزاء من يسعى في الأرض فساداً، وكما قال تعالى: (كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله..) ويبقى الجهاد والمجاهدون رغم المحنة في القمة السامقة من الفوز وهم صابرون على قدر الله لا يلينون لسياسة الاستسلام ولا يوقفون زحف الجهاد من أجل من يدعون المناداة بإنهاء الحرب، وهذا ما فعله أبو بكر الصديق رضي الله عنه عندما أنفذ جيش أسامة إلى الشام قدماً ولم يعطل مشروع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك قائلاً: (والله لو خطفتني الكلاب والذئاب أو الطير لأنفذت جيش أسامة..).

وهكذا بالإيمان واللجوء إلى الله والعبادة والتقوى والأخذ بالأسباب المادية والمعنوية والتخطيط الإعلامي والأمني والتوكل على الله والثقة بنصره يأتي التمكين وتحل الهزيمة بالمعتدين، وما أحلى النصر بعد الجهاد قيل لمهلب: أيسرك نصر من دون تعب، قال: أكره العجز (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) البقرة 214، وهكذا تأتي حلاوة النصر والظفر بعد الابتلاء كما قال الله تعالى: (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا)، وكما قال الشافعي رحمه الله: “لا يمكن حتى يبتلى، فالحمد لله على فوز المجاهدين من شتى فصائل الجهاد، حيث لم يحققوا لليهود أي مكسب إذ كان هذا العدو قد أراد أن يحقق أهدافه من إيقاف الصواريخ وكسر إرادة المقاومة وسحق فلولها بكل عتاده وعدته ولكنه باء بالإخفاق تماماً، وانسحب بعد أكثر من ثلاثة أسابيع يجر أذيال الخيبة، ولكنه يزعم أنه انتصر لأنه دمر البنى التحتية والمدارس والمساجد وقتل الأطفال وأحرق الحرث والنسل والأخضر واليابس، وإنما هي محاولات الجبناء الطائشين الذين يتلذذون بالقتل ويعتبرونه عندهم قربى إلى ربهم وخاصة قتل العرب، ولا غرو فقد عقدوا حلفاً مع الشيطان، ولكن الله كسر إرادتهم بإرادة المجاهدين الصلبة والحرب في غزة إنما كانت حرب كسر إرادات فبقيت إرادة الحق وزهق الباطل الذي حالف أمريكا والغرب ولكنهم كلهم كسروا وسقط رهانهم وبطل ما كانوا يدعون، لقد أفلح شكسبير الشاعر الانجليزي عندما صور استهانة اليهود بأحزان البشرية وبين قساوة قلوبهم وهو ما أكده القرآن الكريم.

نعم؛ إن النصر قد تم بالصمود وقلة خسائر المجاهدين للطائفة المنصورة التي تخوف منها بيريز منذ عام 1997 عندما قال: لن تستريح “إسرائيل” مادام الإسلام شاهراً سيفه ونحن نقول لهم: قل موتوا بغيظكم وصدق الله (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) الشعراء: 227.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...