الأربعاء 07/مايو/2025

غزة والمستقبل

غزة والمستقبل

صحيفة الخليج الإماراتية

مهما أجرمت “إسرائيل” بحق الشعب الفلسطيني في غزة، ومهما قتلت من هذا الشعب الصابر والمؤمن والمحتسب، فإنها لن تنجح في كسر إرادته، وفي إلغاء وجوده، بل على العكس، فإن مفاعيل هذا العدوان الدائر الآن سوف ترتدّ عليها وعلى المؤيدين لها في العالم. فلا شك في أن حركة حماس ستخرج أقوى مما كانت عليه قبل العدوان، وهذا يعني أن خريطة جديدة لفلسطين سوف ترتسم.

إذ لأول مرة منذ بدء المشروع الصهيوني في بدايات القرن العشرين، ينجح الشعب الفلسطيني في مقاومة ودحر هذا المشروع، وفي الاقتصاص من الصهاينة الغزاة. وقد يكون ثمن النصر كبيراً من حيث عدد الشهداء والجرحى الذين يسقطون يومياً. لكن بالنظر إلى حجم المشكلة، فإن ذلك يبدو زهيداً، لأن الفلسطينيين والعرب ليسوا أمام عدو بسيط وضعيف، بل إنهم أمام عدو مزوَّد بأحدث ما توصّلت إليه عقول المخرِّبين في أوروبا وأمريكا. كما أن هذا العدو مدعوم من قِبَل قوى الشرّ الطاغية في العالم، وهو يتوسّل بخرافات وأساطير لدعم عدوانه المستمر على الأرض والإنسان في فلسطين.

ومن هنا، فإن النصر الفلسطيني لن يكون عادياً، بل سيغير قوى الصراع، وسيكتب مستقبلاً جديداً في المنطقة. ولعل أهم ما سينتج عن هذا النصر هو أن غزة ستصبح حرّة بكل ما في الكلمة من معنى. وسينتقل الفلسطينيون إلى مرحلة بناء الدولة، لأن قطاع غزة لن يبقى على هذه المشكلة، بل من حق الفلسطينيين فيه أن يعلنوا دولتهم المستقلة، وليس هذا بدعاً في السياسة الدولية. فقبل فترة قصيرة أعلن الألبان في إقليم كوسوفو استقلالهم عن جمهورية صربيا، واعترفت دول كثيرة في العالم بهذا الاستقلال، وذلك على الرغم من صغر حجم كوسوفو. وفي قطاع غزة يوجد أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني، وهناك أكثر من خمس مدن، ومن غير المنطقي أن يبقى القطاع معلقاً على أمل أن توافق “إسرائيل” على دولة فلسطينية تجمع الضفة مع غزة. فهذا الأمل لن يتحقق، لأن “إسرائيل” لن تتخلى أبداً عن الضفة، فهي تعتبرها جزءاً مما تسميه أرضها التاريخية.

وهناك في الضفة الآن أكثر من مائتي ألف مستعمر صهيوني يعيشون على أرض الشعب الفلسطيني، وكل ما أعطته “إسرائيل” للسلطة الفلسطينية من خلال المفاوضات، ليس سوى كلام وأوهام، فلم تتخلَّ عن شبر واحد من الأرض المحتلة. وتراهن السلطة الفلسطينية رغم ذلك على ما يسمى العمل الدبلوماسي والمفاوضات السلمية مع “إسرائيل”. وتتلقى هذه السلطة في المقابل الدعم المادي والمعنوي من الولايات المتحدة. وهذا الدعم يهدف في المقام الأول إلى إطالة أمد المأساة الفلسطينية، لأن “”إسرائيل” لن تتنازل عن شيء من خلال المفاوضات، وبالتالي لا يعود هذا الشعب يطالب باستعادة أرضه المغتصبة من قِبل الغُزاة الصهاينة. وفي ظل هذا الواقع، فإن الانقسام الفلسطيني سيتحوّل إلى قاعدة في المستقبل.

* كاتب من الإمارات

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين

جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 4 مستوطنين عصر اليوم الأربعاء، في عملية إطلاق نار استهدفت سيارة قرب مدينة جنين، قبل أن ينسحب منفذ العملية من...