الجمعة 09/مايو/2025

التفاعل الأردني مع المعركة في القطاع

التفاعل الأردني مع المعركة في القطاع

صحيفة الدستور الأردنية

كان التفاعل الأردني الرسمي (لا خلاف على روعة التفاعل الشعبي) مع المعركة في قطاع غزة مثيراً للارتياح، لا سيما حين تجاوز مسار التنفيس الشعبي، على أهميته، إلى البعد السياسي المتعلق بإدراك الأبعاد الحقيقية والواقعية للمعركة، بكل ما تنطوي عليه من أخطار على الأردن.

بعضهم كان يحتج على مهاجمة الموقف المصري، مقابل الإشادة بمواقف سورية وأردنية رغم وجود حدود بين البلدين وبين فلسطين لا تنطلق منهما رصاصة واحدة، الأمر الذي يرد عليه ابتداءً بقضية معبر رفح في حالة القطاع، إلى جانب حقيقية أن أحداً لم يطالب أياً من الأنظمة بإعلان الحرب على الإسرائيليين، وكل ما طالبت به الجماهير هو قدر من التضامن والدعم الذي يمكن احتماله في ظل موازين القوى الحالية، مع أن مسألة السلاح للمقاومين تبقى واردة كذلك، ولا يمكن اعتبارها من المحرمات في ظل القمع والحصار الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني من مختلف الجهات (الحرب الجديدة على تهريب السلاح محطة بؤس جديدة في المواقف العربية).

ما جرى في قطاع غزة هو جزء لا يتجزأ من عملية إخضاع الشعب الفلسطيني، ولو نجح العدو، لكان القادم تسوية على المقاس الإسرائيلي، مع أن الخطر لم ينقشع بعد على نحو مؤكد. وهنا تتبدى مسارات مختلفة تشكل جميعها خطراً على الأردن.

من تلك المسارات ما نظّر له (جون بولتون) وخلاصته ضم الضفة إلى الأردن والقطاع إلى مصر، الأمر الذي يبدو مناسباً لنتنياهو في حال جاء إلى السلطة، وهو ما يعمل كثيرون على منعه لصالح ليفني، من بينهم إدارة أوباما ودول الاتحاد الأوروبي التي تؤمن بإمكانية تسوية دولتين معقولة مع محمود عباس الذي كان على وشك التوصل إليها لولا عقدة القدس الشرقية.

على أن ما ينبغي أن يقال هنا هو أن الدولة الفلسطينية على قطاع غزة وأجزاء من الضفة الغربية، كما تبشر بها المعطيات المتوفرة لن تكون أقل خطراً على القضية والشعب الفلسطيني وعلى الأردن في آن، ليس فقط لأنها تستبعد قضية اللاجئين بالكامل، الأمر الذي يؤثر بشكل واضح على الأردن الذي يؤوي النسبة الأكبر منهم، بل أيضاً لأن وضع الدولة العتيدة في ظل بقاء المستوطنات والجدار سيكون طارداً لأهلها، الأمر الذي سيؤدي إلى رحيل كثير منهم نحو الأردن.

في أي حال، وضمن موازين القوى الحالية، فإن أية تسوية لن تكون في صالح الفلسطينيين ولا في صالح الأردن، فكيف إذا ترتبت على المعركة الجديدة في القطاع أجواء في غير صالح المقاومة كما يخطط الإسرائيليون، ومعهم بعض العرب المصابين بعقدة الإسلاميين، والإخوان منهم على وجه التحديد؟ على أن مواجهة المخاطر التي تحدق بالقضية الفلسطينية وبالأردن في آن، بل بالأمة بأسرها في ظل نوايا إدارة أوباما إنجاز تسوية تتضمن تطبيعاً شاملاً مع العالم العربي، مثل هذه المواجهة لن تتم بعيداً عن دعم خيار المقاومة في سائر المناطق الفلسطينية، وبخاصة في الضفة الغربية حيث الأجواء المواتية لتحقيق إنجاز مرحلي للمقاومة على قاعدة دحر الاحتلال من دون قيد أو شرط، الأمر الذي يستحق انتفاضة ثالثة بالفعل.

إن انتفاضة من هذا النوع تتطلب إسناداً من الخارج، ولا شك أن لدول الطوق دورها الحيوي على هذا الصعيد، ولما كان الدعم الشعبي لبرنامج المقاومة قد تجلى في أبهى صوره خلال معركة غزة، فإن قدراً من الإسناد الرسمي، ولو في الحد الأدنى سيمكن الفلسطينيين من إطلاق موجة مقاومة جديدة تعيد الصراع إلى أبجدياته الأولى بعد أن تاه زمناً طويلاً في سراديب التسويات بسبب الذعر العربي من الأمريكان. ولا شك أن التحولات الدولية الجديدة، والتي ستزداد وضوحاً خلال السنوات المقبلة ستساهم في دعم هذا المسار.

هي مرحلة جديدة نتمنى أن تنطوي على رؤى مختلفة، كما نتمنى ألا يكون ما جرى مجرد تحولات عابرة، فما يجري هنا وهناك يستحق إعادة النظر في الإستراتيجية وليس في التكتيك فقط.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...