السبت 10/مايو/2025

مصالحة على إيقاع التشهير

مصالحة على إيقاع التشهير

صحيفة الدستور الأردنية

كل هذا الهدوء الذي يفتعله كبير المفاوضين في تصريحاته عن حركة حماس في الفضائيات منذ الهجوم على قطاع غزة لا يجد له أي صدىً على أرض الواقع، لكأننا إزاء جزر معزولة في الضفة الغربية لا صلة لإحداها بالأخرى، الأمر الذي ينطبق على الخطاب الناعم لعدد محدود من رموز حركة فتح. وقد تأكد ذلك إثر انطلاق الهجمة العاتية من طرف رموز السلطة، والتي تهدف بالطبع إلى تشويه حركة حماس بعد المكاسب الشعبية التي حققتها خلال المعركة الأخيرة.

المهم أن القوم يركزون الحديث عن المصالحة، وقد بدأ ذلك بعد أيام من العدوان حملوا خلالها مسؤولية المجزرة لحركة حماس، وبالطبع بسبب رفضها تمديد التهدئة مع العدو (لو مددتها لقالوا إنها فعلت ذلك حماية لرؤوس قادتها)، لكن هذا الحرص اللافت على المصالحة لم يترجم حتى الآن في السلوك اليومي على الأرض، لا نعني هنا قمع المظاهرات أثناء العدوان والعمل بجد واجتهاد ضد أي شكل من أشكال الانتفاضة ضد المحتلين الذي كانوا يصبون حمم قذائفهم على الأشقاء أو الأهل في قطاع غزة، بل نعني عدم التوقف عن حملة الاعتقالات بحق عناصر حركة حماس، فضلاً عن الإفراج عن المئات من المعتقلين، أو إعادة النظر ولو جزئياً في الإجراءات الكثيرة التي اتخذت ضد المؤسسات الاجتماعية القريبة من الحركة، والتي جرى تحويلها إلى عناصر من فتح يعرف الجميع ما الذي سيفعلونه بها بمرور الوقت.

لن نتحدث هنا عن وقوف السلطة مكتوفة الأيدي ضد دخول القوات الإسرائيلية بشكل يومي لمدن الضفة وقراها ومخيماتها لاعتقال عناصر حماس والمقاومة، فذلك موقف لم نتوقع سواه، حتى في تلك المناطق التي جرى تحويل مهماتها الأمنية للشرطة التي دربها وأشرف عليها الجنرال دايتون.

وما يعنينا هو الاعتقالات التي تتفرد بها السلطة مشفوعة بالتعذيب وانتزاع الاعترافات وتحويلها للجهات الإسرائيلية، والتي توقعنا أن تتوقف، بل أملنا أن يبادروا تحت وطأة العدوان على قطاع غزة إلى الإفراج عن كافة المعتقلين كنوع من الاحتجاج، لكن ذلك لم يحدث، حيث واصلوا أعمالهم كالمعتاد، مضافاً إليها ما فرضته الأحداث من تطورات مثل قمع المتظاهرين والحيلولة دون وصولهم إلى الحواجز الإسرائيلية والاشتباك مع الجنود الصهاينة هناك.

لتبرير ذلك كله، نسمع همساً يدور في أوساط حركة فتح يتعلق بدور حكومة سلام فياض وسيطرتها على الملف الأمني والمالي، لكننا لا نسمع من قياداتها (أعني فتح) أية إدانة للاعتقالات بحق حركة حماس على سبيل المثال.

في ضوء ذلك كله، كيف لنا أن نصدق دعوات المصالحة، أم أن الإبقاء على المعتقلين، إضافة إلى المؤسسات التي جرى اغتيالها هي أوراق ضغط ستوضع على طاولة الحوار، مع أننا نشك في ذلك، لأننا ندرك أن ما يجري هو جزء من وفاء السلطة بالتزاماتها الطبيعية، حتى لو جرى تنفيذها بإضافة بعض نكهات الثأر، على اعتبار أن حماس برأيهم لا تعادي الإسرائيليين وإنما تعد العدة للانقضاض على السلطة في الضفة كما فعلت في القطاع؟.

حالة تثير الأسى تتعلق في جوهرها بحركة فتح أكثر من أي شيء آخر، فما يجري محسوب عليها، ولا قيمة هنا لحكاية الحكومة ومحاولة تحميلها المسؤولية، فهي في نهاية المطاف حكومة الرئيس، وإذا قيل إنه لا يمون عليها، فتعالوا نقرأ الفاتحة على الحركة التي أطلقت المشروع الوطني الفلسطيني، مع أن الكثيرين قد فعلوا ذلك منذ سنوات عندما آلت، هي التي تسمي نفسها حركة تحرير، إلى قوم لا يؤمنون بالمقاومة سبيلاً للتحرير، بل يعتقد بعضهم أن التحرر قد وقع باستثناء بعض التفاصيل التي تحل بالمفاوضات وتبويس الخدود.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات