السبت 10/مايو/2025

وحدة الهدف قبل وحدة الصف

وحدة الهدف قبل وحدة الصف

صحيفة البيان الإماراتية

«من أجل فلسطين» وما وقع على أرضها في غزة من عدوان إجرامي لعصابات الجيش الصهيوني الإرهابي، عقد القادة العرب في يناير عام 2009 ثلاث قمم سياسية عربية استثنائية غير جامعة، على مستويات مختلفة وتحت لافتات مختلفة ولأهداف مختلفة بعضها معقول وبعضها مقبول وبعضها مجهول!

الأولى عربية إسلامية في الدوحة بدعوة سورية كرئاسة للقمة العربية ولكن باستضافة قطرية، والثانية عربية خليجية في الرياض بدعوة سعودية، والثالثة عربية أوروبية في شرم الشيخ بدعوة مصرية فرنسية، قبل القمة العربية الجامعة تحت علم الجامعة العربية للممانعين والمعتدلين لأهداف تنموية اقتصادية عربية غاية الأهمية باستضافة كويتية.

و«من أجل فلسطين» كانت الدعوة المصرية في يناير عام 1964 لعقد أولى القمم العربية في القاهرة لمواجهة التحدي العدواني الإسرائيلي، رغم حالة الانقسام العربي بين المحافظين والثوريين بلغ حد المواجهة العسكرية على الأرض اليمنية، وارتفع معها بالاستجابة كل القادة العرب على اختلاف مواقفهم ليلتقي الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر مع الملك السعودي الراحل سعود بن عبد العزيز، وليشهد المؤتمر مصالحات عربية موضوعية بين الأشقاء الألداء سعياً لوحدة الهدف.

وانعكست هذه المصالحات حول وحدة الهدف العربي على القرارات البالغة الأهمية التي صدرت، وقادت إلى وحدة الصف العربي، بوحدة الاستجابة العربية للتحدي العدواني الصهيوني الواحد، سواء ضد قضية الشعب الفلسطيني أو ضد الأمن المائي العربي أهم محاور الأمن القومي العربي.

والفارق بين أول قمة عربية في القاهرة وآخر قمة عربية في الكويت من أجل فلسطين هو أن وحدة الهدف العربي سبقت السعي لوحدة الصف العربي، فتجاوزت القمة الأولى حالة الانقسام العربي ونجحت في توحيد الهدف والصف معاً، فأمكن وضع خارطة طريق عربية للتصدي الجماعي للتحديات الصهيونية، والخروج بقرارات جماعية قوية وبأسقف عالية بمستوى القمة.

تمثلت باستعادة العمل العربي المشترك والارتفاع به إلى مستوى القمة، وتجسيد الكيان الفلسطيني في منظمة التحرير الفلسطينية، وإنشاء القيادة العربية الموحدة للجيوش العربية، ووضع الخطط العربية المشتركة للتصدي لمخططات “إسرائيل” لسرقة المياه العربية. بينما سبق السعي المشكور والمقدر لملك السعودية وأمير الكويت والنابع من روح عربية وإسلامية عالية لامست سقف القمة إلى وحدة الصف في القمة العربية الأخيرة قبل التوافق على وحدة الهدف، ضبابية وتواضع في الهدف وانقسام وتراجع في الصف!

ورغم إيجابية المصالحة الشخصية في السطح لا المصالحة الموضوعية باتفاق في العمق، كان لقاء الغداء السباعي المبارك دون التوافق على القواسم المشتركة وهي الأكثر والأهم والأكثر إلحاحاً من أي قواسم فارقة في هذا الظرف المصيري التاريخي لكل العرب المعتدلين والممانعين، صورة جميلة اشتاق الشعب الفلسطيني والعربي كثيراً لما بعثت به من دفء، أكثر من كونها صورة أصيلة واقعية تنفي الانقسام وتبعث بالطمأنينة!!

وبينما ليست هناك قضية عربية أولى بالوحدة في الهدف من القضية الفلسطينية، وليس هناك نداء لوحدة الهدف أقدس من ندائها، وليس هناك ما هو أكثر خطراً من تحدي عدوها لاستجابتها للتحدي باتحاد صفوفها. فإن ما يبذل من جهود مخلصة للوحدة العربية توفيراً للقوة العربية ومن تضحيات عربية من أجل فلسطين هو في النهاية حماية للمصير العربي، وما يبذل من جهود مخلصة للوحدة الوطنية الفلسطينية توفيراً للصمود الوطني الفلسطيني، ومن تضحيات فلسطينية هو في النهاية حماية للأمن القومي العربي.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات