السبت 10/مايو/2025

حكومة غزة تختلف عن حكومات العرب

حكومة غزة تختلف عن حكومات العرب

صحيفة القدس العربي اللندنية

هل تساءل أحدٌ من المواطنين العرب في الدول العربية ما الفرق بين حكومة غزة وحكومته؟

أشك!

فلو أنه سأل نفسه لاستطاع أن يعرف كيف تكون الحكومة معبرة عن مجتمعها ومواطنيها، وكيف تكون الحكومة مع شعبها، فتحت القصف الإرهابي الوحشي الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي بشتى أنواع الأسلحة من البحر والبر والجو وبأنواع الصواريخ والقنابل التي يسمونها ذكية، والمحرمة دولياً، كانت المؤسسات المدنية والسياسية والمقاومة تقوم بواجبها دون تلكؤ أو تأخر، فهي توجد في عين المكان عند طلبها خلال دقائق، فهل يحصل هذا في البلدان العربية الآمنة؟

حكومة مقاومة

إن المقاومين الذين يذودون عن أهلهم ووطنهم وينشدون الحرية واستعادة الحق المغصوب، هم أهل وأولاد وأخوان هؤلاء الوزراء الذين كنا نراهم قبل الحرب، وكل التشويه الذي تعرضت له حكومة حماس قبل الحرب وخلالها لم يعزلها عن شعبها فهي حكومة تمثل شعبها حكومة حركة تحرير وطني تعرف أن واجبها الأول هو الوصول إلى الحرية التي يتوق لها شعب فلسطين، وأن يقرر مصيره بإرادته. فهذه الحكومة لم تعتبر أن همها هو الجلوس على كرسي المنصب والتمتع بما يتيحه الوصول إلى هذا المنصب من مغانم تكفي أي وزير فيها ليعيش ملكاً إذا أغرته الأموال التي تمر من تحت يديه، فكلنا يعرف ما هو حجم الأموال التي تنفق على المقاومة.

ليست حكومة غزة حكومة موظفين بيروقراطيين يتوقون إلى تنمية أرصدتهم في البنوك بل حكومة من يضحي بدمه وولده وماله، فهو ليس متميزاً عن شعبه ولا يقبع على رؤوسهم قوة عنهم، بل إنهم وصلوا إلى الحكومة عبر انتخابات حرة نزيهة بشهادة مراقبي الانتخابات من الغرب وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر. بعد كل هذا كيف لنا أن لا نحترم هكذا حكومة ونحيِّها بأرفع وأرقى التحيّات، إنني أسأل ألا يتوق العربي في الدول العربية “المستقلة” إلى حكومة حرة تعبر عنه؟

لماذا ندفع الفلسطيني عبر ضعفنا وتخاذلنا إلى إسقاط خياره في نُشدان الحرية؟

الشعب اختار حكومته

لقد اختار الشعب حكومته وهو متحمل لخياره. أما نحن فعلينا أن ندفع باتجاه التحول عن الخنوع الذي استكنا له، وأن نتمثل القيم التي عممها لنا هؤلاء المقاومون الذين لم يرضوا حياة الذل، فحتى عدونا أسقطنا من حساباته ولم يعد يحترم وجودنا ولا يحترم حكوماتنا، فهو يعلم أنها حكومات أمر واقع تحكم شعوبها بالأجهزة السرية وأقبية الخوف والمعتقلات، فما مبرر الاعتقالات والعنف الذي نراه من أجهزة القمع للمتظاهرين في الدول العربية؟

فهل هذه الحكومات تخاف من الثورة عليها؟ ولماذا يثور شعب على حكومة يقتنع أنها تعبر عنه؟

لقد ثار الشعب الفنزويلي على الانقلابيين الذين قبضوا على رئيسه المنتخب وأعاده إلى الرئاسة دون أن يهاب قمع القوات العسكرية الانقلابية، وهذا الرئيس الحر هو الرئيس الوحيد في العالم الذي ثار على جرائم الجيش الإرهابي ونفذ قرار ثورته فطرد سفير “إسرائيل” من بلاده، فالحر نصير الأحرار أينما كانوا.

فهل عرفت أيها العربي مقامك عند حكومتك؟

صدقني إذا تعرضت أي دولة من الدول العربية لما تتعرض له غزة فلن تجد وزيراً يدافع ويصمد كما تصمد حكومة حماس، فالوزراء العرب ليسوا إلا موظفين لدى الرئيس أو الملك أو الأمير وإذا تعرض سيده أو وطنه إلى مثل هكذا محنة فإنه سوف يهاجر ويترك فهو غير معني بالدفاع إنه معني بالمغنم من المنصب الذي يقبض عليه لا أكثر ولا أقل، فإذا كان عندك أيها العربي شك بهذا فراجع نفسك فهذه لحظة لمراجعة الذات فإذا تأخرت عنها فإنك سوف تفشل في أي لحظة قادمة، فقد حان وقت القطاف والثورة على السجانين من أبناء جلدتك، فإما أن يعبروا عنك وعن حقك في العيش الكريم وإما أن يرحلوا مع أسيادهم المنهزمين بيد الأبطال المقاومين، إلا من كان منهم مع حقوق الأمة ووقف معها ونصرها دون أن يخشى عاقبة الموقف الوطني والقومي والإنساني الشجاع.

كاتب سوري وباحث في علم السياسة والقانون الدستوري

جامعة محمد الخامس – الرباط

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات