السبت 10/مايو/2025

الحرب التي فضحت وجه إسرائيل الأسود

الحرب التي فضحت وجه إسرائيل الأسود

صحيفة الدستور الأردنية

لاحظت جريدة «نيويورك تايمز» أن البراعة المهنية الإعلامية وطغيان التعاطف في وسائل الإعلام الأمريكية والغربية مع “إسرائيل” لم يستطيعا هذه المرة أن يغطيا على هول الممارسات الإجرامية والإرهابية بحق الأبرياء بشكل عشوائي ومتعمد.

وكما هو واضح فإن تفاعلات المحرقة الرهيبة التي ارتكبت ضد غزة لا زالت تتفاعل في كل مكان بما في ذلك في الغرب وحتى في أوساط اليهود أنفسهم الذين يرون أن “إسرائيل” فقدت أعصابها وشطبت كل القيم الأخلاقية ومنها هذا المقال للكاتب جدعون ليفي:

تكشف هذه الحرب، ربما أكثر من سابقاتها، التيارات الداخلية الحقيقية في أعماق المجتمع الإسرائيلي، وترفع العنصرية والكراهية رأسيهما، وكذلك غريزة الانتقام والعطش إلى الدماء، إنها «روح القائد» الآن في جيش الدفاع «لقتل العدد الأكبر»، كما يصفها المراسلون العسكريون في التلفزة، وحتى لو أن هذه الروح هي لمقاتلي حماس، فقد تقشعر لها الأبدان.

يبرر العنف والوحشية المنفلتين على أنهما «وسائل للاحتراس» حتى ميزان الدم المشوه، نحو مئة قتيل فلسطيني مقابل القتيل الإسرائيلي الواحد، لا يثير أي تساؤل، ونقر، من خلال العنصرية المغروسة فينا كأننا قطعنا، بأن دمهم أرخص مئة مرة من دمنا.

اليمين، القومية، الشوفينية، والعسكرية هي السمة الشرعية الوحيدة في المدينة، الإنسانية والرأفة بعيدتان عنا، فقط في هامش المعسكر يسمع صوت الاحتجاج – غير الشرعي والمنبوذ وغير المغطى «إعلامياً» من مجموعات صغيرة وشجاعة من اليهود والعرب.

هنالك إلى جانب كل هذا صوت مختلف، الأسوأ ربما من كل الأصوات، إنه صوت الأخلاقيين والملونين، حيث يشكل زميلي آري شافيط الناطق باسمهم، فقد كتب تحت عنوان «هنالك حاجة لخطوة إنسانية» يقول: «الهجوم الإسرائيلي على غزة شرعي. فقط مبادرة إنسانية كريمة، يمكنها أن تبرهن أنه حتى أثناء هذه الحرب القاسية التي فرضت عليها فإننا نتذكر أن هناك أيضاً حياة وبشراً في الجهة الأخرى».

لا يهم الثمن لدى شافيط، فهو يدافع عن مصداقية هذه الحرب وقطع بوجوب عم الانهزام فيها، ولا تهمه حقيقة أن لا انتصارات عادلة في حروب كهذه، وهو يتجرأ في الوقت ذاته، على أن يعظ لبعض «الإنسانية».

هل يريدنا شافيط أن نقتل ونقتل، وأن نبعث بعد ذلك مستشفيات ميدانية وأدوية لمعالجة الجرحى؟ فهو يعرف أن الحرب، ضد مواطنين لا حيلة لهم، ربما الأضعف في العالم، ولا يملكون مكاناً يلجأون إليه، من شأنها أن تكون أكثر قسوة ومقتاً، نقصف القنابل على البيوت ونعالج المصابين في ايخيلوف: نقصف أماكن اللجوء البائسة في مدارس الأمم المتحدة، ونرمم المعاقين في بيت ليفنشتاين، نطلق النار ونبكي، نقتل ونندب، نبيد نساء وأطفالاً مثل ماكنات قتل أوتوماتيكية، ونحافظ أيضاً على إنسانيتنا.

لكن الواقع أنه لا يوجد أمر كهذا، هناك تلون وتظاهر بالأخلاقية المستفزة، المتقاتلون الذين يدعون إلى الضرب والقتل أفضل من هؤلاء، فهم مستقيمون وصادقون على الأقل.

لا يمن أكل هذه الكعكة والإبقاء عليها، فلك المآسي التي لحقت الآن بغزة هي من فعل الإنسان، من فعلنا، ولا يمكن تقديم المساعدة بأيد ملطخة بالدم، فمن خلال الوحشية لا يمكن أن تبزغ الرحمة، لكن هناك من يرغب «بهذا وذاك» أن يقتل ويهدم دون تمييز وأن يخرج نظيفاً من الحكاية أيضاً، وبضمير تقي، أن يكون مع وأن يشعر بدون: مع جرائم الحرب وبدون الإحساس بذنبها الثقيل، إنها أمنية وقحة، من يدعو إلى هذه الحرب مؤمناً بمصداقية المجزرة التي تزرعها، لا يملك أي حق بأن يتحدث عن الأخلاق والإنسانية، لا يوجد وحش كهذا، يقتل ويعالج.

فمن يبرر هذه الحرب يبرر جرائمها أيضاً، ومن يعتبرها حرباً وقائية عليه أن يتحمل مسؤولية نتائجها الضميرية، ومن يشجع السياسيين والعسكر للمضي في هذه الحرب عليه أن يحمل وصمة الخزي التي ستطبع جبينه بعد الحرب، فكل مؤيدي الحرب هم مؤيدي للفظاعة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات